تعتبر الدراجة النارية الصغيرة وسيلة النقل المناسبة بالنسبة لكثير من سكان البليدة لاجتناب مختلف المشاكل المتعلقة بالحركة المرورية التي تعرفها المدن، حب هذه الوسيلة ليس بالظاهرة الدخيلة على سكان المنطقة الذين يعود ارتباطهم بهذه الوسيلة المرورية إلى سنوات طويلة خلت، بحيث أضحى اقتناء “العجلتين” جزءا من الثقافة المحلية، حسب تأكيد سكان البليدة الأصليين... لا يدخر الموظفون والطلبة والعاطلون عن العمل وحتى المتقاعدين، أي جهد لاقتناء دراجة نارية وصيانتها باعتبارها “ أفضل وسيلة”، إذ يشير البعض من سكان البلدية إلى أن اقتناء دراجة نارية ضروري، وهو يثير أحاسيس الشباب إلى أبعد حد، بحيث أضحى شراء دراجة نارية محل منافسة شرسة وأكبر تحد فيها هو الظفر بالأحسن والأبهى والأكفأ من حيث السرعة والتقنية في هذا المجال. ويعتبر وكلاء أكبر العلامات العالمية في المجال الذين فتحوا محلات لهم بمدينة الورود، المستفيد الأول في هذه المنافسة، حيث يقول صاحب محل كبير للدراجات النارية متواجد بخزرونة بالمدخل الشرقي للبليدة، أنه بالرغم من كون الأسعار المقترحة بالمحل “تتجاوز القدرة الشرائية للكثير من الشباب، إلا أن هذا الأمر لا يمنع وجود زبائن كثيرين يختارون معروضاتنا”. والملاحظ أن الطلب على هذه الوسائل الخفيفة للنقل يسجل ارتفاعا محسوسا مع بداية الربيع، مما يجعل باعة الدراجات النارية الجديدة منها والمستعملة في نشوة كبيرة “يمكن تفسير هذه النشوة بالزيادة الكبيرة التي عرفتها أسعار الدراجات النارية التي كانت في حدود 60 ألف دج بالنسبة للمستعملة منذ بضعة أسابيع، ليرتفع سعرها إلى حوالي 100 ألف دج حاليا، في حين يجب دفع ما بين 15 إلى 20 ألف دج إضافية لاقتناء دراجة جديدة”، حسب ما ذكره البائع حميد.
أضرار صوتية ومضايقات يومية يتجرعها السكان ويوصف سائقو الدراجات النارية الذين يحبذون بشكل كبير التنقل بسرعة جنونية، لا سيما في المساء عبر الأزقة والشوارع الضيقة للمدينة، بمصدر إزعاج مستمر بالنسبة لكل السكان المجاورين لمسارهم، وما يزيد الطين بلة أن الكثير من أصحاب وسائل التنقل هذه يتعمدون نزع خافت الصوت من آلاتهم لاستبداله ب«مكبر للصوت” لجلب الأنظار، وفق تأكيد بعض العارفين بهذا المجال. كما يرى العديد من السكان المتذمرين من سلوكات أصحاب الدراجات النارية الذين يتسببون في منعهم من الاستمتاع بليلة نوم هادئة، أن الكثير من هؤلاء الشباب يقودون بصفة جنونية، وأن استمرار هذا الوضع سيضطرهم إلى اللجوء لمصالح الأمن لاتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية، مبرزين في ذات السياق، ما يسببه هؤلاء من إزعاج كبير للأطفال الصغار وللمرضى”. كما يلاحظ بالموازاة عدم احترام أصحاب الدراجات النارية لقوانين المرور، من خلال ضربهم عرض الحائط بعديد الاحتياطات الواجب اتخاذها لسلامتهم وسلامة الراجلين وأصحاب السيارات على حد سواء، مثل وضع الخوذة الواقية وعدم القيادة بسرعة جنونية. وتسبب هذه القيادة “الخارجة عن القانون” كثيرا من الحوادث والملاسنات الكلامية وفقا لشكاوى العديد من أصحاب السيارات الذين يؤكدون أن “أصحاب الدراجات النارية يضربون بالقانون عرض الحائط ومن الضروري اتخاذ إجراءات ردعية ضدهم لإعادتهم إلى جادة الصواب”. كما أبدى آخرون أسفهم الشديد إزاء السلوك الراهن لأصحاب الدراجات النارية، الذين جردوا الدراجة من كل محاسنها وجعلوا منها وسيلة إزعاج. من جهتهم، ينفي عدد من أصحاب الدراجات النارية هذه الاتهامات، معتبرين الأصوات العالية الصادرة عن بعض الآلات، مردها أن أصحابها ليست لديهم الأموال الكافية لتصليح الأعطاب بسبب غلاء قطع الغيار. كما يفسرون عدم احترامهم قانون المرور باضطرارهم إلى المرور عبر الشوارع والطرق التي تُمكنّهم من اجتناب الزحمة، فيما تعود الحوادث إلى افتقار بعض أصحاب الدراجات النارية إلى التجربة الضرورية في الميدان. الجدير بالإشارة، أن البليدة مشهورة وطنيا بولع سكانها بالدراجة، إذ تعتبر هذه الولاية موطنا لعديد الأبطال الجزائريين في رياضة ركوب الدراجات على غرار الراحلين محي الدين قدور الملقب ب “صقر الشريعة” والطاهر زعاف وغيرهم...