تبدو الانتخابات الرئاسية ل17 أفريل 2014، الأكثر استقطابا للشارع من سابقاتها بغض النظر عن العوامل التي سهّلت هذا الاستقطاب أو فرضته من وسائل إعلام على اختلافها، تضاف إليها الشبكة العنكبوتية(الأنترنت) وما توفّره من طرق الاتصال الفورية. ولا يخفى على أحد أن مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، (متّعه الله بالصحة والعافية) كان له الدور الكبير في هذا الاستقطاب والاهتمام حتى قبل التحضير للرئاسيات، حيث وجد فيه الاعلام والصالونات "السياسية المادة الدسمة للقراءات والتحليلات والتأويلات، وحبك سيناريوهات الرئاسيات، خاصة فيما يخص ترشح الرئيس لعهدة جديدة من عدمه، وفرص فوزه من عدمها في حال ترشحه، حيث فتح المجال واسعا للأخذ والرد في الموضوع بعيدا عن انشغالات الشارع واهتماماته وقراءاته للواقع السياسي، الذي ابتعد عنه السياسيون باعتمادهم التنظير والتخمين. والشارع في هذه الانتخابات خيّب آمال كثير من المحللين والمنظّرين، وراقب المشهد قبل الحملة الانتخابية وأثناءها، واستمع لمن تحدّث باسمه، وتوعّد باسمه، ورسم أحلاما في غرف مغلقة وصالونات فخمة رفع بها نفسه إلى علّيين قبل أن يستفيق على حقيقة أن الشارع في وادٍ وهو في وادٍ آخر. وبهذا السلوك يكون الشارع (الشعب) قد رفض الوصاية جملة وتفصيلا، وقال كلمة الفصل في انتخابات قال عنها المراقبون والمشرفون والملاحظون، إنها ناجحة بكل المقاييس، وسيكتب التاريخ بناء على المعطيات الآنفة الذكر، أنها الرئاسيات الأكثر إثارة منذ اعتماد التعددية في الجزائر. وبالعودة إلى الاستحقاقات السابقة، نستطيع القول أن الشارع لا يولي اهتماما لما يقال عنه من قبل الساسة خاصة عندما يفشلون في الظفر بأصوات ناخبيه، فيوصف بأسوأ النعوت، ولا يلقي بالا للوعود المعسولة التي كثيرا ما تنسى بعد الحملات الانتخابية خاصة التشريعية منها والمحلية، حيث يدرك أنه " يسمع جعجعة ولا يرى طحينا"، كما يقول المثل العربي. وبالمقابل يدرك بحسّه الفطري أين تكمن مصلحة البلد، وأين تُضمن مصالحه فيتجه إليها واثقا مطمئنّا يوم يجدّ الجد.