تشهد ظاهرة التبرع بالدم على مستوى المستشفيات الجزائرية تراجعا ملموسا منذ بداية شهر رمضان الكريم، وهذا ما وضع عددا كبيرا من العيادات الاستشفائية في ورطة كبرى بسبب ندرة المتبرعين بالدم من جهة وكثرة الطلب عليه من جهة أخرى، ليكون بذلك المرضى أكبر المتضررين من نقص المتبرعين بالدم بفعل الصيام، طالما أن عملية التبرع تقتصر فقط على فترة ما بعد الإفطار، وهي فترة قصيرة جدا وغير كافية لاستقطاب المتبرعين· تشكو الوكالة الوطنية للدم من نقص الدم على مستوى أغلب المستشفيات الوطنية لعدة أسباب أبرزها غياب سياسة وطنية للتبرع بالدم من جهة، ومن جهة أخرى لقلة الإمكانيات المتعلقة بعملية التبرع خاصة العتاد من شاحنات وحافلات حقن الدم، حيث لا تتجاوز نسبة التغطية 35 بالمائة على المستوى الوطني، حسبما أكد عليه مدير الوكالة البروفيسور قزال· التبرع العائلي ينقذ الموقف أمام تراجع عدد المتبرعين بالدم، لم يعد هناك من حل لإنقاذ أرواح المحتاجين لقطرة دم سوى التبرع العائلي الذي أصبح الحل الوحيد لمواجهة أزمة الندرة في الدم، حيث تشير كل الأرقام إلى أن أكثر من سبعين بالمائة من المتبرعين بالدم على المستوى الوطني هم من عائلات المرضى· وحسب المصدر نفسه، فإن ضعف نسبة التغطية على مستوى العيادات الاستشفائية ونقص حافلات حقن الدم هو السبب الرئيسي وراء تراجع نسبة التبرع بالدم عند الجزائريين، لذلك فإن اللجوء إلى التبرع العائلي هو الخيار الوحيد لإنقاذ حياة بعض الأشخاص· عدم التكفل الجيد بالمتبرعين من أهم الأسباب أيضا ومن وجهة نظر بعض المواطنين، فإن الشعب الجزائري كان في السنوات الماضية يقدم على التبرع، لكن في الوقت الحالي تغيرت الأمور، حسب أقوال حسين الممرض بمصلحة حقن الدم بمستشفى مصطفى باشا، وذلك بسبب عدم التكفل الجيد بالمتبرعين من الناحية الغذائية وكذلك عدم متابعتهم طبيا· لذلك فإن عددا هائلا من المتبرعين أضحوا يخشون من بعض الأمراض التي قد تصيبهم من جراء تبرعهم كالسيدا والسل وفقر الدم، يقول نفس الممرض· ضعف الحملات التحسيسية وغياب استراتيجية واضحة يرى بعض العاملين في الوكالة الوطنية للدم أن عملية التبرع تحتاج إلى إستراتيجية فعالة ودائمة، وليس التبرع المناسباتي فقط مثلما هو معمول به في أغلب مراكز التبرع بالدم على مستوى التراب الجزائري، أو انتظار حالة مرضية خطيرة بحاجة إلى قطرة دم من أجل الحياة· من جهة أخرى، يعتقد بعض العاملين في نفس القطاع أن ضعف الحملات التحسيسية وغيابها في بعض الأحيان من أهم الأسباب التي أدت إلى التراجع الرهيب في نسبة المتبرعين بالدم· وفي هذا الإطار يجب وضع استراتيجية فعالة بهدف تشجيع الأشخاص على التبرع، إضافة إلى تزويد المستشفيات بأحدث العتاد والأجهزة الطبية المتعلقة بعملية التبرع من أجل تكفل صحي في المستوى بالمتبرع وفي ظل تراجع عدد المتبرعين بالدم· وأمام الطلب المتزايد للدم عبر المستشفيات، باتت الجزائر بحاجة إلى سياسة فعالة ورشيدة من أجل تجاوز أزمة ندرة الدم، وذلك من خلال إنشاء بنك وطني للتبرع بالدم مثلما يطالب به الأطباء منذ عدة سنوات·