تراهن ولاية غليزان، المتميزة بغنى وتنوّع موروثها الثقافي على الاستثمار في المواقع الأثرية والتراث غير المادي لترقية السياحة الثقافية، وضمن هذا التوجه تسعى مديريتا السياحة والصناعة التقليدية والثقافة من خلال البرامج التنموية إلى إعادة الإعتبار للمآثر التاريخية والترويج للتظاهرات الثقافية وللمزارات الدينية لجعل الولاية منطقة جذب سياحي في هذا الجانب. وتعدّ بلدات “قلعة بني راشد” ومازونة و«عمي موسى” من أهم المناطق بالولاية التي تحتضن مواقع أثرية وتراثية هامة تعود إلى العهدين العثماني والروماني، وقد قامت مديرية الثقافة بإجراءات تصنيف موقعي قلعة “بني راشد” ومازونة حيث أعدت ملفين خاصين بهما يوجدان حاليا على مستوى الوزارة الوصية وذلك قبل الشروع في ترميمهما، وذكر مدير الثقافة السيد محسوب الحاج أنه تم إلى جانب ذلك تخصيص غلاف مالي لإنجاز دراسة تخص مخططا دائما لحماية مازونة القديمة والمحافظة على آثارها وتثمينها وستجرى مستقبلا عملية مماثلة بالنسبة لقلعة بني راشد. كما تنوي نفس المديرية إنشاء في المستقبل مركز لقراءة المخطوطات بمدينة مازونة العتيقة مما سيسمح للمهتمين بالمخطوطات والباحثين بتثمين هذا التراث الثقافي للمنطقة التي كانت في الماضي قبلة للعلماء، ومعلوم أنّ مدينة مازونة القديمة الواقعة على بعد 80 كلم شمال شرق غليزان، كانت عاصمة لبايلك الغرب، في العهد العثماني ولا تزال آثار تلك الحقبة قائمة تشهد على الازدهار الحضاري الذي عرفته المنطقة. ومن أهم هذه الآثار حي القصبة المتميز بموقعه الإستراتيجي وشوارعه الضيقة والمحكمة القديمة التي يرتقب تحويلها إلى متحف والمدرسة الفقهية التي تعود إلى القرن الحادي عشر الهجري علاوة عن عدة مساجد عتيقة ومقهى قديم. ومن جهتها تضم قلعة بني راشد (35 كلم جنوب غرب عاصمة الولاية) التي يرتقب إنجاز بها ديوان محلي للسياحة قصبة مماثلة ومقبرة عثمانية ومساجد عتيقة وعشرات القبب للأولياء الصالحين علاوة عن اشتهارها ب«زربية القلعة”. ولكون هذه الزربية التي نالت في الماضي شهرة حتى خارج الوطن تشكّل أحد أهم عوامل ترقية السياحة الثقافية بالمنطقة سيتم قريبا إعادة تشغيل وحدة الزربية بهذه البلدة المتوقفة عن النشاط منذ سنة 1994 استنادا إلى مدير السياحة والصناعة التقليدية السيد طوالبية جيلالي. كما تعتزم مديرية السياحة والصناعات التقليدية تنظيم دورات تكوينية لحرفيات المنطقة على مستوى دار الحرف والصناعات التقليدية تحت إشراف خبير تركي لاكتساب مهارات عالية وتحسين نوعية هذه الزربية التي تعتبر من النسيج المخملي (بالعقدة) المستوحى من الفن الأندلسي المغاربي والذي من شأنه الترويج للسياحة الثقافية، وفي ما يتعلق بمعلم “قصر كاوة” ببلدية عمي موسى الذي يعود إلى العهد الروماني والمصنف منذ 1901 فمن المرتقب الإنطلاق قريبا في دراسة لحمايته حسبما علم من مدير الثقافة. وستسمح العملية بإعطاء القيمة الأصلية والتاريخية لهذا الموقع الأثري ليكون وجهة أخرى للسياحة الثقافية بالمنطقة. وعلى صعيد آخر تعمل مديرية السياحة والصناعة التقليدية على تثمين وإحياء النشاطات والمهرجانات الثقافية والمواسم الدينية ذات الطابع السياحي وخاصة الوعدات التي تنظم طيلة فصلي الربيع والخريف، وتعد غليزان من أبرز الولايات في هذا الجانب حيث تحتضن 27 زاوية دينية والكثير من المزارات للأولياء الصالحين ومنها وعدة الولي الصالح سيدي امحمد بن عودة التي تستقطب المولعين بهذا النشاط من كل مناطق الوطن وحتى من الخارج. ولترقية هذه النشاطات تحفز نفس المديرية على إنجاز هياكل الإيواء وتقوم بإنجاز الدعائم الاشهارية لإدماج هذا المنتوج في إطار السياحة الثقافية، ويتطلع مسؤولو قطاع السياحة لأن يكون لإجراءات ترقية السياحة الثقافية تأثير على السكان من خلال ازدهار النشاطات المرتبطة بها على غرار الصناعة التقليدية والنشاطات التجارية وكذا التعريف بعادات وتقاليد المنطقة.