فشل الملك المغربي محمد السادس في إقناع الرئيس الامريكي باراك أوباما بعدم إدراج مسألة حقوق الإنسان في البيان الختامي للقاء الذي جمعهما مساء الجمعة بالمكتب البيضاوي بواشنطن ليكون ذلك أول مكسب تحققه القضية الصحراوية. وعمل الملك المغربي جاهدا من أجل إبقاء القمة في إطار "اقتصادي وأمني" محض، ولكنه لم يجد بدا في النهاية من إضافة حق الصحراويين في العيش الكريم في هذا البيان. والحقيقة أن وضعية حقوق الإنسان في المدن المحتلة والانتهاكات التي تطال المدنيين الصحراويين سبقت الملك محمد السادس إلى واشنطن منذ فترة بعد أن تعالت أصوات فاعلة في أوساط الرأي العام الأمريكي وهيئاته الرسمية مطالبة بضرورة وضع الملك محمد السادس أمام مسؤولياته بخصوص هذه القضية التي تعدت فظاعتها الخطوط الحمراء ولم يعد بالإمكان السكوت عنها حتى تحت طائلة المصلحة القومية الأمريكية. ولم يكن في مقدور الرئيس الأمريكي تخطي قضية بمثل هذه الخطورة وهو الذي سعى شهر أفريل الماضي إلى إدراج آلية مراقبة حقوق الإنسان ضمن مهام بعثة "مينورسو" وأيضا وسط سيل التقارير الفاضحة التي أعدتها كتابة الخارجية ومنظمات وهيئات حقوقية وسردت فيها تلك الأساليب القمعية التي تمارس ضد الصحراويين دون أن يتم معاقبة منفذيها بعد أن تحولت إلى ثقافة وسلوك عادي لدى نظام محتل لشعب يريد الانعتاق. وحتى فرحة الانتصار التي أبداها الملك محمد السادس بعد أن اعتبرت الإدارة الأمريكية خيار "الحكم الذاتي" واقعيا فإنها في الواقع فرحة زائفة إذا سلمنا بأن الولاياتالمتحدة لم تلغ العمل بالبدائل الأخرى المطروحة على طاولة الأممالمتحدة سواء تلك المتعلقة بالاستقلال أو فكرة الضم. بل أن بيان البيت الأبيض كان واضحا في هذا الشأن عندما أيد هذه الجهود وما يقوم به المبعوث الشخصي الاممي إلى الصحراء الغربية كريتسوفر روس. وعندما نعلم أن هذا الأخير يتحرك وسيطا بين طرفي النزاع وفق الخيارات الثلاثة ندرك أن الولاياتالمتحدة إنما اعتبرت الفكرة المغربية واقعية ليس لفرضها على الشعب الصحراوي ولكن لتضعها ضمن الخيارات الأخرى القابلة أيضا لأن تكون حلا نهائيا لمأساة شعب عمرت لقرابة أربعة عقود. ثم أن الرباط تدرك جيدا أنه لا أحد بإمكانه فرض أي مقترح مهما كانت واقعيته على شعب يريد أن يعبر عن رأيه بكل حرية وشرطه الوحيد في ذلك تمكينه من استفتاء نزيه يحترم فيه رأيه، ولولا ذلك لانتهت القضية بمجرد أن تحولت فرنسا منذ سنوات إلى طرف مؤيد للاحتلال المغربي. فلا الولاياتالمتحدة تمكنت من فرض ما تراه "واقيعا" ولا فرنسا أكبر سند للمغرب استطاعت تغليب احتلال مفروض ولا حتى إسبانيا التي تنكرت لدورها كقوة استعمارية وراعت مصالحها الملكية مع أطماع مملكة توسعية على حساب شعب أعزل قدرت على ذلك. وحتى لا يبقى الموقف محل هذا الجدل المتواصل منذ عقود فلتكن للمغرب ومعها فرنسا الشجاعة الدبلوماسية الكافية وتترك على الأقل حرية التعبير لسكان المدن المحتلة بعيدا عن أية مضايقات لقول ما يختلج بداخلهم تجاه وضع استيطاني كتم على أنفاسهم وأصبحوا غرباء في بلدهم.