لم يحقق وزراء خارجية ودفاع دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا “إيكواس” في اجتماعهم الاستثنائي مساء أول أمس بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان الإجماع الذي كانوا يبحثون عنه لإعطاء الضوء الأخضر لخيار إرسال قوة عسكرية إلى شمال مالي لتحريره من سيطرة الجماعات الدينية المتطرفة. وبحث وزراء الدفاع والخارجية المقترحات التي تقدم بها رؤساء هيئات أركان جيوش دول مجموعة الإيكواس على ضوء طلب التدخل العسكري الذي تقدم به الرئيس المالي الانتقالي ديونكوندا طراوري بداية الشهر الجاري للمنظمة الإقليمية. وقال وزير الخارجية الإيفواري دانيال كابلان دنكان إن المشاركين في الاجتماع جددوا استعدادهم لدعم وتشجيع دولة مالي في الجهود المبذولة من أجل استرجاع سيطرتها الشرعية على كامل التراب المالي، وأكد الوزير الإيفواري أن المهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة. ورغم أن رئيس المجموعة قادري ديزيري ودراووغو أكد أن الوقت لا يحتمل مزيدا من المماطلة ويجب التحرك أمام الوضع غير المقبول والتصدي لمن وصفهم بالمجرمين في إشارة إلى الجماعات المسلحة التي تحتل شمال مالي فإنه -بالمقابل- أعرب عن أمله في إمكانية التوصل إلى حل سلمي وتفاوضي للأزمة. وإذا كانت الجهات الرسمية قد تكتمت على نتائج هذا الاجتماع ولم تتسرب معلومات حول مجريات أشغاله إلا أن بعض المصادر الدبلوماسية القريبة من الاجتماع أكدت أن المشاركين خطو خطوة إلى الأمام، لكنهم تراجعوا خطوتين إلى الوراء، وهو ما يعني أن الاتفاق على إرسال قوة عسكرية إلى شمال مالي كان محل خلاف بين أعضاء المجموعة. ويبدو أن معطيات ميدانية ذات صلة بمواقف قادة عسكريين ماليين رافضين لفكرة التدخل العسكري جعلت المجتمعين في أبيدجان يعيدون النظر في حرصهم على إرسال قوة عسكرية إلى شمال مالي. ويأتي هذا الموقف خاصة وأن الرئيس طراوري حرص في طلبه على التوضيح أن “نشر قوات عسكرية مقاتلة لن يكون مفيدا” في باماكو، وقالت السلطات المالية إنها لا تريد من قوات غرب إفريقيا أن تقاتل، بل تأمل في أن تقدم هذه القوات دعما لوجيستيا وجويا ومشاركة في حفظ النظام بعد استعادة مدن الشمال. ثم إن الإيكواس التي كانت متحمسة منذ اندلاع الأزمة في مالي للقيام بتدخل عسكري في شمال هذا البلد لا تريد القيام بأية خطوة منفردة دون الحصول على ضوء أخضر من مجلس الأمن الدولي قد تحسب ضدها أو قد تورطها في مستنقع دام قد يتحول إلى تورا بورا أفغانية جديدةفي منطقة الساحل. وهو ما يفسر الدعوة التي تقدم بها السفير الإيفواري أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي بحاجة الإيكواس إلى طائرات حربية ودعم عسكري لمحاربة الإسلاميين المتشددين في شمال مالي. لكن مجلس الأمن الدولي وإلى غاية الآن لم يعط الضوء الأخضر لتنفيذ مثل هذا التدخل تاركا فقط الانطباع بأنه يدعم القوة التي تريد الإيكواس إرسالها إلى شمال مالي، لكن دون تحديد نوعية هذا الدعم. بالتزامن، مع ذلك دعا الأمين العام المساعد للشؤون السياسية الأمريكي جوفري فلتمان أعضاء مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى دعم جهود الأممالمتحدة من أجل وضع استراتيجية إقليمية متكاملة لمنطقة الساحل، كما جاء في لائحة المجلس الصادرة في الخامس جويلية الماضي. وأكد فلتمان أن “التهديدات والتحديات في المنطقة لا تعرف الحدود ولا الممتلكات وحلولها يجب أن تكون موضع عمل تعاوني وشامل”. كما أضاف أن “حدود دول المنطقة الطويلة تسهل أعمال الجريمة المنظمة العابرة للحدود والجماعات الإرهابية، خاصة في المناطق النائية والأمر كذلك بالنسبة لتهريب الأسلحة والمخدرات والأشخاص”. كما اعتبر أن “هذه التهديدات المختلفة وتواصل النزاع المسلح الداخلي تعطل التنمية الاقتصادية للبلدان التي يبقى مؤشر التنمية البشرية فيها من أضعف المؤشرات في العالم”. وألح على الوضعية الإنسانية التي يواجهها سكان منطقة الساحل التي تحتل منذ 2005 المرتبة الثالثة من حيث الخطورة.