بادرت جمعية نجوم الشباب إلى إطلاق حملة تحسيسية للتبرع بالدم، بالتعاون مع شاحنات حقن الدم التابعة للمؤسسات الاستشفائية، استهدفت هذه الأخيرة الشركات والنوادي الرياضية، في محاولة منها لغرس ثقافة التبرع في سلوك الأفراد، وجعله تصرفا تلقائيا يمارس على مدار السنة . حتى لا يظل التبرع بالدم مناسباتيا، حيث يهرع بعض المواطنين إلى التبرع بدمهم، بعد التكثيف من الحملات التحسيسية التي ترافق إحياء اليوم العالمي للتبرع بالدم، بادرت جمعية ''نجوم الشباب'' إلى تبني العمل التحسيسي الذي يعد واحدا من نشاطات الجمعية المتعلق بالجانب الإنساني، حيث قال ل''المساء'' لطفي بوغادوا، عضو مؤسس بالجمعية وموظف بشركة، على هامش اليوم التحسيسي بمقر شركة ببئر مراد رايس، أقيم مؤخرا؛ ''لا نؤمن نحن كأعضاء بالجمعية، بالعمل المناسباتي، من أجل هذا، نحاول جاهدين تفعيل بعض النشاطات على مدار السنة، خاصة تلك المتعلقة بالجانب الإنساني، وبحكم أن ثقافة التبرع بالدم جد محتشمة بالجزائر، إذ أن قلة قليلة تقصد المستشفيات أو شاحنات التبرع بالدم، فكرنا في استراتيجية جديدة، وهي الانتقال إلى مقر الشركات كمرحلة أولى، وهو ما نعمل عليه اليوم، حيث بدأت بالشركة التي أعمل بها، لحث العاملين والموظفين على التبرع وتوعيتهم بأهمية هذا السلوك الحضاري، وكمرحلة ثانية، نقصد النوادي الرياضية. ويضيف محدثنا قائلا؛ ''بحكم تجربتي الخاصة، كوني أتبرع بالدم للمرة ال,25 أعتقد أنه لو أن كل فرد جرب التبرع ولو لمرة واحد، فإنه يتحول بصورة تدريجية إلى متبرع منتظم، لأن التبرع يصبح بالنسبة له اِلتزاما، كما أن جسمه يحثه على هذا العمل من أجل تجديد الدورة الدموية. وفي سياق آخر، انتقد محدثنا الطريقة التي تم التحسيس بها، وجاء على لسانه أن الإعلام، فيما يتعلق بالجانب التحسيسي، ينبغي ألا يظل محصورا بالأيام العالمية، لأن المرضى بالمستشفيات يحتاجون للدم على مدار السنة، هذا من ناحية. ومن جهة أخرى، ينبغي على الوزارة الوصية أن تكثف من الخرجات الميدانية لشاحنات التبرع بالدم، على مستوى كل المناطق الحضرية التي تعرف كثافة سكانية كبيرة، حتى يأتي العمل التوعوي أكله. احتكت ''المساء'' ببعض الموظفين الذي أقبلوا على شاحنة التبرع بالدم، لرصد انطباعاتهم حول هذه المبادرة، فكانت البداية مع فريد حاند، مسؤول التجهيز بالشركة، الذي استحسن المبادرة وأثنى عليها قائلا؛ ''أعتقد أن التبرع بالدم يعود بالنفع على المتبرع أولا قبل المريض، لأنه يطمئن على صحته ويجدد دورته الدموية، كما أنه يقدم خدمة للمرضى بالمستشفيات''. وحول المبادرة، علق قائلا؛ ''حقيقة، قد لا يتوفر لدينا الوقت الكافي للتنقل إلى أماكن حقن الدم، وبالتالي تواجد الشاحنات بمقر العمل يسهل علينا العمل ويحفزنا ويذكرنا بواجبنا الإنساني''. وهو ذات الانطباع الذي لمسناه عند الشاب حسين بوقناص، متربص بالشركة وطالب بالمدرسة العليا الجزائرية للأعمال، حيث قال: ''أُثني كثيرا على هذه المبادرة، لأنها تحفّز الموظفين على التبرع بالدم والاقتداء ببعضهم البعض، كما أن الموظف يكون مرتاحا نفسيا، لأنه يتبرع في بيئته وبين زملائه، حيث يقل عليه الضغط ويكتسب في آن واحد، سلوكا حضاريا يحوله بعد اكتساب بطاقة المتبرع إلى متبرع منتظم''. بينما انتقد ذات المتحدث الطريقة التي يجري التحسيس بها لحمل الناس على التبرع بالدم، وقال: ''أشعر، عند متابعتي للمشرفين على حملات التحسيس، أن الرسالة التي يحملونها تتجسد في صورة خطاب إلزامي موجه من بالغ إلى طفل صغير، غير أن الأمور من المروض غير ذلك، إذ ينبغي أن يفهم المواطن أن التبرع بالدم واجب إنساني وسلوك حضاري لا نحتاج فيه إلى التذكير به، فلو أن كل مواطن يلتزم بالتبرع مرة واحدة في السنة، لما وقعت المستشفيات في أزمة قلة مخزون الدم. - كيف هي ثقافة التبرع عند أهل الاختصاص؟ لا تزال ثقافة التبرع بالدم متوقفة على وجود فرد بالعائلة بحاجة إلى الدم، لنحصل على متبرعين من أفراد الأسرة، ومن هنا تظهر الأنانية، أما الحديث عنها كسلوك حضاري، لا زلنا بعيدين عنه، هكذا ردت الدكتورة أمال بن عامر، طبيبة عامة بمصلحة حقن الدم بمستشفى مصطفى باشا، والمشرفة على عملية نقل الدم بشاحنة حقن الدم، وأردفت قائلة: ''أعتقد بحكم تجربتي في العمل بشاحنة حقن الدم، أن عدد المقبلين على التبرع من المتطوعين في تراجع مستمر، بسبب غياب المحفز الذي يدفعهم للذهاب إلى مراكز حقن الدم من أجل التبرع، ولأن الثقافة في حد ذاتها غائبة، لأن المواطنين -في غياب الالتزام- ينظرون إلى الأمر على أنه مسألة لا تعنيهم، وبالتالي، لا يُقبلون على هذا العمل الإنساني، من أجل هذا، قُلت؛ إن المحفز غير موجود. وحول الفئة التي تقصد شاحنات حقن الدم للتبرع، جاء على لسان محدثتنا، أنها تنحصر في فئة الشباب عموما، وتحديدا أولائك الذين تعوّدوا على التبرع، بدليل أنه في كل مرة نخرج فيها إلى بعض الساحات العمومية، يتردد علينا شباب ألِفنا رؤيتهم، لهذا أقول -تضيف الطبيبة أمال- إن المتطوعين للقيام بالعمل الإنساني قليلون، وهو ما يدفعنا لتكثيف الخرجات الميدانية بالساحات العمومية، على غرار ساحة البريد المركزي وبلدية الحراش، بحثا عن متبرعين جدد، لأننا قد نواجه مشكل نفاذ مخزون بنك الدم، خاصة في فصيلة الدم السلبية التي كثيرا ما يضطر أهل المريض للبحث عن متبرعين، عن طريق إطلاق نداءات للتبرع عبر أمواج الأثير عموما. تحدثت الطبية أمال عن سخاء المواطن الجزائري الذي يتحول إلى فرد واع بأهمية التبرع بالدم في شهر رمضان، وقالت: ''لو كانت كل أيام السنة شهر رمضان، لما احتجنا للخروج إلى الميدان بحثا عن المتبرعين، أقول هذا بعد أن وقفنا في شهر رمضان من كل سنة، على الإقبال الكبير علينا بمصلحة حقن الدم بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، من أجل التبرع بالدم عقب الإفطار، أو صلاة التراويح، حيث كنا نضطر للعمل إلى وقت متأخر من الليل، ما دفعنا للتساؤل في كثير من الأحيان، عن سبب هذا الإقبال في هذا الشهر بالذات، وغيابه في باقي أشهر السنة، على الرغم من أن التصدق بالدم أو العمل الخيري، لا يرتبط بزمان أو مكان ما.