على الرغم من المجهودات الكبيرة التي تبذلها الجمعية الوطنية للاندماج المدرسي والمهني للمصابين بالتريزوميا للجزائر الوسطى، من أجل تهيئة الأطفال وإعدادهم للدخول المدرسي، غير أن هذه المجهودات بات يواجهها عائق كبير أمام رفض بعض مديري ومفتشي التربية فتح مدارس ببعض المؤسسات، مبررين ذلك بالاكتظاظ وعدم وجود أقسام شاغرة. تبدأ مرحلة إعداد الأطفال المصابين بالتريزوميا منذ الشهر الأول من الولادة، حسب كهينة ملالا، أخصائية نفسانية ومسؤولة بيداغوجية بالجمعية، إذ يتم التكفل بهم رفقة ذويهم، فمن جهة يتم توعية الأولياء بالطرق التربوية المعتمدة من أجل تمكين ابنهم من التطور سريعا من الناحية الحركية، ومن ناحية أخرى، تتولى الجمعية عن طريق المختصة الأرطفونية تعليم الأطفال بعض قواعد الحياة الأساسية إلى غاية بلوغهم سن الست سنوات، ليتمكنوا من مسايرة جوانبهم العاطفية والحركية، مع التغلب إلى حد ما على البطء الذي يعانونه، بعدها يتم إخضاعهم لاختبار تقييمي لمعرفة قبول الطفل للتمدرس أو لا، ومنه الدخول في رحلة البحث عن المدرسة التي يجري تسجيله فيها حتى يتعلم مثل أي طفل عادي، ومن هنا يبدأ الإشكال، فإلى وقت مضى تضيف المختصة النفسانية «كنا لا نواجه أي صعوبات، إذ بعد إعدادهم، توجيههم وتثقيفهم، يتم فتح بعض الأقسام ببعض المؤسسات ويباشر مختصون من الجمعية مهمة تعليمهم، غير أننا بتنا نواجه في السنوات الأخيرة صعوبة في فتح أقسام، إذ يُقَابَل طلبنا بالرفض بحجة الاكتظاظ». إلى جانب وجود إشكال آخر يواجه الجمعية ويطرح بحدة، تقول المختصة النفسانية كهينة، أمام الإقبال الكبير للمصابين بالتريزوميا، يتمثل في صغر مقر الجمعية التي لم تعد قادرة على استيعاب العدد الكبير من الوافدين عليها، أمام قلة الجمعيات التي تعنى بهذه الشريحة، ولعل ما زاد الأمور سوءا؛ رياض الأطفال التي ترفض التكفل بالأطفال المصابين بالتريزوميا، من منطلق أن القانون يمنع استقبال هذه الفئة، وهو القانون الذي لم نتمكن من الاطلاع عليه، الأمر الذي وضع الأولياء في حيرة، في الوقت الذي ينظرون إلى أبنائهم على أنهم كغيرهم يحق لهم التمتع بكامل الحقوق التي يتمتع بها الأطفال العاديون. تحدثت جهيدة يغني الأمينة العامة للجمعية، عن التغيّر الذي طرأ مؤخرا تجاه هذه الفئة فيما يتعلق بفتح أقسام خاصة بالمصابين بالتريزوميا، حيث قالت: «في وقت مضى، كنا نلقى الكثير من الترحيب من وزارة التربية عندما يتعلق الأمر بفتح أقسام لتعليم هذه الفئة، ناهيك عن تقديم يد العون، لاسيما أن النظرة إلى أطفال التريزوميا تغيرت بعد نمو الوعي المجتمعي حيال هذه الشريحة، ومنه الحق في الظهور، التمدرس وممارسة كافة الحقوق. لكن مؤخرا، أضحت تواجهنا صعوبات لدى الإشراف على تسجيل المتمدرسين، إذ نقابَل بالرفض من المدير أو المفتش، من منطلق أنهم لا يتوفرون على أقسام، أو تقدم لنا بعض الأقسام التي لا تتوفر على أدنى شروط التمدرس لنقوم بإعادة تهيئتها. ولعل ما ينبغي التأكيد عليه، هو أن الجمعية تبذل جهدا كبيرا من أجل تحضير الأطفال وإعدادهم لمرحلة التمدرس تقول جهيدة غير أن تعنت بعض المديرين، لاسيما بالجهة الشرقية للعاصمة، جعل أطفال التريزوميا وذويهم يشعرون بنوع من الظلم، حيث تولد لديهم الشعور بأنهم مختلفون عن غيرهم، الأمر الذي أثر على نفسياتهم، وإلا فكيف يمكن تفسير التحاق الأطفال العاديين بمدارسهم بكل سهولة، فيما يواجه المصابون منهم بالتريزوميا مشكلة في ممارسة نفس الحق الذي يعتبر حقا دستوريا ومشروعا. تتم المطالبة بفتح أقسام لهذه الفئة بعد تجهيزهم والتأكد من قابليتهم للتمدرس، في هذه الحالة يجري إحصاؤهم حسب جهيدة ويتم البحث عن المؤسسة التي تكون قريبة من مقر سكناهم، بحكم أن هذه الشريحة تتعب بسرعة وتعاني من حالة البطء في الحركة وفي إنجاز الأعمال، من أجل هذا، ينبغي ألا يزيد القسم الواحد عن 12 طفلا يشرف عليهم مرب ومعلم، كل هذا يتطلب فتح العديد من الأقسام. تحصي الجمعية حسب جهيدة حوالي 450 طفلا متمدرسا، وفتحنا تقول هذه السنة خمسة أقسام فقط، وهو عدد قليل مقارنة مع العدد الكبير للأطفال الذين ينتظرون أن تمنح لهم فرصة التمدرس، خاصة بعد إدراك الأولياء أن طفل التريزوميا يمكن أن يشق طريقه في الحياة دون الاعتماد على غيره. تناشد الأمينة العامة لجمعية التريزوميا الجهات المعنية بقطاع التربية، أن تحظى طلبات فتح أقسام لهذه الشريحة بالقبول، وتحديدا بشرق العاصمة، نظر لما يتمتعون به من إرادة وعزم في طلب العلم، وأن يُراجع القانون الذي يتحكم في تسيير روضات الأطفال، بالنظر إلى العدد الكبير للرضع المصابين بالتريزوميا من الذين تعذر على أوليائهم إيجاد جهة تتكفل بهم، خاصة أن الجمعيات التي تعنى بهم تعد على الأصابع.