أبرز رئيس مجلس الأمة، السيد عبد القادر بن صالح، أول أمس، بالرياض، أهمية الجهود التي تبذلها الجزائر في عملية التنمية الشاملة التي تشمل مختلف القطاعات، انطلاقا من البرنامج التنموي الذي تضمنته الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في برنامجه الذي انطلق منذ 1999. وقدم السيد بن صالح الذي ترأس الوفد الجزائري في أشغال القمة العربية التنموية والاقتصادية والاجتماعية الثالثة التي احتضنتها العاصمة السعودية يومي 21 و22 جانفي الجاري، حوصلة عن التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الجزائر في السنوات الأخيرة والتي تندرج في إطار تحقيق أهداف الألفية حتى سنة 2015، مشيرا إلى أن هذه الجهود الحثيثة أدت إلى تخفيض نسب الفقر والبطالة، وترقية المكانة السياسية للمرأة التي احتلت نسبة 30 بالمائة في الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 ماي 2012. من جانب آخر، أكد السيد بن صالح على أهمية مراجعة الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية لتتماشى والتطورات الحاصلة في مجال الاستثمار عربيا ودوليا، داعيا إلى وضع استراتيجية عربية لتطوير وتنمية مختلف الاستخدامات التي تتيحها الطاقة المتجددة. وندد رئيس الوفد الجزائري في قمة الرياض باستمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني ومواصلة الحصار والتجويع والمساومات ضد هذا الشعب الأعزل، داعيا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل من أجل استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة والثابتة وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 كاملة السيادة ومتواصلة جغرافيا وعاصمتها القدس. وعن العملية الإرهابية التي شهدتها منطقة عين أمناس بالجزائر، أكد السيد بن صالح أن الذي يتحمل مسؤولياتها هم العناصر الإرهابية المنتمية إلى جنسيات عديدة، مثمنا الموقف الذي عبر عنه القادة العرب في القمة، بتضامنهم مع الجزائر وإدانتهم الشديدة لهذا العمل الإجرامي، مؤكدا بأن الجزائر من خلال تصديها الحازم ومعالجتها المسؤولة لهذه العملية الإجرامية تؤكد مجددا عزمها على مكافحة الإرهاب بمختلف أشكاله ومواصلة سياستها الرامية إلى إرساء الأمن والاستقرار والتنمية ونسج علاقات الإخوة والصداقة مع الجميع. واختتم قادة ورؤساء وفود الدول العربية بالرياض اجتماعات الدورة الثالثة للقمة العربية التنموية، أول أمس، بتجديد التزامهم بتنفيذ القرارات التي تم اتخاذها في القمتين التنمويتين اللتين عقدتا في الكويت سنة 2009 وشرم الشيخ في 2011، وأعربوا عن ارتياحهم للإجراءات المتخذة لتنفيذ تلك القرارات والتقدم المحرز في تنفيذ المشاريع التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي أقرتها القمتان السابقتان، داعين في نفس الوقت إلى الإسراع في استكمال تنفيذ جميع القرارات وإزالة كافة العوائق التي تقف أمام إنجازها. ونوه البيان الختامي للقمة بالخطوات التنفيذية التي تم إنجازها لتفعيل الحساب الخاص بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، مع التأكيد على ضرورة تعزيز قدرات مؤسسات العمل العربية المشترك والعمل على تطوير آليات عملها وتيسير إجراءات تمويلاتها مما يمكنها من توسيع نشاطاتها وزيادة الاستفادة من مواردها. كما تم الاتفاق على اعتماد الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال بالدول العربية لتتواءم مع المستجدات على الساحة العربية والإقليمية والدولية وتوفير المناخ الملائم لزيادة تدفق الاستثمارات العربية البينية والعمل على جعل المنطقة العربية منطقة جاذبة لهذه الاستثمارات، مع دعوة القطاع الخاص العربي إلى المبادرة بالاستفادة مما توفره هذه الاتفاقية من مزايا وضمانات. وفيما شدد المشاركون في القمة على ضرورة تهيئة المناخ الاستثماري في البلدان العربية وسن القوانين والتشريعات الوطنية التي تساعد على جذب المزيد من الاستثمارات واستغلال الثروات الطبيعية والميزات النسبية التي تتميز بها الدول العربية، تم الإعلان عن إقرار اعتماد الاستراتيجية العربية لتطوير استخدامات الطاقة المتجددة (2010 2030) بهدف مواجهة الطلب المتزايد على الطاقة وتنويع مصادرها والوفاء باحتياجات التنمية المستدامة وفتح المجال أمام إقامة سوق عربية للطاقة المتجددة تعمل على توفير فرص عمل جديدة بمشاركة فاعلة من القطاع الخاص. كما دعا البيان الختامي إلى ضرورة بلورة رؤية عربية تساهم في وضع الرؤية العالمية لأهداف التنمية المستدامة الجديدة ما بعد عام 2015، خاصة من خلال دعم الجهود الرامية لتعزيز رفاهية الفرد والمجموعة عبر أنماط متساوية وبصورة مستدامة وتعزيز التنمية الشاملة وإيلاء مزيد من الاهتمام بالقضايا الخاصة ببطالة الشباب وفئة ذوي الحاجات الخاصة وخلق فرص العمل اللائق كهدفين محوريين من الأهداف العربية في إطار ما سيتم الاتفاق عليه مستقبلا. وفي إطار تشجيع الاستثمارات البينية العربية والتي لم تتجاوز 25 مليار دولار في 2011 حسب آخر تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، اتفق القادة المشاركون في القمة على تسريع إقامة المنطقة العربية للتبادل الحر، وصادقوا على تعديل الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية، مرحبين بالمناسبة بمبادرة السعودية الداعية الى زيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية العربية المشتركة بنسبة 50 بالمائة، لتطوير إمكانات هذه المؤسسات في تأسيس مشروعات إنتاجية عربية مشتركة جديدة. ووافقوا في النهاية على إعلان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بأن بلاده تستضيف الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقررة في 2015. يذكر أن القمة العربية الاقتصادية التي عرفت مشاركة قادة الدول العربية والامين العام للجامعة العربية والامين العام للامم المتحدة وأكثر من 500 منظمة وشخصية دولية، أدانت بشدة العملية الإرهابية التي استهدفت المنشأة الغازية لتيقنتورين بعين أمناس، مؤكدين تضامنهم الكامل مع الجزائر، ودعمهم المطلق لجهودها في مواجهة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وذرائعه "باعتباره عملا إجراميا يعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية". وقبل مغادرته للرياض التقى السيد بن صالح بالأمير محمد بن نايف وزير الداخلية السعودي الذي أصر على تهنئة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة والشعب الجزائري على ما حققته الجزائر من انتصار على الإرهاب أثناء العملية الإجرامية بعين أمناس، معبرا عن تأييد وتضامن المملكة العربية السعودية مع الجزائر قيادة وشعبا في مواجهة التحديات والتصدي للإرهاب بكل أشكاله. كما التقى السيد بن صالح على هامش القمة مع كل من السيد محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ونائب الرئيس العراقي خمير الخزاعي وملك الأردن عبد الله بن الحسين إضافة إلى الرئيس التونسي منصف المرزوقي، وقام رئيس الوفد الجزائري بلقاءات ودية مع كل من أمير دولة قطر ورئيس جمهورية السودان والأمين العام لجامعة الدول العربية وكذا مع الأمير سلمان ولي العهد وزير الدفاع الذي ترأس القمة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.