قد يكون اعتراف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بمسؤولية فرنسا عن اقتراف مجازر اكتوبر 1961، بداية صحوة ضمير مستعمر الامس، لكن عندما نسمع ردات بقايا الديغوليين الذين انتقدوا خطوة الرئيس، نكاد نجزم أن الفرنسيين لا ولن يتخلصوا من عقدتهم تجاه تاريخهم الاسود في الجزائر عبر 132 سنة من الوجود في هذا البلد. لكن وعلى الرغم من الاصوات التي تعالت هناك والتي تعيب على "مسيو لوبرزيدان" هذه الخرجة وتصفها بغير المقبولة لكونها في رأي قادة اليمين، ستغرق فرنسا في متاهات هي في غنى عنها، فإننا هنا ننظر الى هذا الاعتراف على انه خطوة محتشمة، نأمل ان تؤدي الى اعتذار فرنسا عن كل جرائمها في الجزائر في المستقبل القريب، وهذا إذا كانت للطرف الآخر نية صادقة في المصالحة مع التاريخ والتخلص من تبعيات ماضي هذا البلد. وحبذا لو ان بقايا الديغوليين في فرنسا باركوا مثل هذه الخطوة واعترفوا بما اقترفه اباؤهم واجدادهم من ممارسات وحشية في حق الجزائريين، لأن الاعتذار المنتظر،عندما يأتي من بعد، يكون وقعه سهلا على الفرنسيين دون استثناء ويمكن للطرف الجزائري التعامل معه بدون خلفيات هي اليوم تؤرق الفرنسيين الذين يدركون بأن الاعتراف في العرف القانوني هو سيد الادلة. إن جرائم فرنسا في الجزائر وهذا نقوله لرافضي الاعتراف او الاعتذار، لن تمحى بجرة قلم أو تصريح مناسباتي عابر، وعلى جماعة فيون او لوبان وغيرهما ان يدركوا ان الجزائريين الذين اكتووا بويلات الاستعمار الفرنسي الذي يتم الملايين منهم وشرد الالاف في ظروف قاسية لا ترحم، لن يضحك عليهم هكذا بتصريح عابر او بعبارات فضفاضة، بقدر ما يطالبون باعتذار رسمي يفتح باب المصارحة والمصالحة ويعطي لكل ذي حق حقه، لأن دماء الجزائريين التي اهدرت والارواح التي ازهقت لن تكون فاتورتها رخيصة، وطالما ان الشواهد على الارض مازالت قائمة الى اليوم، فعلى الفرنسيين ان يتحلوا بالشجاعة في التعامل مع ماضيهم سيء الصيت والصورة في الجزائر .