صادق مجلس حقوق الإنسان خلال دورته العادية الثامنة أمس بجنيف على تقرير الجزائر حول حقوق الإنسان في إطار المراقبة الدورية الشاملة. ويكشف التقرير عن الإطار القانوني لحقوق الإنسان وتطبيقها في الجزائر ويبرز الصعوبات والتحديات في تطبيقها كما يحدد المحاور الرئيسية فيما يتعلق بالعمل المستقبلي الذي ستقوم به السلطات العمومية في هذا المجال. وسبق أن قدم هذا التقرير من قبل وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي في أفريل الفارط. وبعد أن وجه شكره لكل الذين "ابدوا اهتماما بهذا التقرير الذي قدمته الحكومة الجزائرية" منوها بدور "الترويكا (السينغال والفيليبين والأوروغواي) أشار السيد إدريس الجزائري سفير الجزائر وممثلها الدائم ورئيس الوفد الجزائري في الدورة الثامنة لمجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان عند المراقبة الدورية الشاملة أنه "مازال أمام الجزائر المزيد من الطريق تقطعه والعديد من المهارات لتحسينها". وقال في هذا السياق "نحن نسعى لذلك بسعة صدر لاسيما و أن الروح التي طبعت النقاش في مجموعة العمل تساعد على المضي قدما في مجال تحسين حقوق الإنسان". وأكد أن "المجلس أعطى ترقية حقوق الإنسان ديناميكية جديدة بفضل تجنب الخوض في المرافعات أو مواقف الواعظين التي كانت تضلل اللجنة السابقة" مضيفا أن الحكومة الجزائرية "عملت بالنتائج الأولية لمجموعة العمل للمجلس حول بحث تقريرها". وأكد الدبلوماسي الجزائري أن انضمام الجزائر لهذه "الديناميكية" تجسد من خلال " القبول الفوري لمعظم التوصيات التي تمت بلورتها أي 17 من 20، معتبرا أن التوصيات التي تم قبولها تشارك في " تعزيز المسعى الوطني لترقية حقوق الإنسان وحمايتها كما أنها تشجع تفتح المواطن ورفاهيته". وأضاف في تصريحه أن الجزائر "عجلت" بتنفيذ خطتها الوطنية لحقوق الإنسان، كما أنها أطلقت النظام الخاص بالصحفيين وأعدت مشروع نص تشريعي حول تجريم العنف في المنازل وتجريم المتاجرة بالبشر، كما ذكر بمشروع قانون إطار حول الطفل يشمل أربعة جوانب تخص الصحة والتربية والمساواة والحماية. وأشار إلى أن الحكومة الجزائرية قد باشرت الإجراءات من اجل التصديق على الاتفاقية والبروتوكول المتعلقين بالمعوقين معلنا عن تنظيم يومي 28 و29 جوان بالجزائر العاصمة لقاء وطني حول العلاقات في الأسرة والذي سيتطرق للعنف الممارس ضد الأطفال. وأكد السيد إدريس الجزائري أن الجزائر أعطت موافقتها على زيارة المقررين الخواص لمجلس حرية الديانة وحقوق المرأة مبرزا استعداد الجزائر لكي تستقبل في أي وقت المقرر الخاص حول حرية الرأي والتعبير وأنها بصدد دراسة إمكانية توجيه دعوات جديدة لمقررين آخرين. كما أشار السيد الجزائري إلى أن الجزائر لم تأخذ بثلاث توصيات، موضحا أن هذه الأخيرة "تعارض الدستور والميثاق من أجل السلم و المصالحة الوطنية وكذا المبادئ غير التمييزية فيما يتعلق بحرية الديانة". وأكد "أن انفتاحنا على النقاش التناظري لا يزال كاملا كما أننا سنقدم إجابات لكل التساؤلات المحتملة التي قد تطرحها الدول الأعضاء و المنظمات غير الحكومية". ولدى تطرقه إلى الآلية الدورية للمراقبة الشاملة دعا الدبلوماسي إلى ترك الوقت لهذا المسار لشق طريقه بدل التحامل عليه كما يسارع إلى ذلك البعض الذين كانوا من المبادرين بفكرة المراقبة الدورية الشاملة" مذكرا بأن الجزائر كانت من المساهمين في إعداد النص المؤسس للمجلس. وفي رده عن تعليقات بعض الدول و المنظمات غير الحكومية أكد الدبلوماسي الجزائري أن "اللاعقاب" الذي تم إلصاقه بميثاق السلم و المصالحة الوطنية "لا مكان له في أي من نصوص هذا الميثاق الذي زكاه الشعب الجزائري عبر استفتاء" متسائلا في الوقت ذاته "ما مدى شرعية هذه المنظمات غير الحكومية التي تشكك في خيار أجراه ملايين الجزائريين بكل سيادة باعتبارهم المصدر الوحيد للشرعية". وتساءل السيد إدريس الجزائري "هل يمكن أن يشكل الحق في السلام تهديدا بعد كل هذه المحن والآلام والدموع"، مؤكدا أن هذا الطرح يخدم "تجار الموت و صناع الجريمة والتضليل وممولي الإرهاب وأولئك الذي يقتاتون من منبع مأساة الآخرين". وفي سياق حديثه عن تسيير ملف المفقودين، وصف السيد الجزائري المسألة ب"الأليمة بالنسبة للمجتمع الجزائري" مؤكدا أنه "ليست هناك عائلة إلا و كانت معنية سواء من قريب أم من بعيد فالأمر يتعلق بالنتيجة الأكثر إيلاما للمأساة الوطنية والتي قدمت لها الدولة الجزائرية حلولا إنسانية وقانونية واجتماعية". وبخصوص حرية التعبير أوضح أنها "مؤكدة" من قبل الدستور الجزائري الذي "يضمن علنا عدم انتهاك حرية التفكير والديانة". وعن حرية الديانة ذكر الدبلوماسي الجزائري بأحكام الأمر المحدد لشروط وقواعد ممارسة الديانات غير الإسلام. وأشار إلى أن هذا الأمر يملأ "فراغا قانونيا" ويأتي عقب "شكاوى متعددة لمواطنين لاحظوا أنه تم استغلال مشاكلهم الراهنة عبر حملات تنصير عنيفة باسم حرية الديانة مما خلف حالة من الذعر والتفكك في أوساط العائلات والمجتمع". وأوضح السيد الجزائري أخيرا أن هذه الأعمال "التي ترمي إلى زعزعة الاستقرار هي من فعل أشخاص غير مؤهلين وغير مرخص لهم".