تعهد محمد المقريف أول رئيس مؤقت لليبيا، أمس، أنه سيقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية والقبلية والعشائرية في بلد لا تزال الفوضى من أبرز سماته اليومية منذ الإطاحة بالنظام السابق شهر أكتوبر من العام الماضي. وقال المقريف، الذي انتخب قبل يومين على رأس المؤتمر العام الليبي، الهيئة الحاكمة الجديدة في ليبيا خلفا للمجلس الوطني الانتقالي، إنه من "أوجب واجباتي أن أكون بعيدا عن كل الاعتبارات السياسية المناطقية أو القبلية"، حيث دعا إلى حوار مع كل القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني بما فيها تلك غير الممثلة في المؤتمر الوطني العام. وهو ما يؤكد سعيه إلى أن يكون رجل إجماع في مشهد ليبي اجتمعت فيه كل عوامل الفرقة والصدامات ما بين قبائل متناحرة ومليشيات مسلحة وسلطات سياسية لم تتمكن بعد من تعزيز مكانتها في البلاد. ويؤكد التزامه بالحياد في تسوية مختلف مشاكل البلد صعوبة المهمة التي وضعت على عاتقه كأول رئيس انتقالي في ليبيا من منطلق أن المجتمع الليبي لم يعد متجانسا وأصبح خاضعا لتجاذبات محركها المناطقية والعشائرية والنزعة القبلية والتي شكلت جميعها بذور فرقة محتملة في مشهد ليبي لم يعرف الاستقرار بعد مما يحتم عليه فعلا عدم الميل لأية جهة على حساب أخرى لأن ذلك يعني بكل بساطة انهيار مسار عملية سياسية مازالت في مرحلتها الجنينية. وتزداد صعوبة هذه المهمة مع تنامي النظرة العدائية والانتقامية لبقايا النظام السابق الذين أصبحوا عرضة لعمليات تصفية جسدية أعطت في المدة الأخيرة الاعتقاد أنها عملية منظمة ومقصودة لتصفية كل من عمل في ظل النظام المطاح به. وكان آخر ضحايا هذا الاستهداف عملية الاغتيال التي طالت محمد هدية، العميد السابق في الجيش الليبي، على يد مجهولين مسلحين بمدينة بنغازي شرق البلاد. وفتح مسلحون نيران أسلحتهم ضد هدية رغم أنه كان في طليعة الضباط الكبار الذين انشقوا عن الزعيم الليبي معمر القذافي عندما كان عائدا من المسجد بعد صلاة الجمعة في عملية هجومية تكررت عدة مرات وأصبحت تشكل ظاهرة خطيرة بكل ما تحمله من تهديد لمستقبل بلد لا يزال يبحث عن استقراره. وأمام هذا الوضع سيكون رئيس المؤتمر الوطني العام مطالبا بالعمل مع جميع مكونات المجتمع الليبي لاحتواء حالة الفوضى المستمرة منذ الإطاحة بنظام العقيد القذافي العام الماضي، خاصة في ظل عجز السلطات عن وضع يدها على ترسانة عسكرية هائلة تفرقت بين أيدي مليشيات داخلية وجماعات إرهابية خارجية. وفي مسعى لضبط المشهد الليبي، قرر المؤتمر الوطني العام الحاكم في ليبيا تعليق أعماله حتى الثالث والعشرين من الشهر الجاري بعد أقل من يومين من تسلمه قيادة شؤون البلاد من المجلس الوطني الليبي. وتم اتخاذ هذا القرار في ختام جلسة عقدها في وقت متأخر من ليلة الجمعة إلى السبت كلفت خلالها لجنة بصياغة نظامه الداخلي. وكان المؤتمر والذي يمثل البرلمان الليبي قد انتخب محمد المقريف رئيسا له ونائبين هما جمعة عطيقة مستقل من مصراتة وصالح المخزوم من حزب العدالة والبناء.