أمام الوضعية الكارثية التي آلت إليها معظم المعالم الأثرية المتواجدة عبر ربوع الوطن، وبوهران أيضا، بادر أعضاء جمعيات محلية وهيئات ثقافية تنشط في مجال الحفاظ على التراث المادي بولاية وهران، إلى اقتراح مشروع إقامة «مرصد وطني للتراث»، توكل إليه مهمة جرد وصيانة المعالم الأثرية الموجودة على مستوى ولاية وهران وكذا الولاياتالجزائرية الأخرى، بهدف الوقوف عند واقع بعض المعالم الأثرية التي تدهورت بفعل عوامل الزمن والإهمال. فكرة إنشاء هذا المرصد جاءت خلال الاجتماع الذي احتضنه مؤخّرا مركب «الأندلسيات» بوهران، وعرف مشاركة عدّة جمعيات جاءت من 22 ولاية من الوطن، وكان قد سبقها اقتراح إنشاء فيدرالية وطنية للجمعيات الناشطة في مجال حماية التراث والمعالم الأثرية، والتي من شأنها أن تشكّل مستقبلا قوّة ضاغطة من أجل حماية الموروث المادي الذي تزخر به بلادنا، والذي يتعرّض في الكثير من الأحيان للتدهور نتيجة العوامل المناخية، إلى جانب التخريب الذي يطاله من يد الإنسان. وأكّد المشاركون في هذا اللقاء بأنّ العديد من المعالم الأثرية بوهران وبمدن أخرى في الجزائر، صارت عرضة للإهمال وفقدت العديد منها أجزاء مهمة وشوّهتها النفايات بسبب عدم وعي المواطنين بالقيمة التاريخية لهذه الشواهد التاريخية التي هي في الواقع الدليل الوحيد على تعاقب الحضارات على أرض الجزائر، ومن شأنها لو لقيت العناية، أن تكون رافدا من روافد السياحة ومادة خصبة للدراسة والتنقيب من قبل الخبراء والمختصين في مجال العناية بالآثار. إلى جانب الدعوة إلى تنظيم حملات تحسيسية تزامنا مع تظاهرة شهر التراث المنظّمة كلّ سنة من قبل الهيئات الثقافية بولايات الوطن، وتحت وصاية وزارة الثقافة في الفترة الممتدة من 18 أفريل إلى 18 ماي، وذلك بتحسيس المواطنين عبر ولايات الوطن المحتضنة للتظاهرة التي تعرف تنظيما لهذه الفعالية، مع اقتراح تنظيم جولات ورحلات مجانية وتنظيم أبواب مفتوحة لفائدة المواطنين وتقديم شروحات حول تاريخ هذه المعالم الأثرية. وانتهز المشاركون المناسبة لتوجيه نداء للسيد رئيس الجمهورية، شرحوا له فيها الوضعية المزرية التي باتت تعرفها المعالم الأثرية بربوع الوطن، والإهمال الذي أضرّ بالعديد منها وبعثوا له بالمناسبة نفسها، اقتراحاتهم في هذا الصدد، والتي يتصدّرها رغبتهم الملحة في إنشاء المرصد الوطني للتراث، هذا الأخير الذي سيضم في حالة إنشائه، بالإضافة إلى جمعيات فاعلة تهتم بالتراث وصيانة المعالم الأثرية، مثقفين ورجال أعلام وممثّلين عن المجتمع المدني. والجدير بالذكر، أنّ تنظيم هذا الاجتماع بادرت به جمعية «الأفق الجميل» بوهران بالتنسيق مع كلّ من جمعية «سيقا» بولاية عين تموشنت وجمعية «أبات» بتيارت، والتي تدعم هذه المبادرة في إطار البرنامج المعروف تحت اسم «التعاون متعدّد الأطراف»، ومن شأن هذه المبادرات التي سبق ذكرها، أن تدعم وتكون سندا للهيئة المعروفة تحت اسم «مخطط الموروث المتعدد» الذي تمّ إنشاؤه بوهران في أفريل 2004، والذي اجتمع مرتين في كل من ولايتي ندرومة وتبسة.