نظم مئات آلاف المصريين، أمس، تجمعا ضخما في ميدان التحرير في قلب العاصمة القاهرة ضمن ما أسموه بمليونية رفض الانقلاب الدستوري الذي أقدم عليه عسكريو المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم والذي خول لنفسه صلاحيات واسعة على حساب صلاحيات الرئيس المصري الجديد. وتدفق منذ صباح أمس آلاف المصريين من مختلف المحافظات على مدينة القاهرة للمشاركة في هذه المسيرة الأضخم من نوعها منذ عدة أشهر وشارك فيها منتمون إلى مختلف الفعاليات السياسية من المعارضة الإسلامية والوطنية والعلمانية الذين أرادوا من خلال هذا الموقف المتجدد التأكيد على أنهم يرفضون إجهاض ثورتهم التي أرادوها أن تكون قطيعة نهائية مع النظام المنهار. وتفاديا لأي انزلاق أمني؛ اتخذ المجلس العسكري إجراءات أمنية استثنائية لتفادي وقوع أية تجاوزات، خاصة وأن المتظاهرين كانوا ينوون التوجه إلى مقر مجلس الشعب القريب للاحتجاج على قرار حله وإلغاء نتائج انتخاباته. واعتبر الداعون إلى هذه المليونية أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة إنما أراد أن يحصن موقعه في الترتيبات التي يمكن أن تعرفها الخارطة السياسية المصرية في أعقاب الإعلان عن النتائج النهائية والرسمية للانتخابات الرئاسية. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم اتخذ خلال الأسبوع الجاري سلسلة إجراءات رأى فيها مختصون قانونيون أنها تتعارض مع مواد ومبادئ الدستور المصري. وقام المجلس الأعلى في نفس اليوم الذي جرت فيه الانتخابات الرئاسية بحل مجلس الشعب المصري الذي فازت حركة الإخوان بأغلبية مقاعده شهر نوفمبر الماضي بدعوى عدم دستورية انتخابه قبل أن يخول للشرطة العسكرية والمخابرات العامة للجيش صلاحية اعتقال وسجن المدنيين في تعارض واضح مع قرار إلغاء حالة الطوارئ التي عمل بها النظام المصري المطاح به منذ سنة 1981 تاريخ اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات. كما قام المجلس الأعلى للقوات المسلحة في سياق هذه الإجراءات أيضا بالحد من صلاحيات الرئيس الجديد فيما يخص الاضطلاع بمهام تعيين وتسريح كبار ضباط الجيش وكذا قيادة القوات المسلحة وصلاحيات إعلان قرار الحرب والسلم. وهي كلها إجراءات رأت فيها أطياف المعارضة بمختلف توجهاتها أنها انتقاص من صلاحيات الرئيس المنتخب وضربة مباشرة لثورة الشباب المصري الذي أراد إقامة نظام حكم مدني من خلال قطع كل صلة مع العسكريين قبل أن يصطدم بهذه الإجراءات التي أراد من خلالها المجلس الأعلى للقوات المسلحة تحصين مواقعه في أية ترتيبات سياسية خلال عهدة الرئيس الذي سيفوز بانتخابات الرئاسة المصرية. وختم المجلس العسكري جملة قراراته بتشكيل مجلس عسكري من 16 ضابطا ساميا سماه «المجلس الوطني للدفاع» الذي خولت له صلاحيات مناقشة الأمور الأمنية وكل ما له صلة بأمن مصر وسلامتها وهو ما اعتبرته المعارضة وحركة الإخوان المسلمين تحديدا انتقاصا من صلاحيات الرئيس محمد مرسي المنتخب رغم التطمينات التي قدمها المجلس العسكري بتسليم الرئيس الجديد السلطة بكامل الصلاحيات التي تخولها إياه القوانين المصرية في التزام شكك فيه الرافضون لأولوية الجيش على السلطة السياسية المصرية المنتخبة.