اندلعت أمس، مواجهات دامية بين أنصار ومعارضي الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي بالعاصمة القاهرة حتى قبل موعد المظاهرات الحاشدة التي دعا إليها الطرفان المتخاصمان، بعد الإفطار، بما أعطى الاعتقاد أن ليلة أمس ستكون ساخنة. وكان لقرار القضاء المصري بحبس مرسي على ذمة التحقيق مدة 15 يوما، عامل توتر زاد في تأجيج مشهد مصري، تؤكد كل معطياته أنه يتجه بوتيرة متسارعة إلى ما لا يحمد عقباه، في ظل إصرار كل طرف على التمسك بمواقفه المبدئية. وأقرّ القضاء المصري لأول مرة منذ عزل الرئيس مرسي في الثالث جويلية الجاري، بأن هذا الأخير يوجد رهن الاعتقال، ووجه له عدة تهم في مقدمتها "التخابر مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" و«قتل واختطاف ضباط وجنود" والهروب من السجن أثناء ثورة 25 جانفي. وهي تهم في حال إدانته بها قد تعرضه إلى عقوبة السجن المؤبد. وبغض النظر عن ذلك، فإن إصدار هذه التهم، فتح الباب أمام تساؤلات حول سبب اختيار هذا التوقيت بالذات لتوجيهها للرئيس مرسي. علما أن هذا الأخير ومنذ البداية، معروف عنه علاقاته الوطيدة بحركة حماس وفراره من السجن خلال ثورة ال25 جانفي ليس بالأمر الجديد. وأدانت حركة الإخوان المسلمين التهم الموجهة لمرسي، حيث قال عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي للاخوان، إن القرار "يوضح طبيعة النظام الفاشي العسكري المتخبط الذي يبحث عن مخرج من المأزق الحالي". وأكد أن الرد عنه سيكون في الميادين بالمليونيات الحاشدة السلمية قائلا :«قوتنا في سلميتنا ووحدتنا كشعب ضد الفاشية والاستبداد والظلم والفساد سر انتصارنا على الانقلابيين". من جانبه، عبر أحمد عارف المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان عن "قناعته بأن قرار حبس مرسي تم بإيعاز من القوات المسلحة، بعد الضغوط التي تعرضت لها من أجل الإفراج عنه"، مشيرا إلى أنه "رسالة للمجتمع الدولي بأن مرسي يحاكم قضائيا وأنه غير معتقل". والحقيقة، أن إدانة مرسي بمثل هذه التهم الخطيرة، هي بمثابة صب الزيت على النار في مشهد مصري ملتهب، كون توقيتها يأتي ومصر تمر بأصعب فتراتها على الإطلاق. وكان المصريون قد حبسوا أنفاسهم أمس، لما يمكن أن تنتهي إليه الدعوات التي وجهها الطرفان المتخاصمان من جيش وحركة الإخوان لأنصارهما، للخروج في مظاهرات حاشدة زادت في تكريس انقسام الشارع المصري. وجاء اندلاع اشتباكات بين متظاهرين من الفريقين المتصارعين تراشقا خلالها بالحجارة والقرورات بحي شبرا شرق القاهرة، وأسفرت عن سقوط عشرة جرحى بمثابة إنذار على إمكانية خروج المظاهرات عن طابعها السلمي. وبدأت الاشتباكات بملاسنات بين الجانبين، أحرق خلالها أنصار الجيش صورا لمرسي، بينما وجه مؤيدو هذا الأخير عدة شتائم لقيادة الجيش ولقائده الجنرال عبد الفتاح السيسي. هذا الأخير الذي كان دعا المصريين للخروج إلى الشارع لمساندته، في دعوة اعتبرها العديد من المتتبعين بمثابة ترخيص، أراد السيسي الحصول عليه من المصريين أنفسهم للتدخل ضد المتظاهرين الموالين لمرسي باسم نبذ العنف ومحاربة الإرهاب. وتنتهي مساء اليوم مهلة 48 ساعة التي منحتها قيادة الجيش لمتظاهري رابعة العدوية المطالبين بعودة مرسي إلى سدة الحكم، من أجل الشروع فيما أسمته باستراتجيتها في مكافحة العنف والإرهاب. في دعوة صريحة لهؤلاء بإخلاء الميادين والساحات العمومية التي يعتصمون بها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. غير أن دعوة الجيش المصري لم ترق للولايات المتحدةالأمريكية، التي طالبت مرارا بضرورة إطلاق سراح مرسي، وأرفقتها بقرار يقضي بتأجيل صفقة تسليم مقاتلات "اف 16" للقوات الجوية المصرية. في موقف اعتبر على أنه بمثابة انتقاد ضمني لطريقة تعامل الجيش المصري مع واقع الأحداث في البلاد.