اتسعت دائرة المواجهات بين القوات النظامية السورية ومقاتلي المعارضة لتصل إلى المناطق الأكثر تحصينا بقلب العاصمة دمشق التي تضم مؤسسات الدولة المدنية منها والعسكرية في مؤشر خطير على مزيد من التأزم في وضع دام لم يعد يحتمل الانتظار. وبلغت عدوى الاشتباكات التي تعصف بمعظم المناطق السورية، أمس، محيط مقر رئاسة الوزراء بحي المزة بقلب دمشق، حيث قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الاشتباكات اندلعت بعدما استهدف المقاتلون المعارضون المقر بقذائف "آر بي جي"، لكنه أكد أنه لم يتضح ما إذا أصابت القذائف المبنى أو سقطت حوله. من جانبهم، أفاد ناشطون عن اندلاع مواجهات بين الجيشين النظامي والقوات المنشقة عنه المنضوية تحت لواء "الجيش السوري الحر" بمحيط مقر السفارة الإيرانية في دمشق. وتأتي هذه المواجهات بعد ساعات قليلة من وقوع تفجير عنيف استهدف اجتماعا لضباط الجيش السوري بمبنى لقيادة الأركان يقع قرب الفندق الذي يستضيف بعثة الأممالمتحدة بقلب العاصمة دمشق وأعلنت المعارضة مسؤوليتها عنه. وبينما قال ضابط في الجيش إن التفجير وقع في حظيرة السيارات التابعة لقيادة الأركان في وقت كان فيه مجندون يقومون بتدريباتهم اليومية ويتلقون تعليماتهم قالت المعارضة إنه استهدف اجتماعا لضباط كان يجري خلاله التحضير للعمليات العسكرية بالعاصمة، وتسبب التفجير الذي وقع قرب فندق "داما روز"، حيث تقيم بعثة المراقبين الدوليين في إصابة خمسة أشخاص. وفي ردها على هذه العملية الهجومية وصفت السلطات السورية التفجير بأنه "عمل إجرامي هدفه تشويه صورة سوريا" في وقت أكد فيه فيصل المقداد نائب وزير الخارجية سلامة أعضاء البعثة الأممية. وكانت العاصمة السورية قد شهدت الشهر الماضي انفجارا في مبنى الأمن القومي أسفر عن سقوط أربعة من كبار القادة الأمنيين المقربين من الرئيس الأسد من بينهم وزير الدفاع. وتؤكد هذه التطورات الخطيرة تعفن الوضع في سوريا بما ينذر استمراره باندلاع حرب أهلية مجهولة العواقب ليس فقط على هذا البلد بل على كامل المنطقة. ومع اشتداد ضراوة القتال في هذا البلد تبقى أطراف المجموعة الدولية تتقاذف التهم فيما بينها بسعي كل طرف لتحميل الطرف الآخر مسؤولية إطالة عمر الأزمة المتواصلة منذ 17 شهرا دون مؤشرات لاحتوائها على الأقل في المستقبل القريب. فقد دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغرب إلى عدم عرقلة الاتفاق المتوصل إليه في ندوة جنيف نهاية شهر جوان الماضي، الذي حدد مبادئ مرحلة انتقالية سياسية في سوريا، وقال "نحن على قناعة بعدم عرقلة ما تم التوصل إليه في جنيف"، وأضاف "سنطلب خلال الأيام القادمة من شركائنا الغربيين بتقديم رد واضح إذا كانوا يدعمون ما تم التوقيع عليه في جنيف، فإذا كان نعم فلماذا لا يتخذون الإجراءات لترجمة الاتفاق على أرض الواقع". وتتهم روسيا ومعها الصين الحليفتان التقليديتان لسوريا في مجلس الأمن الدولي دولا غربية بالعمل على تقويض العملية السلمية لتسوية الأزمة السورية، وهو الاتهام الذي جددته، أمس، السلطات الصينية عبر صحيفة "الشعب" التابعة للحزب الاشتراكي الحاكم بأن "دولا غربية لم تتراجع أبدا عن مشروعها في الإطاحة بالنظام في سوريا كثفت من دعمها للقوات المناهضة للحكومة". واعتبرت أن الضغوط الغربية ومن بينها السعي إلى فرض منطقة حظر جوي في سماء سوريا عزز الانقسام داخل مجلس الأمن الدولي ومنع المجموعة الدولية من التوصل إلى أرضية توافقية بشأن احتواء المعضلة. وكانت الإشارة واضحة إلى الولاياتالمتحدة التي أعربت عن رغبتها في فرض منطقة حظر جوي على سوريا لكن ومع تصاعد حدة الانتقادات لهذا الطرح تراجعت بطريقة غير مباشرة عن هذه الفكرة. وهو ما تجلى في تصريحات وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا، الذي قال إن بلاده قادرة على تنفيذ الفكرة لكنه أكد أن ذلك ليس من أولويات الولاياتالمتحدة وأن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي كبير وهو ما لم يتم اتخاذه بعد. ومع فشل المساعي الدولية لوضع حد لحمام الدم المستمر في سوريا، كشفت مصادر دبلوماسية أممية أن وزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي المرشح لخلافة كوفي عنان كوسيط للأمم المتحدة والجامعة العربية في سوريا يريد الحصول على الدعم الرسمي لمجلس الأمن الدولي قبل الموافقة على المهمة، وكان المتحدث باسم عنان في جنيف قد أعلن أن سوريا وافقت على ترشيح الأخضر الإبراهيمي وسيطا في أزمتها.