حذر أعضاء مبادرة”نبني” من الإستمرار في الإقتصادي الريعي المعتمد أساسا على عائدات البلاد من المحروقات، واعتبروا أنه يجب الاستعجال في الخروج من هذه الدائرة وتوظيف الموارد المالية الكبيرة الحالية لتنويع الاقتصاد والنهوض بالنمو، تجنبا لسيناريو كارثي قد يرجع الاقتصاد الجزائري إلى مرحلة التسعينات، ومعها إلى الاستدانة الخارجية التي تمكنت من مسحها تماما. وكان اللقاء الذي نظمته هذه المجموعة التي تضم 50 خبيرا في مجالات متعددة بالعاصمة، فرصة لعرض التقرير الذي أعدوه خلال 2012 والذي تضمن تقييما للوضع الراهن على كافة المستويات، واقتراحات لكيفية الذهاب نحو سيناريو آخر يسمح بنهوض الجزائر في كل القطاعات ويعكس كذلك الطاقات والقدرات التي يتمتع بها أبناء الجزائر في الداخل والخارج. وتحت عنوان “دروس ورؤية لجزائر 2020”، جاء التقرير في 300 صفحة تضمنت تشريحا للوضع الراهن بايجابياته وسلبياته، وعددا من المقترحات في محاور رئيسية هي: الإقتصاد، التعليم، الصحة، التعايش الجماعي (الثقافة، المدن، العمران) والحوكمة. وفي عرضه للتقرير المتعلق بالاقتصاد، أكد المختص في الإقتصاد والبنوك وعضو مبادرة “نبني” السيد خروبي، أن الجزائر تعيش تأخرا مقارنة بالدول التي عاشت نفس الأوضاع يجب تداركه، وهو مايتطلب القيام باصلاحات. وقال أننا اليوم في مفترق طرق”إمّا أن نستمر في نفس الطريق المنتهج حاليا أو نقوم باصلاحات، لنتجه إلى الطريق الثاني من أجل ضمان المستقبل الذي يحلم به كل الجزائريين”. ويرى الخبير، أن الاستمرار في الإعتماد على المحروقات والريع البترولي سيؤدي إلى نتائج سلبية، لأن كل التقديرات تشير إلى أنّ الإستهلاك المحلي للطاقة سيرتفع إلى مستوى الإنتاج في السنوات المقبلة، وهو مايعني انخفاضا محسوسا للصادرات، كما أن الاعتماد على صندوق ضبط الإيرادات لتحقيق التوازن في ميزانية الدولة، سيؤدي إذا استمر الوضع على حاله إلى إستنزاف موارده سنة 2018، وهو مايعني العودة إلى وضع الجزائر في التسعينات سنة 2020، وهو ماينذر بإرتفاع الدين العمومي من 1400 مليار دج حاليا إلى 5000 مليار دج في 2020، كما قد يؤدي إلى الاستدانة الخارجية التي قد تبلغ 150 مليار دولار في 2027 و300 مليار دولار في 2030، وهو ماسيؤثر بصفة مباشرة على النفقات المخصصة لقطاعي الصحة والتربية بالخصوص. ويرى المتحدث، أن المشكل المطروح حينها هو “غياب مؤسسات قوية مثل تلك التي كانت موجودة في التسعينيات والتي يمكنها أن تتحكم في الوضع”. وشدد الخبير، على أنه “ليس هنا لإخافة الجزائريين”، إلا أنه يوضح المخاطر المحدقة بالبلاد في حال تواصل الوضع الراهن. ويقترح تقرير “نبني” الشروع منذ الآن في تجنيد الموارد الهامة للجزائر والوعي الجماعي، بضرورة تكثيف الجهود من أجل مضاعفة الناتج الداخلي الخام من هنا إلى 2015 ورفع نسبة النمو. ودعا إلى تمويل نصف ميزانية الدولة من الجباية البترولية والنصف الآخر من الجباية العادية، وخفض مساهمة الجباية البترولية في ميزانية التسيير من 60 بالمائة حاليا إلى 25 بالمائة في 2020، ورفع الصادرات خارج المحروقات إلى 4 بالمائة في 2020. كما اقترح، إنشاء صندوق سيادي يتم تمويله من فائض الجباية البترولية مثلما هو معمول به في دول أخرى وتحسين مناخ الاستثمار للوصول إلى استثمارات خاصة تمثل 20 بالمائة من قيمة الناتج الداخلي الخام، وشدد على ضرورة “قطع حبل الريع” رغم اعترافه بصعوبة الأمر، إذ اعتبره الشرط الأساسي لتنويع الاقتصاد، كما تمت المطالبة بإصلاح النظام البنكي وطالب التقرير بإعادة الاعتبار للبورصة والشروع في خوصصة البنوك عبر إدراج إحداها على الأقل في بورصة الجزائر، إضافة إلى تغيير مقاربة التشغيل والخروج من دائرة “التشغيل القصير المدى”، وإدماج القطاع الموازي في القنوات الرسمية بدل القضاء عليه أي “جعله حليفا وليس عدوا”. فضلا عن ذلك تم اقتراح تشكيل مؤسسات مفتوحة دائمة تتكون من رجال أعمال ونقاببين وممثلي الحكومة من أجل الخروج من الثلاثيات المناسباتية. للإشارة، فإن أعضاء المبادرة، ألحوا على القول أنهم مجموعة من الخبراء والمختصين الذين لاينتمون إلى أي إتجاه سياسي، وأنهم بادروا بهذا العمل إدراكا منهم بالمخاطر التي تحيط بالجزائر، ورغبة منهم في عدم الاكتفاء بالانتقاد والانتقال إلى مرحلة الاقتراح، مشيرين إلى أنهم سيرسلوا التقرير إلى كافة الأطراف، آملين في أن يتم تحريك الأمور صونا لمستقبل الأجيال القادمة.