رغم ما بذلته المصالح المحلية والأمنية لتطويق وتقليص دائرة النشاط التجاري الفوضوي، إلا أن ”جهودها” تبخرت بفعل ”حرارة” إلحاح التجار، واهتمام المسؤولين المحليين بأمور قد يرونها أكثر أهمية، كما أن مساعي توفير محلات مهنية وأسواق جوارية لم يقض على هذه الظاهرة التي صارت لصيقة بشوارعنا وأرصفتنا وحتى بمداخل العمارات. أما المواطنون المتبضّعون أو السكان المجاورون للفضاءات التجارية الموازية، فهم يهلّلون ويشتكون، وكأن زوال العرض الفوضوي للسلع سيحرمهم من حقوقهم في إيجاد أسعار مناسبة، وليس المشكل في المتبضع بقدر ما هو في وضع استراتيجية متكاملة لمحو آثار هذه الظاهرة بالتدريج، وذلك بتقديم بدائل موضوعية وحلول واقعية، تأخذ بعين الاعتبار تلك الذهنية الخاصة والعادات التي اكتسبها المواطن في التبضع واقتناء ما يلزمه من حاجيات. ولسنا نبالغ إذا قلنا بأن فوضى التجارة لن تزول قريبا، ولن تمحى غدا، لأن أسبابها لا تزال متوفرة في ذهنيات ويوميات الناس وفي بيروقراطية الإدارة، وأن المطلوب هو حلول جذرية مدروسة شاملة وغير ظرفية.