كشفت مصادر طبية بمديرية الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات لولاية وهران، وكذا مديريتي المستشفيين الجامعيين أنه يجري هذه الأيام إجراء تحقيق طبي حول نوعية المياه التي يجري توزيعها على مستوى الناحية الغربية للولاية، بعد أن تم الكشف عن العديد من الحالات المرضية المتنقلة بسبب استهلاك مياه الشرب بهذه المناطق، لاسيما ببلديات طفراوي، الكرمة، بوفاطيس ووادي تليلات وبعض من أحياء بلدية السانيا. وقد أصبحت هذه الأخطار تهدد ما لا يقل عن حياة 200 ألف من السكان، مما دفع بالسكان إلى تنظيم أنفسهم في جمعيات للمطالبة من السلطات المحلية بضرورة التدخل السريع وتفادي كارثة قد تلحق بهم، كما حدث مرة عام 2009 بقرية الكحايلية ببلدية طفراوي التي أصاب سكانها داء الطاعون وتم إثرها تسجيل العديد من حالات الوفاة، الأمر الذي تطلب تدخلا كبيرا على المستوى المركزي وتنقل الوزير وقت ذاك وإيفاد لجنة وطنية للتحقيق في الأمر بعد مطالبة منظمة الصحة العالمية بوجوب معرفة ما يجري الأمر الذي دفع بها إلى إيفاد خبراء إلى المنطقة قصد الاطلاع عن كثب على الوضعية والمستجدات. وأكد مدير الصحة وإصلاح المستشفيات بولاية وهران السيد عبد القادر قصاب ل”المساء” أن القضية هذه المرة ليست بنفس الخطورة وأن الأمر متحكم فيه لأنه بمجرد تسجيل الحالات الأولى تم احتواء الوضع وتنصيب خلية على مستوى المديرية وإعلام الوزارة الوصية بالوضع والقيام بكل الإجراءات الوقائية المطلوبة التي يتحتم الأمر اتخاذها في مثل هذه الحالات والأوضاع. أما على أرض الواقع فقد أكد المخبريون الذين تنقلوا إلى عين المكان من أجل أخذ عينات لتحليلها وإجراء التحاليل البكتريولوجية عليها أنهم قاموا بعدة تحاليل مخبرية مركّزة حول الماء الشروب وكافة الأمراض المتنقلة عبر المياه ونوعية المياه الموزعة عبر كامل تراب الولاية وعدم الاكتفاء بتلك الموزعة عبر بلديات دائرتي السانيا ووادي تليلات والتأكد حول مدى مطابقة المكونات للمعايير المتعارف عليها طبيا وفيزيائيا وكيميائيا، حيث تبين بعد عدة تحاليل مختلفة ومتباينة بمخبري وهران والجزائر العاصمة، أن مناطق بلديات دائرتي السانيا ووادي تليلات تعرف فعلا انخفاضا في نسبة الكلور في مياه الشرب الموزعة في أحياء هذه البلديات ومختلف تجمعاتها السكنية وزيادة على هذا فقد أثبتت التحاليل والنتائج المخبرية بما لا يدع مجالا للشك أن نسبة الكلور لا تطابق المقاييس المعمول بها دوليا أو وطنيا ولا محليا الأمر الذي يبقي على بعض الميكروبات والفيروسات والجراثيم المقاومة وهو الأمر الذي يتسبب في انتقال الأمراض وانتشارها ومن أهم هذه الأمراض نذكر على سبيل الحصر التهاب الكبد الفيروسي والتيفوئيد والكوليرا. وأمام هذا الأمر الواقع وتفاديا لحدوث أي إشكال صحي طالب العديد من المواطنين السلطات المحلية العمومية ضرورة اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية المواطن قبل وقوع مالا تحمد عقباه وهو الأمر الذي قال مدير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بأنه متحكم فيه كلية. من جهتها أوضحت المكلفة بالاتصال بمؤسسة المياه ”سيور” أن كل التدابير الضرورية تم اتخاذها في حينها وآجالها، وأنه حتى على مستوى هذه المؤسسة يتم القيام بالتحاليل المخبرية الشاملة كل أسبوع بغرض المتابعة الميدانية لنوعية المياه المستهلكة من طرف المواطن هذا زيادة على عمليات المراقبة والمعالجة التي تتم بشكل دوري من أجل التأكد من المطابقة العالمية لنسبة الكلور في الماء الشروب من أجل حفظ الصحة العمومية. أما بالنسبة للكثير من التقنيين العاملين في الميدان فذكروا لنا أن نسبة الكلور في الخزانات التي تسيرها مؤسسة ”سيور” مطابقة تماما للمعايير العالمية ولكن المشكل في عمليات انخفاض هذه النسبة وفي هذه المناطق سالفة الذكر يعود بالأساس إلى مشكلين لا بد من معالجتهما بسرعة، يتمثل الأول في أن انخفاض نسبة الكلور تتم أثناء عملية تدفق المياه عبر القنوات وهو أمر لا يمكن التحكم فيه إلا بحل المشكل الثاني المتعلق باهتراء هذه القنوات التي يعود عمرها إلى الفترة الاستعمارية في هذه المناطق التي تعاني من نقص الكلور في مياهها.