أحيا الفلسطينيون أمس الذكرى ال 12 لانتفاضة الأقصى بمختلف الأراضي المحتلة وسط جو مشحون بالتوتر غذّاه تصاعد الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية شبه اليومية ضد كل ما هو فلسطيني، وخاصة ضد مقدساتهم الدينية. فمن الضفة الغربية مرورا بالقدسالمحتلة ووصولا إلى قطاع غزة، كان المشهد نفسه؛ مسيرات حاشدة ومظاهرات عارمة صاحبتها مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي خاصة بمحيط الأقصى المبارك، مما أدى إلى إصابة عشرات الفلسطينيين بجروح متفاوتة. وقال ناجح بكيرات مدير المسجد الأقصى إن المصلين المقدسيين اضطروا لإقامة ثلاث صلوات قرب الأبواب المؤدية إلى المسجد الأقصى بعد منع السلطات الإسرائيلية من هم دون 50 عاما من الصلاة في المسجد؛ تحسبا لاندلاع مواجهات في ذكرى انتفاضة الأقصى. وأضاف أن مواجهات اندلعت بعد صلاة الجمعة في المناطق الثلاث، خاصة منطقة مصرارة قرب باب العامود ومنطقة الزاهرة. وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي شددت أمس حصارها على مدينة القدسالمحتلة وخاصة المناطق المحيطة بالمسجد الأقصى، وحوّلتها إلى ساحة حرب قبل صلاة الجمعة؛ من خلال زجّها للمزيد من قواتها المدججة بالسلاح؛ من حرس الحدود وقوات الأمن والشرطة والخيالة وتكثيف الدوريات العسكرية. وتوسعت المواجهات لتشمل عدة محاور في الضفة الغربية، على غرار نابلس ورام الله والخليل وقلقيلية، تخلّلها إطلاق قوات الاحتلال للنار وقنابل الغاز المسيل للدموع؛ في مسعى لتفريق المتظاهرين، الذين شاركوا في مظاهرات احتجاجية ضد الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى وضد الاستيطان والجدار العازل في الضفة. وكان “ائتلاف شباب الانتفاضة” دعا إلى مظاهرات في الضفة وغزة في ذكرى اندلاع الانتفاضة الثانية، التي تُعرف باسم “انتفاضة الأقصى” في 28 سبتمبر عام 2000، والتي أقدم حينها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون، على تدنيس باحة المسجد الأقصى رفقة حراسه، وهو الأمر الذي دفع جموع المصلين آنذاك إلى التجمهر ومحاولة التصدي له، ثم سرعان ما عمت موجة الغضب كامل الأراضي الفلسطينية على شكل مواجهات شعبية وهجمات مسلحة. ونفس المشهد عاشه قطاع غزة؛ حيث شارك مئات الفلسطينيين في مظاهرتين قرب معبر بيت حانون “إيرتز” شمال القطاع وناحل عوز شرق مدينة غزة، فيما شهد مخيم النصيرات مسيرة حاشدة لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”. وبينما يحيي الفلسطينيون ذكرى الانتفاضة وهم يواجهون رصاص الاحتلال، أكد الرئيس محمود عباس في كلمة له أمام الجمعية العامة الأممية، التزام بلاده بإتمام المفاوضات مع إسرائيل خلال تسعة أشهر؛ بهدف الوصول إلى السلام الدائم وإقامة دولة فلسطينية. وجدّد الرئيس الفلسطيني في كلمته، رفضه لأية حلول مؤقتة تريد الولاياتالمتحدة ومعها إسرائيل، فرضها على الطرف الفلسطيني؛ باعتباره الحلقة الأضعف في كل عملية سلام جديدة. وقال عباس إن “هدف المفاوضات يتحدد في التوصل إلى اتفاق سلام دائم، يقود على الفور إلى قيام دولة فلسطين مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية وعلى كامل أراضي عام 1967، وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حلا عادلا وفق القرار 184. كما دعت مبادرة السلام العربية لتعيش الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل”. يأتي ذلك في الوقت الذي طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قوات الاحتلال الإسرائيلي بوضع حد فوري لعمليات هدم المنازل الفلسطينية وغيرها من المنشآت في الأرض الفلسطينيةالمحتلة. وقالت المنظمة الحقوقية إن عمليات الهدم تسببت في نزوح ما لا يقل عن 79 فلسطينيا منذ 19 أوت الماضي، مشيرة إلى أن عمليات هدم المنازل وغيرها من المنشآت التي ترغم الفلسطينيين على ترك مجتمعاتهم، قد ترقّى إلى مصاف النقل الجبري لسكان أراض محتلة؛ مما يُعد جريمة حرب.