أكّد المختص في علم النفس، الدكتور سعيد بلحيمر، أمس بالجزائر العاصمة، خلال ندوة حول اختطاف الأطفال نظّمتها جبهة الجزائرالجديدة، أنّ حوالي 95 بالمائة من المتابعين في قضايا اختطاف وقتل الأطفال يعانون من عدة عقد نفسية لها علاقة بالحرمان العاطفي الحاد تعود لفترة طفولتهم، الأمر الذي يجعلهم فيما بعد يعوضون هذا الحرمان بالانتقام من هذه الفئة الحساسة من المجتمع. وأوضح الدكتور بلحيمر خلال هذه الندوة التي نظمتها جبهة الجزائرالجديدة بمقرها المركزي بالجزائر العاصمة حول موضوع " اختطاف الأطفال في الجزائر، الأسباب والأولويات من وجهة النظر السياسية والاجتماعية والنفسية، أن هؤلاء الأشخاص "المجرمين"هم في حقيقة الأمر مرضى يعانون اضطرابات نفسية، يحاولون من وراء اختطاف الأطفال تعويض ما افتقدوه في زمن طفولتهم المزرية بشكل لا شعوري، حتى بواسطة اعتمادهم على القتل والاعتداء الجنسي. وقدّم الأخصائي النفساني خبرته الميدانية الطويلة في هذا المجال، مستعرضا شرحا مستفيضا حول الموضوع، واعتبر أن مرحلة الطفولة تعتبر المرحلة الحساسة في مسار تكوين شخصية الفرد. موضحا أن حرمان الإنسان من حنان الأبوين لاسيما الأمومة إلى غاية بلوغه سن الرابعة، يحوله إلى مجرم يحاول تعويض هذا الحرمان باختطاف الأطفال وقتلهم. وقال المتحدث إن هذه الحالات المرضية النفسية المزمنة، كثيرا ما تدفع هؤلاء المجرمين إلى ربط علاقات مرضية مع الأطفال، تنتهي في الأخير بحالات الاعتداء عليهم جنسيا (حوالي 85 بالمائة من هذه الحالات). وعاد المحاضر إلى سنوات العشرية السوداء، باعتباره أحد المختصين الذين تابعوا الأطفال المتضررين من آفة الإرهاب، لاسيما أولئك الذين فقدوا أبويهم. مؤكدا أن المختصين في هذه الفترة دقوا ناقوس الخطر، متنبئين باحتمال تحول الكثير من هؤلاء الأطفال إلى مجرمين في المستقبل، وهو ما لم يتم أخذه في الحسبان. ومن جهته، دعا رئيس جبهة الجزائرالجديدة في تدخل له خلال الندوة إلى ضرورة توحيد جهود كافة المعنيين، من سلطة سياسية ومجتمع مدني وتشكيلات سياسية وهيئات قانونية في مواجهة ظاهرة اختطاف الأطفال. مشيرا إلى أهمية مراجعة أدوار المنظومات التربوية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لضمان تكفل جاد بهذه الشريحة، إلى جانب تجنيبها الظواهر السلبية الأخرى كالمخدرات والسرقة والانحلال الخلقي. وفي الأخير، دعا المشاركون في الندوة، إلى ضرورة توحيد الرؤى والأفكار من أجل صياغة نصوص قانونية جديدة تعيد الاعتبار لهذه الفئة، مع تسليط أقصى العقوبات على المتورطين في ظاهرة الاختطافات، مؤكدين على وجوب إعادة تفعيل عقوبة الإعدام، باعتبارها رادعا قويا للحد من هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع. كما أشاروا إلى أهمية العمل من أجل توحيد جهود وأراء كافة المسؤولين السياسيين والاجتماعيين والمختصين النفسانيين لمناقشة نصوص قانونية في إطار تعديل قانون العقوبات، قصد توفير حماية أكثر للأطفال وجعلهم في منأى عن شبح الاختطافات والابتزاز. كما طالب المتدخلون بالتحرك العاجل لحماية هذه الفئة الحساسة من المجتمع، وجعلها تنعم بحقوقها المشروعة كاللعب والتمدرس والعيش في كنف السلم والأمن العام.