باتت الكثير من المحلات التجارية، خاصة محلات البقالة وبيع الخضار، تعرض منتجاتها أمام محلاتها، متجاوزة مكانها المخصص ومحتلة بذلك الرصيف أو الشارع، وبالتالي، التعدي على حق من حقوق المواطن. والأمر سيان بالنسبة للمقاهي التي أدخلت ''خدمة'' جديدة ضمن نطاق الامتياز، وهي ''قهوة في الهواء الطلق''، بعد أن احتل أصحاب تلك المقاهي رصيف المشاة، بوضع طاولات وكراسي دون حسيب أو رقيب! ألقت ظاهرة احتلال الأرصفة من طرف التجار وأصحاب المقاهي بظلالها على المشهد الحضاري للمدينة، وساهمت في نشر الفوضى والازدحام، خاصة إذا كانت هذه الظاهرة على شارع رئيسي، ما يؤثر على جمالية المدينة وتراجع صورتها السياحية، فبعض البائعين لا يجدون حرجا في أن تحتل بضاعتهم الرصيف الأمامي لمحلاتهم، فيضطر المواطن المار بالشارع أن يستعيض عن الرصيف بالنزول والمشي على الطريق المخصص للسيارات، أو ربما يضطر إلى المشي تارة بالشارع، والصعود على الرصيف تارة بين كل خطوة وأخرى! وقد تحدث بعض المواقف المزعجة بين المشاة بسبب تلك الوضعية؛ كالازدحام بين الناس واصطدامهم ببعضهم لعدم معرفتهم كيفية تجاوز الطريق، بسبب بضاعة المحلات من جهة، والسيارات من جهة أخرى. كما قد يضطر المواطنون أحيانا للسير على طريق السيارات، لتجنب ارتطام رؤوسهم بمعروضات تتدلى من واجهات المحلات، فما ذنب المواطن إذا كان البعض يتجاوزون حرمة الطريق غير آبهين بحقوقه البسيطة في المشي على الرصيف؟ يقول مواطن، وهو موظف في مجال البريد بساحة الشهداء بالعاصمة، أنه نسي كلمة رصيف منذ وقت طويل، ويتحدث عن أرصفة هذه الساحة بأكملها، حيث أصبحت ''محتلة'' تماما من طرف التجار الموسميين إلى درجة الفوضى، ولا يقتصر الأمر على التجار الموسميين، حسب المتحدث، وإنما يتعداه لأصحاب المحلات التجارية، خاصة الألبسة النسائية ممن يعتمدون صف بضاعتهم، وهي على دمى خاصة على الرصيف المحاذي لمحلاتهم، لجلب الأنظار، وإذا حدث وارتطم مواطن بإحدى تلك الدمى وسقطت أرضا، تبدأ المناوشات، وطبعا يكون المواطن هنا هو ''المعتدي''! ويقول مواطن آخر؛ إن ''العادي حاليا أن كل صاحب مقهى لا يجد حرجا في استخدام الرصيف الذي أمامه لتوزيع المقاعد والموائد عليه لتوسيع نشاطه، فيصبح مقهى ومطعما في آن واحد، لاغيا وجود الرصيف تماما، ولا تتدخل أي جهة لإعادة النظام للحياة اليومية''. في حين يرى مواطن آخر أنه ''صار من السهل جدا معرفة أماكن تواجد دكاكين البقالة من تلك السلع المرصعة على الرصيف، سواء سلل الخبز أو صناديق المشروبات الغازية أو حتى قارورات الماء المعدني المتراصة الواحدة أمام الأخرى، ولسان حال البائع يقول؛ إن الرصيف من حقه بما أنه في الحدود المباشرة مع محله!''. ويعلّق مواطن آخر على هذه الظاهرة قائلا؛ إن أزمة التعدي على الأرصفة تكمن في عجز القانون عن توفير الحماية له. من جهة أخرى، أصبح الكثير من الناس من أصحاب السيارات يحجزون الطريق كمواقف لسياراتهم دون أدني اهتمام بالآخر، فيأتي صاحب السيارة ويضع عموداً وسلاسل معدنية على الطريق كي يخصص هذا المكان لسيارته عندما يأتي، وكأن الشارع باسمه، حتى أن بعض أصحاب المحلات يقومون بهذا العمل. كما أن صورة أخرى تظهر كيف لا يجد أحدهم حرجا في ركن سيارته فوق الرصيف دون أدنى إحساس بالحس الحضاري.. وكأن الرصيف لا يكفيه ما يشهده من افتراش الباعة للملابس والخضار والحفريات المتوزعة كل بضعة أمتار بحجج أعمال الصيانة.. يبدو أنه يجب على المواطن إعادة النظر في استعمال هذا الرصيف أو ذاك، حتى يستطيع بلوغ مقصده سالما دون إصابته ب''قذيفة'' من صاحب محل اصطدمت به، أو سيارة مركونة ظهرت في وجهه فجأة!!