أكدت الصحافة الأمريكية بأن نجاح الجزائر في القضاء على الجماعة الإرهابية وتحرير أغلب الرهائن بالموقع الغازي لتيقنتورين بعين أمناس دليل على فشل الخطة الجديدة التي تنتهجها الجماعات الإرهابية. وأرجعت أغلب الصحف الأمريكية التي نشرت مقالات نقلت فيها تصريحات لخبراء، أن هذا الاعتداء الإرهابي سببه التدخل العسكري في مالي، كما أن المعركة التي تدور رحاها في مالي ومقتل السفير الأمريكي ببن غازي في سبتمبر الأخير تعد من نتائج تدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا. وأفادت المجلة الأمريكية للسياسة الخارجية ”فوراين بوليسي” أن طريقة العمل التي اختارتها الجزائر لإنهاء عملية احتجاز الرهائن بالموقع الغازي تيقنتورين كانت إشارة واضحة للإرهابيين، مفادها أن التكتيك الجديد لن ينجح. وأوضحت هذه المجلة التابعة للمجموعة الإعلامية ”واشنطن بوست” أن العملية التي قام بها الجيش الجزائري لم تكن فقط ردا على أزمة خاصة وإنما كذلك إشارة للمستقبل. كما أكدت في تحليلها أنه إذا كان هذا الاعتداء الإرهابي قد خطط له ليكون تغييرا في طريقة عمل الإرهابيين وموجه للإعلان عن اعتداءات أخرى مستقبلية، فإن الجزائر تكون قد أرسلت إشارة واضحة تبين أن هذا التكتيك الجديد مآله الفشل. كما أشارت المجلة إلى أنه وأمام بعض الانتقادات بخصوص تسيير هذه الأزمة يمكن للجزائر أن ترد على منتقديها بأن الأزمة كانت نتيجة مباشرة للتدخل الأجنبي في شمال إفريقيا والساحل. وذكرت المجلة بأن الجزائر سبق لها وأن حذرت في سنة 2011 بأن تدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا سيؤدي إلى انهيار الدولة الليبية، وأن تدفق الأسلحة التي تصل إلى أيدي الإرهابيين يمكن أن يشكل عامل زعزعة لاستقرار المنطقة. كما أوضحت ذات الوسيلة الإعلامية أن الجزائر حذرت أيضا من أن كل مقاربة عسكرية لمواجهة وضعية اللااستقرار في شمال مالي ستشكل تهديدا بتفاقم النزاع وزيادة إمكانية وقوع اعتداءات إرهابية إسلاموية في الجزائر. وأضافت المجلة أن المجتمع الدولي مسؤول بشكل مباشر عما حدث في الموقع الغازي بتيقنتورين، وأنه ليس في موقع يخول له تقديم إملاءات للجزائر حول كيفية التعامل مع الوضع.ومن جهتها، كتبت مجلة ”نيويورك تايمز” في عددها الصادر، أول أمس، تحت عنوان ”الاعتداءات الجهادية في شمال إفريقيا تعكس الجانب المأساوي للربيع العربي” أن الجزائر كانت قد حذرت من النتائج التي قد تنعكس على منطقة شمال إفريقيا من أي تدخل عسكري في ليبيا من أجل خلع معمر القذافي. وفي نفس السياق، نقلت الصحيفة عن الخبير الأمريكي روبار مالاي أن ذلك يعد من الجوانب الأكثر مأساوية في الثورات العربية، مضيفا أن انتشار الأسلحة في ليبيا وافتقاد مصالحها الأمنية للتنظيم وعدم ضبط الحدود شكل فرصة مواتية للإرهابيين. وتابعت الوسيلة الإعلامية في تحليلها أن الاعتداء الإرهابي على الموقع الغازي بتيقنتورين يعكس الفوضى السائدة في ليبيا على مدار السنتين الأخيرتين. كما أوضحت أن الأشخاص الذين يحاربون تحت راية الجهاد قد وفروا على مدار السنوات أموالا كبيرة من خلال التهريب ونشاطات إجرامية أخرى، إلا أن سقوط نظام القذافي قد شكل نقطة التحول. أما بخصوص الأزمة المالية، فقد أكدت ”النيويورك تايمز” أن الجزائر تعد بلدا محوريا في نظر فرنسا وبلدان غربية أخرى في محاربة الإرهاب في شمال إفريقيا. إلا أن تردد الجزائر بخصوص حملة عسكرية واسعة في مالي مرده حسب ”نيويورك تايمز” إلى الأخطار التي تنطوي عليها بما أن عملا دوليا ضد استيلاء الإرهابيين على شمال مالي يمكن أن يدفع الجماعات الإرهابية نحو الجنوب الجزائري. مضيفة أن ذلك سينسف بصفة جذرية سنوات من الكفاح الدامي الذي قامت به القوات العسكرية الجزائرية التي نجحت إلى حد كبير في دحر الإرهابيين إلى خارج حدودها. وأضافت هذه الوسيلة الإعلامية في هذا السياق أن إدارة باراك أوباما تواجه تحديا إضافيا يتمثل في مناخ جهادي جد معقد في شمال إفريقيا يتعدى مجرد شعار القاعدة من خلال جماعات متعددة تتقاطع مع المجموعات العرقية والعصابات والشبكات الإجرامية. مؤكدة أن إدارة أوباما والعديد من المحللين منقسمون بخصوص معرفة أي نوع من التهديدات ستواجه على المدى البعيد الولاياتالمتحدة مع توسع الإرهاب في شمال إفريقيا.