رافق رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أول أمس الخميس جثمان الرئيس الأسبق الراحل أحمد بن بلة خلال نقله إلى قصر الشعب بالجزائر العاصمة، حيث تم إلقاء النظرة الأخيرة عليه من قبل المواطنين والشخصيات الوطنية والمجاهدين وأفراد الأسلاك النظامية، وأقيمت أمسية تأبينية ترحما على روح الفقيد، الذي ووري الثرى بعد ظهر أمس بمقبرة العالية. ووقع السيد بوتفليقة الذي كان مرفوقا بأعضاء من الحكومة ومسؤولين سامين في الدولة سجل التعازي، الذي كتب فيه ''يعز علي أن أخط هذه الكلمات التي تعجز كل العجز عن التعبير عما في نفسي من حرقة أليمة ومحاولا تعزية نفسي والجزائر في مصابنا هذا الجلل في هذا العظيم المرموق من عظمائنا''، مبرزا خصال الفقيد احمد بن بلة الذي وصفه ب''القائد الرمز الذي كان وظل في مقدمة الصفوف المكافحة على الدوام من أجل عزة الجزائر وكرامتها''. وأشار الرئيس بوتفليقة إلى أن ''الكلام مهما كان بليغا لا يفي بما يستحقه من إكبار وثناء، نضال هذا الرجل الفذ وتفانيه من أجل تخليص وطنه وشعبه من الاحتلال الأجنبي البغيض''، مؤكدا بأن الفقيد كان وسيظل واحدا من الرموز الوطنية البارزة، وسيبقى للأجيال المتعاقبة مدرسة خالدة شامخة المبنى وساطعة المعنى، ينهل من جنباتها معنى حب الوطن ونكران الذات في سبيله''. وقد أقبل المئات من الجزائريين من مختلف الفئات في جو من الخشوع على قصر الشعب من أجل إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان أول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة الذي وافته المنية مساء الأربعاء عن عمر يناهز 96 سنة، حيث تم نقل جثمان الراحل من منزله إلى قصر الشعب في حدود الساعة الحادية عشرة صباحا وهو مسجى بالعلم الوطني. وإلى جانب الشخصيات السياسية والتاريخية والثقافية كان من بين الذي وقفوا لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الراحل أحمد بن بلة مواطنون بسطاء، ولا سيما من الذين عايشوا الثورة التحريرية وعاصروا المرحوم فأحبوه وتأثروا بمواقفه وخطبه وأفكاره، حيث وقف الجميع بقلوب خاشعة وعيون دامعة أمام جثمان الرئيس الأسبق لقراءة فاتحة الكتاب والدعاء له بالرحمة. كما سادت أجواء الخشوع الأمسية التأبينية التي حضرتها عائلة وأقارب الفقيد والتي تخللتها تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم من طرف عدد من الأئمة ترحما على روحه الطاهرة. وتواصلت مراسم الترحم على روح الفقيد بقصر الشعب صبيحة أمس الجمعة، حيث تم فسح المجال واسعا أمام الوافدين الذين كانوا يدخلون جماعات وفرادى القاعة التي عرض بها جثمان الرئيس الأسبق وسط ترتيل القرآن الكريم.وبنبرة حزينة استحضر ياسف سعدي مسؤول المنطقة الحرة للجزائر العاصمة أثناء الثورة التحريرية علاقته بالفقيد بن بلة واصفا إياه بالرمز الذي يبقى خالدا في سماء الجزائر وتاريخها. فيما أبرز الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السيد السعيد عبادو مناقب الرجل وخصاله ودعا الشباب إلى الاستفادة من مساره التاريخي الكبير من اجل التغلب على المصاعب التي تواجهه في مسار بناء الجزائر قوية موحدة وعادلة. بدوره اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم السيد ابوجرة سلطاني ان الفقيد ''قمة عالية'' في الجزائر كونه ''أول من جلس على كرسي الدولة الجزائرية بعد أزيد من قرن وربع قرن من الاستعمار فترك بذلك بصمته في قلوب الجزائريين وعاش متسامحا مع الجميع''، كما قالت الأمينة العامة لحزب العمال ان الفقيد ''لا يعد جزءا من تاريخ الجزائر فحسب باعتباره أول رئيس لها بل يتعدى نضاله النطاق الوطني إلى القارة الإفريقية وأمريكا اللاتينية والبشرية جمعاء''. وبصوت حزين ينم عن الحسرة لفقدان المجاهد الكبير استحضر أسقف الجزائر السابق هنري تيسي ذكرياته مع المرحوم، مذكرا بأنه تعرف عليه قبل اعتقاله أثناء الثورة التحريرية وأنه عايش معظم الاجراءات التي اتخذها الرئيس بن بلة بعد الاستقلال ومنها على وجه الخصوص تأميم الأراضي التي كانت تابعة للمعمرين الفرنسيين في الجزائر. وأشار أسقف الجزائر السابق إلى أن الرئيس الراحل احمد بن بلة كان يحضر المناقشات التي كانت تجرى في نادي السينما بالجزائر العاصمة مسجلا التواضع الكبير الذي كان ميزة المرحوم. كما أكد العديد من المواطنين والمواطنات أن اسم الرئيس الراحل احمد بن بلة يذكرهم بالتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الجزائري من اجل انتزاع الحرية وكذا الأيام الأولى لاستقلال الجزائر بعد تقديم فاتورة غالية الثمن.