لم تمنع الأمطار الغزيرة المتساقطة الأطفال من تلبية نداء مدرسة التربية البيئية بحديقة التجارب بالحامة، قصد المشاركة في إحياء اليوم الدولي لحقوق الأطفال المصادف ل 20 نوفمبر من كل سنة، والذي ارتأت المدرسة أن تستغله في التوعية البيئية لإعلام الصغار أن العيش في بيئة نظيفة حق من حقوقهم، لهذا اختارت له شعار «لأطفالنا الحق في العيش في عالم نظيف». كان أطفال المؤسسات التربوية لمختلف بلديات العاصمة والولايات المجاورة، مثل تيبازة وبومرداس، حاضرين في الموعد للمشاركة في مختلف النشاطات التي برمجتها مدرسة التربية البيئية للأطفال بالشراكة مع وزارة التربية، حيث اجتهد القائمون على مدرسة التربية البيئية في تنويع مختلف البرامج المعدة التي تخدم ثقافة الطفل من جهة، وتزويده بمعارف جديدة، تحديدا فيما يخص البيئة وما تحتاجه من عناية قصد الحفاظ عليها. وعلى هامش التظاهرة البيئية، تحدثت «المساء» إلى المشرفة بخصوص إحياء هذا اليوم الدولي، السيدة كوثر مادوي مسؤولة بمدرسة التربية البيئية، حيث قالت: «نتحدث كثيرا عن حقوق الطفل على أنها الحق في الحياة، الصحة والتعليم المجاني، غير أننا لا ندرج حق العيش في بيئة نظيفة، لذا فكرنا ونحن نحيي اليوم الدولي لحقوق الأطفال، في إجراء توأمة بين اليوم الدولي لحقوق الطفل، وحملة النظافة التي أطلقتها ولاية الجزائر مؤخرا، ولأن حديقة الحامة تابعة لها من الناحية الإدارية، فكرنا في تنظيم هذا اليوم التحسيسي الذي نتطلع من ورائه إلى ترسيخ فكرة أن البيئة النظيفة حق من حقوق الأطفال، بالتالي ينبغي عليهم التمسك والمطالبة بها من خلال المشاركة الفاعلة في حمايتها، وقد اخترنا لهذا اليوم شعار «لأطفالنا الحق في العيش في عالم نظيف». وتحدثت مسؤولة المدرسة عن جملة الأنشطة التربوية التي نظمتها بالمناسبة، والتي تمثلت في عرض فيلم وثائقي يتناول مختلف حقوق الأطفال، إلى جانب ورشات تشمل ألعابا تربوية، منها عجلة البيئة وشجرة البيئة بالنسبة للفترة الصباحية، أما الفترة المسائية فخصصت لعرض مسرحية لدمى «القاراقوز» التي يدور موضوعها حول قصة حاوية النفايات والهدف من وجودها. تتطلع مدرسة التربية البيئية إلى تحقيق هدف واحد، يتمثل في توعية الأطفال نظرا لما آلت إليه الجزائر جراء عدم التحلي بهذا السلوك الحضاري المتمثل في العناية بالبيئة، بدليل أننا تقول السيدة مادوي نحتل المرتبة الثالثة في قائمة الدول التي لا تعطي أهمية لنظافة المحيط، هذا الرقم الذي نتطلع إلى تغييره عن طريق تعليم الطفل منذ الصغر المعنى الحقيقي للحق في التمتع ببيئة نظيفة. شد انتباه «المساء» لدى تواجدها بمدرسة البستنة التي نظم بها النشاط، الأمطار المتساقطة التي حالت دون إقامته بين أحضان الطبيعة، مع التفاعل الكبير للأطفال الذين حاولوا بطريقتهم الخاصة الكشف عن المعلومات البسيطة التي تكونت لديهم حول البيئة وكيفية الحفاظ عليها، بينما اعتمد المختصون في مدرسة البيئة من خلال الألعاب التربوية طريقة السؤال والبحث عن الإجابة، مما جعلهم يكتشفون بأنفسهم مواطن الخطأ في بعض المعتقدات البيئية التي يؤمنون بها، كالتخلص من النفايات عن طريق حرقها، هذا الاعتقاد مثلا الذي ورد في كل إجابات الأطفال عند ردهم على سؤال حول كيفية التخلص من النفايات بعد رميها في الحاويات، حيث أغفلوا الخطر الذي تسببه عملية الحرق من تلويث الهواء باعتباره جزءا من الطبيعة، وفي المقابل عكف المشرف على الورشة على تصحيحها عن طريق تنبيههم إلى أهمية عملية الفرز التي لا تتحقق إلا برمي كل النفايات في المكان المخصص لها، فالزجاج يلقى في حاويات خاصة به، نفس الأمر بالنسبة للورق والبلاستيك، وهذا الإجراء يقودنا إلى عملية أخرى تعد هامة في تكريس مبدأ الحفاظ على البيئة، تتمثل في عملية إعادة الاسترجاع أو الرسكلة. شارك في إنجاح هذا اليوم التحسيسي، ممثلون عن مديرية البيئة الذين عملوا بطريقتهم الخاصة على توعية الأطفال بأهمية الحفاظ على البيئة من خلال إطلاعهم على طريقة عمل المديرية التي تقوم حسب ممثلتها على أساس تكليف العاملين بها، بالقيام بجولات استطلاعية قصد معاينة الأماكن التي تكثر فيها الأوساخ، كما أن عملهم لا يقتصر على أكياس النفايات التي يلقي بها المواطن بطريقة عشوائية، إنما يمتد نشاطهم إلى فحص الهواء والماء، وتعتقد ممثلة المديرية أن السبب الأول والأساسي لتدهور الوضع البيئي في الجزائر يعود إلى غياب الحس المدني الذي نحاول تقول من خلال هذه النشاطات إعادة بعثه في الأطفال، لنصحح عن طريقهم أخطاء أوليائهم. لقيت التظاهرة البيئية إعجاب المعلمين ومديري المدارس الذين رافقوا التلاميذ، وفي دردشتنا مع رشيد بوقمحة مدير المدرسة الابتدائية العربي بالمهيدي بتيبازة، قال: «إن الأطفال في أمس الحاجة لمثل هذه النشاطات البيئية التي تنمي بداخلهم الشعور بالمسؤولية اتجاه بيئتهم»، مؤكدا على أهمية وجود المساحات الخضراء بالمؤسسات التربوية التي أضحت تبنى بطريقة لا تراعي الجانب البيئي». وفي رده على سؤالنا حول كيفية تحويل الأطفال إلى شركاء فاعلين في المحافظة على البيئة، أكد رشيد أن ذلك لا يتحقق إلا عن طريق إقحامهم في كل النشاطات الميدانية الخاصة بالبيئة، مثل المساهمة في عملية التشجير وخلق فضاءات خضراء بمؤسساتهم يشرفون عليها، إلى جانب إقحامهم في النوادي البيئية.