تنقضي غدا المهلة التي منحتها دول اللجنة الاقتصادية لغرب إفريقيا بإعادة النظام الدستوري في مالي مما يزيد من شدة الخناق حول الانقلابيين الذين يواجهون تمردا مسلحا خطيرا في شمال البلاد. وفي ضربة قوية أخرى للانقلابيين العسكريين في مالي؛ هاجمت الجماعات المسلحة الإسلاموية أمس مدينة غاو أهم مدن شمال مالي والتي تضم مقر هيئة أركان الجيش المالي لكل المنطقة الشمالية. ويأتي هذا الهجوم بعد يومين من سقوط مدينة كيدال في يد المتمردين وهي التي تمثل إلى جانب غاو ومدينة تمبوكتو التجارية إحدى المراكز الإقليمية الثلاث الرئيسية لشمال مالي. وسقوط هذه المدن تباعا في يد المتمردين الإسلاموين المدعومين بتمرد الطوارق معناه سيطرتهم على شمال مالي مما يسمح لهم بفرض منطقهم، خاصة وأن جماعة ''أنصار الدين'' الموالية لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي أعلنت عن سعيها لتطبيق الشريعة في مالي. وما يبعث على القلق أن قائد الانقلاب، النقيب امادو سانوغو، برر انقلابه على الرئيس امادو توماني توري بعجز نظامه عن مواجهة التمرد المسلح في الشمال ليشكل انقلابه فرصة استغلتها الجامعات المسلحة للزحف على عدة مناطق لم يتمكن الجيش المالي من صدها. وهو ما جعل دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ''إيكواس''، التي أمهلت الانقلابيين أول أمس 72 ساعة لإعادة النظام الدستوري إلى سابق عهده، تضع في حالة استنفار قوة مسلحة قوامها ألفا رجل. وقال رئيس كوت ديفوار الحسن وتارا الذي يضمن حاليا الرئاسة الدورية للمجموعة ''وضعنا قوات الطوارئ في المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في حالة استنفار''، مؤكدا أنه يريد ''الحفاظ على وحدة مالي مهما كان الثمن''، وأضاف أن ''لدينا ألفا رجل في تلك القوات ولدينا تجهيزات وطلبنا من المجتمع الدولي أن يدعمنا ويدعم مالي''. ولم يكشف بشكل واضح عن مهمة هذه القوة إذا كان سيتم نشرها بالعاصمة باماكو من أجل دحر الانقلابيين أم أنها ستعمل على التصدي لزحف المتمردين في شمال البلاد. لكن الرئيس وتارا أكد بالمقابل أنه وإلى جانب قادة دول المجموعة يريدون ''تفادي الحرب''، وقال إذا عادت الشرعية وأدركت تلك الحركات المسلحة أن ثمة تعبئة إقليمية ودولية فإنها ستغادر كيدال فورا''. وتتمسك مجموعة ''إيكواس'' بفرض العقوبات على الانقلابيين لإرغامهم على إعادة النظام الدستوري إلى سابق عهده رغم أن هؤلاء أقروا بأن الوضع جد حرج على خلفية عدم قدرتهم على مواجهة تمرد الطوارق والجماعات المسلحة الذي تصاعدت وتيرته بشكل خطير منذ تاريخ الانقلاب العسكري في 22 مارس الماضي، وطالبوا من وصفوهم بأصدقاء مالي والمجموعة الدولية بمساعداتهم لاحتواء هذا التمرد. لكن نداءاتهم لم تلق آذانا صاغية بل إن المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والتي كانت مالي عضوا فيها قبل تعليق عضويتها، هددت الانقلابيين ''بحظر دبلوماسي ومالي'' إذا لم يعودوا إلى النظام الدستوري بحلول يوم غد على أبعد تقدير. يذكر أن منظمة ''إيكواس'' هي مجموعة مكونة من 15 دولة وتأسست عام 1975 في مدينة لاغوس العاصمة القديمة لنيجيريا ومهمتها الأساسية دعم التعاون الاقتصادي بين دول غرب إفريقيا وتضم كلا من نيجيريا، بينين، بوركينافاسو، الرأس الأخضر، كوت ديفوار، غامبيا، غانا، غينيا، غينيا بيساو، ليبريا، مالي، النيجر، السنغال، سيراليون وتوغو، وكانت موريتانيا أحد أعضاء المنظمة، لكنها انسحبت منها عام .2000