تراجع مخزون الدم بالعديد من المستشفيات خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان بسبب تراجع عدد المتبرعين منذ بداية الشهر الكريم مما وضع عددا كبيرا من العيادات الاستشفائية في حيرة من أمرها بسبب هذه الندرة من جهة وكثرة الطلب على هذه المادة من جهة أخرى. ويتوقع المعنيون بقطاع الصحة أن يعود المتبرع الجزائري إلى مراكز حقن وجمع الدم والشاحنات المتنقلة للتبرع بشيء من دمه تدريجيا خلال ما تبقى من الشهر الفضيل كما حدث خلال رمضان الفارط حيث بلغ عدد المتبرعين 40 ألف متبرع. يحصل هذا رغم النداءات المتكررة التي وجهتها كل من الاتحادية الوطنية للتبرع بالدعم والوكالة الوطنية للدم عشية حلول الشهر الكريم ورغم الحملات التحسيسية التي أطلقها المعنيون لحث المواطنين على التبرع بقليل من دمهم وطمأنتهم بأن ذلك لا يشكل أي خطر على صحتهم، علما أن عملية التبرع تقتصر فقط على فترة ما بعد الإفطار. ويرجع بعض المسؤولين بمستشفيات العاصمة سبب هذا التراجع إلى اقتصار فتح أبواب مراكز الحقن وتواجد حافلات التبرع خلال فترة الإفطار التي تعتبر قصيرة جدا وغير كافية لاستقطاب المتبرعين وهو الأمر الذي أضيف –حسبهم - إلى الأسباب المعيقة لجمع كمية أكبر من الدم والمعروفة طيلة السنة، كنقص الإمكانيات والوسائل فضلا عن غياب ثقافة التبرع بالدم لدى جزء كبير من الجزائريين. إلا أن هذا لا يعني أن هذا التراجع سيستمر حسب مسؤول بالوكالة الوطنية الذي أكد أن نفس الانطباع سجل خلال السنة الماضية في بداية الشهر الكريم إلا أن عدد المتبرعين مع نهاية الشهر وصل إلى 40 ألفا بين صلاة المغرب ومنتصف الليل بالرغم من أن رمضان تزامن مع فصل الصيف كما هو الحال بالنسبة لهذه السنة. وتعمل مصالح وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات وسعيا منها إلى وضع حد لمشكل نقص الدم ولتشجيع المواطنين على التبرع، على اعتماد بعض الإجراءات من بينها إخراج مراكز جمع الدم من المستشفيات وتقريبها من المواطنين فضلا عن زيادة عدد الشاحنات المجهزة بعد أن برر العديد من المواطنين سبب عزوفهم عن التبرع بالدم بان دخول المستشفى أمر لا يتحملوه ويزعجهم. من جهتها، أكدت الوكالة الوطنية للدم أنه عكس ما يظنه الكثير فإن عدد التبرعات سجل ارتفاعا متواصلا خلال السنوات الأخيرة، حيث وصل في سنة 2000 إلى 230 ألف تبرع، ليصل العدد إلى 445 ألف تبرع في 2011 أما عن عدد المتبرعين الدائمين، فهو أكثر من 100 ألف متبرع دائم أي الذين يهبون دماءهم للمرضى مرتين في السنة، 35 بالمائة منهم يقصدون الشاحنات و35 بالمائة من المتبرعين من العائلة. إلا أن نقص الدم الذي تعاني منه المستشفيات من حين لآخر حسب ذات المصدر يعود في الأساس إلى عدة أسباب أبرزها غياب سياسة وطنية للتبرع بالدم من جهة، وقلة الإمكانيات المتعلقة بعملية التبرع من جهة أخرى خاصة ما تعلق بالشاحنات وحافلات حقن الدم حيث لا تتجاوز نسبة التغطية بهذه الوسائل ال35 بالمائة على المستوى الوطني. ضف إلى ذلك ضعف الحملات التحسيسية وغياب استراتيجية واضحة، حيث يرى بعض العاملين في الوكالة الوطنية للدم أن عملية التبرع تحتاج إلى استراتيجية فعالة ودائمة، وليس التبرع المناسباتي فقط مثلما هو معمول به في أغلب مراكز التبرع بالدم على مستوى التراب الجزائري، أو انتظار حالة مرضية خطيرة بحاجة إلى قطرة دم من أجل الحياة· وفي هذا الإطار طالبت جمعيات الدفاع عن المرضى بضرورة الإسراع إلى وضع استراتيجية فعالة بهدف تشجيع الأشخاص على التبرع فضلا عن العمل على تزويد المستشفيات بأحدث الوسائل والأجهزة الطبية المتعلقة بعملية التبرع وعلى الخصوص إنشاء بنك وطني للتبرع بالدم مثلما يطالب به الأطباء منذ سنوات· وفي انتظار عودة المتبرعين إلى مراكز الجمع والتبرع خلال هذا الشهر يبقى التبرع العائلي الحل الوحيد لمواجهة أزمة الندرة في الدم، حيث تشير الأرقام إلى أن أكثر من 70 بالمائة من المتبرعين هم من عائلات المرضى·