على هامش المنتدى الوطني لرواد الكشافة الإسلامية الجزائرية المنعقد مؤخرا بالعاصمة، التقت ''المساء'' بعميد رواد الحركة، المجاهد محمد رضا بسطنجي، الذي حدثنا عن مسار عقود أمضاها في العمل التطوعي تحت لواء الكشافة، ولم ينس توجيه رسالة إلى شباب اليوم ليتحلى بروح الوطنية خدمة لوطنه. اقترن اسم بسطنجي بالحركة الثورية والكشفية في آن واحد، كون هذا الاسم حمله مناضلون ضحوا بأرواحهم من اجل الجزائر، ومن اجلها يعيش اليوم من يحمل رسالة يعتبر نفسه مُؤَمّنا على توصيلها لأجيال من شباب الجزائر، إنه عميد رواد الكشفيين محمد رضا بسطنجي، الذي أمضى ما يزيد عن 70 سنة في حركة الكشافة الإسلامية الجزائرية التي التحق بصفوفها عام 1942 وهو بعد في17 سنة من عمره. يروي الرائد بسطنجي ل''المساء'' كيف التحق بالكشافة بعد ان تحايلت عليه كثيرا في ذلك، وهو يقول: ''إيه.. إنه حديث طويل لا يمكنني اختصاره في بضع دقائق، لأن ذاكرتي تحمل الكثير من الذكريات والمحطات التي عايشتها سواء في الكشافة أو إبان ثورة التحرير وحتى بعد الاستقلال''. يصمت قليلا ثم يقول : ''يا ابنتي لقد التحقت بصفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية سنة 1942بالجزائر العاصمة، وطبعا شاركت ضمن الثورة التحريرية، وانقسمت مشاركتي في النضال النوفمبري ما بين الجزائر والمغرب وفرنسا، أما التحاقي بالحركة الكشفية، فقد كان بمحض الصدفة حينما اخبرني زميل لي في الدراسة الثانوية انه قد انضم إلى الكشافة، ولم افهم وقتها بعض ما شرحه لي ذاك الزميل، ولكني اكتشف واقعا آخر أكثر صدقا وعمقا من ناحية الأخلاق والآداب العامة والمبادئ عندما التحقت بالحركة الكشفية''. قال محدثنا ذلك وهو يسترجع ذكريات إعجابه، بل انبهاره بروح التآخي والقيم الدينية والوطنية التي كان القادة وقتها يحاولون غرسها في نفوس الكشفيين، كان يعتريه شغف كبير للتوجه إلى قسمه الكشفي، واستذكر بعضا من رفاقه: محمد وعلي ومصطفى وعبد القادر ويوسف وغيرهم كثير من أشبال الحركة، الذين كانوا يتلهفون لدروس رواد الكشافة آنذاك، والنهل من المعلومات والمبادئ الكثيرة التي بقيت عالقة بذهنه.. كذلك يستذكر الرائد بسطنجي تلك المساعدات التي كان يقدمها كمتطوع كشفيّ سواء لعموم المواطنين أو لمجاهدي الثورة. ويتحدث الرائد كذلك عن الكشافة الجزائرية إبان الثورة، التي قال عن أهدافها أنها كانت محصورة، خاصة في إعداد الشباب لحمل السلاح والذود عن الجزائر، دون إغفال الجانب الاجتماعي من تقديم الإعانات والمساعدات لمُحتاجيها، أما بعد الاستقلال فإن أهداف الحركة أخذت منحى آخر ولكنه يصب دائما في مصلحة الجزائر، ويتحدد أساسا في المشاركة في كل الفعاليات التي تهدف إلى خدمة الفرد والمجتمع، وهو ما يتجلى حقيقة في العمل التطوعي الذي قال عنه بسطنجي انه يكتسي مكانة هامة في الحركة الكشفية والمجتمع ككل، كونه يضمن التكافل بين فئاته ويعزز روح التضامن في كل الأوقات وليس أيام الكوارث فحسب. وقد واكب محدث ''المساء'' ذو 87 سنة تطور العمل الطوعي، وقال انه اليوم أصبح منظما أكثر، يتجلى ذلك في عديد المؤسسات والجمعيات الخيرية المهتمة بتقديم العون لفئات مختلفة من المجتمع. ''ولكنه (أي العمل التطوعي) لم يصل بعد ليكون ثقافة مجتمعية عامة، إنما هو بحاجة إلى مزيد دعم أسس التنشئة الاجتماعية على غرار الأسرة، المدرسة، المساجد ومن المجتمع عموما وحتى من الحركات السياسية، حتى يترسخ أكثر ويظهر في الحياة اليومية للفرد الجزائري، لا ان يبقى محصورا في الكوارث الطبيعية وغيرها''. وباسم الكشافة الجزائرية الإسلامية وباسم رموز مرحلة ما قبل الثورة والثورة ذاتها وما بعد الاستقلال، يوجه الرائد محمد رضا بسطنجي إلى جميع شباب الجزائر دون استثناء، رسالة ضمنها البقاء على عهد شهداء الجزائر والوفاء لمبادئ نوفمبر والمحافظة على الجزائر التي هي أمانة بين أيديهم.