ينتظر المصريون، اليوم، بترقب شديد قرار المحكمة العليا الدستورية الذي سيفصل في مدى دستورية قانون ممارسة الحقوق السياسية والمعروف إعلاميا ب ''قانون العزل السياسي'' قبل يومين من إجراء الدور الثاني من انتخابات رئاسية تبقى نتيجتها النهائية حاسمة في تحديد مستقبل مصر. وتنتاب الشارع المصري مخاوف مما سيترتب من ردود أفعال على قرار بعزل أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد النظام المنهار أو استمراره في المنافسة الانتخابية. وتطرح ثلاثة سيناريوهات فيما يتعلق بقرار المحكمة، اثنان منها يقضيان بعزل أحمد شفيق بصورة تلقائية وبالتالي بطلان نتائج الدور الأول للانتخابات، مما حتم إعادتها من جديد وذلك في حالة إقرارها بدستورية قانون العزل. وهو الأمر ذاته في حال نطقت المحكمة الدستورية بعدم اختصاص اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بإحالة قانون العزل على المحكمة الدستورية، مما يعني أن اللجنة باعتبارها ''لجنة إدارية'' كان عليها تطبيق القانون منذ البداية بمنع أحمد شفيق من استكمال السباق الرئاسي دون النظر في الطعن. وفي هذه الحالة تقرر المحكمة إقصاء أحمد شفيق وإبطال الانتخابات وإعادتها من جديد وفق ما تقرره اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. ويقضي السيناريو الثالث أن تقرر المحكمة الدستورية عدم دستورية قانون العزل وإحالته عليها من طرف لجنة الانتخابات غير قانوني وبالتالي بطلان قانون العزل بما يفتح الباب أمام إجراء الدور الثاني بين محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين والجنرال أحمد شفيق. من جهة أخرى؛ ستنظر المحكمة، أيضا، في دستورية قانون انتخاب مجلس الشعب قبل إصدار حكمها إما بالإبقاء عليه أو إبطاله وإعادة انتخاب جزء من نوابه أو حل البرلمان كله، وهو القرار الذي قد يعيد مصر إلى نقطة البداية. واشتد هذا الجدل يومين قبل توجه المصريين إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيسهم الجديد في دور ثان من انتخابات رئاسية تنحصر المنافسة فيه بين الإسلامي محمد مرسي وأحمد شفيق آخر رئيس حكومة في عهد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ضمن ما أصبح يعرف بمواجهة الشيخ والجنرال. ويستفيد محمد مرسي، البالغ من العمر 60 عاما، من دعم الإخوان المسلمين وهو الذي تحصل على 7,24 بالمائة من الأصوات المعبر عنها خلال الدور الأول من الانتخابات الرئاسية. بالمقابل؛ يسعى أحمد شفيق المحسوب على النظام السابق إلى كسب دعم الأحزاب اللائكية والطائفة القطبية وكل أولئك المتخوفين من إمكانية هيمنة الإخوان المسلمين على كل دواليب السلطة في البلاد، خاصة وأنهم يهيمنون على البرلمان بغرفتيه، مجلس الشعب ومجلس الشورى. وكان شفيق الذي تحصل على 6,23 بالمائة قد شن هجوما شرسا ضد منافسه محمد مرسي وحركة الإخوان بعد أن اتهمهم بالوقوف وراء أعمال العنف الدامية التي صاحبت المظاهرات الشعبية خلال ثورة ال 25 جانفي التي أطاحت بنظام مبارك وأنهم كانوا وراء الهجوم الذي استهدف مقره الانتخابي بقلب العاصمة المصرية مباشرة بعد إعلان نتائج الجولة الأولى. ورفع شفيق (70 عاما) ما وصفه ب ''الخطر الإسلامي'' لاستغلاله كورقة رابحة في الجولة الثانية من الانتخابات إلى درجة أنه اعتبر -مؤخرا- أن الناخبين المصريين اقترفوا ''خطأ'' خلال الشتاء بجعل حركة الإخوان القوة البرلمانية الأولى. لكن محللين سياسيين مصريين يرون في الثنائي مرسي-شفيق أنه أسوء السيناريوهات الممكنة باعتبار أن المرشحين الاثنين لم يحصلا على نسب معتبرة خلال الجولة الأولى من الرئاسيات والفارق بينهما لم يتجاوز الواحد بالمائة. وهو ما جعل هؤلاء يرون أن أغلبية الشعب المصري لم يصوت لا على مرسي ولا على شفيق وأن فوز مرسي سيفتح الباب واسعا أمام الإخوان المسلمين لتطبيق برنامجهم الذي ترفضه قطاعات واسعة من الشعب المصري وأيضا فوز شفيق معناه عودة نظام كان المصريون قد دفعوا الثمن باهظا من أجل الإطاحة به. وأمام هذا المأزق فإن نشطاء الديمقراطية بدأوا في إطلاق دعوات باتجاه 50 مليون ناخب مصري لمقاطعة الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية أو التصويت بورقة بيضاء لتأكيد رفضهم لكلا المرشحين. لكن الإسلاميين الذين يسيطرون على غرفتي البرلمان تمكنوا أيضا من الهيمنة على اللجنة التأسيسية لإعداد وصياغة نص الدستور الجديد بعد أن استحوذوا على حوالي 60 بالمائة من مقاعد اللجنة التي انتخب أعضاؤها المائة أول أمس وهو ما سيسهل عمل الإخوان في إعداد نص دستوري وفق رغباتهم.