أكد الرئيس السابق للجنة الشؤون القانونية بالمجلس الشعبي الوطني السيد حسين خلدون الخميس الماضي بالجزائر العاصمة أن القانون الجديد المتعلق بالجمعيات "لم يسهم في إخراج الحركة الجمعوية من حالة الجمود الذي تعاني منه" رغم كون هدفه في الأساس إعادة بعث النشاط الجمعوي وتفعيله. وأوضح السيد خلدون المختص في العلوم القانونية في تصريح له أنه رغم الإيجابيات التي جاء بها القانون الجديد (06-12) والتي أراد من خلالها المشرع الجزائري تبسيط شروط وكيفيات تأسيس الجمعيات وتوسيع مجال مبادراتها إلا أن "فعالية هذه الجمعيات وتأثيرها بقي محدوداً جداً" رغم "عددها الهائل والذي يناهز 90 ألف جمعية بين محلية ووطنية". وأضاف أن نص القانون سعى كذلك ل«تمكين الجمعيات من الحصول على حقوقها والدفاع عن مصالحها وتوسيع مجال المبادرات و طرق الطعن زيادة على تدقيق نظام تمويلها والتخفيف من الرقابة المشددة و الثقيلة التي كانت مفروضة عليها" معتبراً أن المشرع "إنطلق من باب إصلاح الإختلالات" التي تمت معاينتها بعد تطبيق القانون القديم (31-90) منذ أكثر من 20 سنة. ومن بين النقاط الجديدة التي تناولها قانون الجمعيات الحالي يبرز المصدر تلك المتعلقة بإمكانية "إعتراف السلطة العمومية لبعض الجمعيات بأن نشاطها يدخل ضمن الصالح العام أو المنفعة العمومية" وبالتالي إمكانية إستفادتها من إعانات ومساعدات مادية من الدولة. وهو الأمر الذي من شأنه أن "يفتح بابا للتفاوت في تقديم المساعدات" حسب السيد خلدون مشيراً في السياق إلى أن "كل الجمعيات من المفروض أن يكون نشاطها في إطار الصالح العام والمنفعة العمومية وإلا لا ينبغي أن تتحصل على الإعتماد". أما فيما يتعلق بمسألة تقديم المساعدات من عدمها يضيف المتحدث أنها "ينبغي أن تكون على أساس الحصيلة السنوية التي تقدمها كل جمعية أمام الجهة التي قدمت لها الإعتماد وليس حسب درجة قربها وولائها للسلطة". كما أكد المصدر على "أهمية دور الدولة في تأطير الجمعيات" داعياً في ذات السياق إلى "إنشاء هيئة وطنية إستشارية" ممثلة لكل الحركة الجمعوية على مختلف المستويات والدرجات مكلفة بدارسة كل المواضيع المتعلقة بالجمعيات بما في ذلك إستفادة أعضائها من التكوين. وأضاف أن تأطير الجمعيات و تمكينها من لعب دورها في الدفاع عن الهوية الوطنية ومقومات المجتمع الجزائري في المحافل الدولية "سيمكن من تصديها لبعض المنظمات غير الحكومية التي تسيئ في تقاريرها إلى الجزائر". كما دعا الجمعيات التي تنشط في نفس المجال إلى "إنشاء فديراليات وطنية" وهو الأمر الذي سيمكن حسب نفس المتحدث من "تنسيق نشاطها و تقوية ثقلها و تأثيرها في المجتمع". وفيما يتعلق بتسهيل حصول الجمعيات على الإعتماد أشرك القانون الجديد للجمعيات المجلس الشعبي البلدي إلى جانب الولاية و الوزارة المكلفة بالداخلية في منح الإعتماد تفعيلا لللامركزية في التسيير. وقد ألزم النص القانوني الهيئات المعنية بالفصل في طلب الإعتماد في أجل 30يوماً للجمعيات البلدية و40 يوماً للجمعيات الولائية و 45 يوماً للجمعيات ما بين الولايات و 60 يوماً للجمعيات الوطنية على أن يتم الرد على طلبات الإعتماد بالرفض أو القبول قبل إنقضاء الآجال المذكورة كما أن أي رفض للإعتماد قابل للطعن لدى الجهة القضائية الإدارية. وأشار النص القانوني كذلك إلى وجوب تدخل الدولة في تحديد العلاقات مع المنظمات والجمعيات الجزائرية و المنظمات الأجنبية الدولية وتوضيحه لكيفية تلقي الإعانات إضافة إلى السماح بإنشاء جمعيات أجنبية شريطة أن تتقيد ببعض الشروط المحددة في القانون. أما بالنسبة لموضوع "إقحام الجمعيات في ميدان السياسة و إستغلالها لأغراض سياسية" فأكد السيد خلدون بأن القانون الجديد نص من خلال المادة 13 على الفصل بينهما حيث "منع صراحة أن تكون للجمعيات أي علاقات بالأحزاب السياسية سواء تنظيمية أو هيكلية بما في ذلك تلقي هبات أو مساعدات مالية من قبلها". غير أن "تجسيد بعض القوانين على أرض الواقع" يضيف نفس المصدر "يشكل صعوبة" على غرار تلك المتعلقة بتحديد الجمعيات التي يشكل نشاطها منفعة عامة أو الفصل بين الجمعيات و العمل السياسي أو طرق الطعن أمام القضاء الإداري مضيفاً أن "الإشكال لا يتعلق فقط بالنصوص القانونية التنظيمية بل بقدرة الجمعيات في حد ذاتها على التعبئة والتأثير في الرأي العام".