نكاز يشتق شعاره من اسمه وأنصار بوتفليقة يفضلون الوفاء والاستقرار مهما بلغ الأداء اللغوي لأي شخص، فإنه لن يستطيع بأي حال أن يتقن فن السهل الممتنع كي يلخص برنامجا سياسيا لمترشح رئاسي، بزواياه السياسية والقانونية والاجتماعية وشقيه الداخلي والخارجي بتشعباتهما في بضع كلمات معدودة، إذ يجب أن تحمل معاني قوية توجز التوجه السياسي للمترشح لمنصب بحجم رئيس الجمهورية القاضي الأول للبلاد والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وتلك هي مهمة واضعي شعارات المترشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة، الذين عليهم تقديم أفضل العبارات التي تنتقى كي تكون أكبر عنوان للحملة الانتخابية التي يخوضونها لتسويق برنامجهم للشعب، وهي العملية التي يحرص المترشحون لمختلف الاستحقاقات في الدول المتقدمة على إيلائها أهمية بالغة، لأنها سترتبط بصورة المترشح التي ستترسخ لدى الجمهور، فالعالم كله كان شاهدا على السحر الكبير الذي كان للشعار الذي رفعه الرئيس باراك أوباما عام 2008، "we believe in change"، أي "نحن نؤمن بالتغيير"، وهو خلاصة دراسة طويلة ومعمقة للمزاج العام في البلاد، بعد عهدتين من حكم الحزب الجمهوري عبر الرئيس جورج بوش الذي جعل معظم الشارع الأمريكي يميل إلى "التغيير"، خصوصا بعد حربي أفغانستان والعراق المكلفتين بشريا وماديا، ثم أبهرنا فريق أوباما في الحملة من أجل عهدته الثانية بشعار من كلمة واحدة "forward "، أي "إلى الأمام" مكتوبة بخط عريض، من أجل مزيد من الإبهار سعيا للبقاء سيدا على البيت الأبيض، وهو ما تحقق. وفي هذا المجال لا تعتبر التجربة الأمريكية إلا نموذجا معمما على باقي الدول التي لديها رصيد في الممارسة الديمقراطية، مما يجعل أي تقييم لمستوى الشعارات الانتخابية، هو مؤشر على مستوى الأداء السياسي للأحزاب والشخصيات في سباق بلوغ أعلى منصب في البلاد، رغم الفارق الكبير في مستوى الدعاية الانتخابية بين التجربتين. دعاة العهدة الرابعة .. ولازمة "الوفاء والاستقرار" لا تخلو شعارات الأحزاب الداعية إلى ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى عهدة رابعة من كلمتي "الوفاء" و«الاستقرار"، في إشارة إلى "الوفاء لشخص الرئيس بوتفليقة الذي قدم خدمات للبلاد طيلة سنوات حكمه الماضية"، وكذلك "الاستقرار الذي جاء به الرئيس والذي يجب المحافظة عليه عبر دعم ترشحه للعهدة الرابعة". وتبقى هذه الشعارات غير رسمية لأن الرئيس لم يعلن عن ترشحه للرئاسيات، الذي تنتظره الأحزاب الداعمة لهذا المسعى حتى تتحول شعاراتها إلى شعار رسمي للرئيس المترشح. رشيد نكاز يشتق الشعار من اسمه فضل السياسي المستقل الذي أعلن عن رغبته في خوض رئاسيات أفريل المقبل مبكرا أن يشتق من اسمه "رشيد" شعاره ذي الدلالات السياسية وهو "رشيد نكاز من أجل دولة رشيدة"، وهو شعار خرج عن الإطار الكلاسيكي في الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي لا يعتبر غريبا عن رجل أراد أن يظهر بشكل مختلف من البداية من الأدبيات التي يستعملها وتعامله مع الناس، وحتى طريقة لباسة التي تشبه إلى حد بعيد الشكل الاستعراضي الذي يجأ اليه رجال السياسة والفن في العالم الغربي من أجل الحضور وخطف الأضواء، وهو الشعار الذي وجد فيه الكثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة للتنكيت من خلال إجراء إسقاطات بين وصف "رشيدة" واسم "دليلة"، المرأة ذات الحظوة في الفيلم الجزائري الشهير "كرنفال في دشرة"، في إشارة منهم إلى أن القضاء على المحسوبية والمعريفة هي أولى خطوات بناء الدولة الرشيدة. جيلالي ... "الجديد" و"الجيد" الاشتقاق واللعب بالكلمات نفسه قام به حزب جيل جديد، الذي رشح رئيسه جيلالي سفيان للانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث حول اسم الحزب "جيل جديد" إلى شعار انتخابي مع تغيير طفيف بحذف حرف الدال من كلمة جديد، ليصير شعار حملة أستاذ البيطرة في خوض الاستحقاق الانتخابي هو "جيل جيد"، حيث حافظ على كلمة جيل التي دائما ما ترمز إلى الشباب والتجديد وهما أكثر المطالب التي ينادي بها الحزب ورئيسه. ويبدو أن جيلالي سفيان وحزبه قد وضعوا شعار "الجيل الجيد" عسى أن يكون فأل خير لتحقيق النتائج الجيدة في الانتخابات المقبلة، التي ستظهر إذا ما كان الشعب الجزائري يشاطرهم في وصف "الجيد"، أم أن رأيه مخالف. بن بيتور .. الاقتصادي الذي يعد ب "الازدهار" يسهب رئيس الحكومة الأسبق والمترشح المحتمل للانتخابات الرئاسية المقبلة، كلما سمحت له المناسبة في شرح رؤيته للاقتصاد الجزائري، والمآخذ الجمة التي يجدها فيه، خصوصا في اقتصاره على الريع المجني من المحروقات من دون فوائد تذكر على التنمية الوطنية والبنية التحتية لمختلف فروع الاقتصاد، لكن ضيق المساحة التي يتطلبها شعار الحملة نحو الرئاسة، جعله يختصر جل نظرياته وأبحاثه والحلول التي يقترحها في مبتدأ وخبر شكلا عبارة "جزائر الازدهار". ويعول بن بيتور على كلمة الازدهار بكل ما تحمله من معاني إيجابية حول وضعية البلاد واقتصادها إذا ما حصل على مفاتيح الشعب لدخول قصر المرادية، في تجاوز الصورة النمطية التي دائما ترتبط باسمه وهي "النخبوي البعيد عن القاعدة الجماهيرية"، أو"منظر الصالونات" الذي لا يجد لأفكاره صدى في الشارع، محاولا إعطاء فكرة بسيطة ووعد وردي يعول عليه في استقطاب شرائح واسعة من الشعب تنشد المستقبل الأفضل. بن فليس.. من دون شعار ثابت المتصفح للصفحة الرئيسية للمترشح المحتمل للرئاسيات المقبلة علي بن فليس على فايسبوك، والصفحات المتفرعة عنها لا يجد شعارا ثابتا لحملة رئيس الحكومة الأسبق، بل العديد منها على سبيل "بن فليس رجل التغيير"، و«بن فليس من أجل التغيير"، وكذلك "بن فليس لعودة الأمل"، وعلى اختلاف صياغاتها، جاءت الشعارات كلها في خانة البحث عن التغيير. وهي الزاوية التي صاغ بها "السي علي" شعاره خلال انتخابات 2004، والتي حل فيها في المركز الثاني بعد الرئيس بوتفليقة، فهل سيكون مصيره كتلك الانتخابات التي غادر بعد صدور نتائجها الحياة السياسية إلى غاية عودته من بوابة رئاسيات 2014 آملا أن يحصل "تغيير" في النتائج لصالحه. ولدى اتصالنا بمدير حملة المترشح لطفي بومغار، أكد لنا أن الشعار لم يتم البت فيه إلى غاية اللحظة، حيث يتم دراسة العديد من النماذج واختيار الأفضل منها. علي زغدود.. "المشاركة" شعار عميد المشاركة في الانتخابات لا يمثل ترشح رئيس حزب التجمع الجزائري علي زغدود أي مفاجأة وجديد للمتتبعين للساحة السياسية في الجزائر، حيث أصبح من الوجوه التي لا تغيب عن كل موعد منذ عام 1999، ولم تدفعه النتائج المتدنية التي نالها في كل موعد للإحجام عن إعادة الترشح، معيدا السيناريو نفسه الذي حصل مع سابقاتها، وهو ما ينطبق على الشعارات التي يرفعها في حملاته، حيث لم يخرج عن القالب الكلاسيكي في صياغتها، وهو ما أعاده هذه المرة عبر شعار "من أجل المشاركة في بناء عزة الجزائر"، الذي يريد من خلاله خطب ود الشارع، الذي ظهر ابتعاده عنه لجهله كم يبلغ ثمن كيلوغرام من البطاطا الواسعة الاستهلاك في مجتمعنا، حيث اختلطت عليه الاجابة بين 5 ملايين سنتيم و5 دنانير، في رده على سؤال بإحدى الحصص التلفزيونية.. موسى تواتي.. يعيد الترشح ب"استعادة كرامة الجزائريين" ولا يختلف موسى تواتي عن سابقه علي زغدود في مسار الترشحات المتتالية للانتخابات الرئاسية، مع اختلاف "جرعة" المعارضة الزائدة في تصريحاته إزاء السلطة، وشكوكه مما يصفها ب "مؤامرات التزوير" التي لا تحول دون فتح شهيته أكثر لإعلان الترشح مع كل موعد انتخابي. ولم يتأخر تواتي في إعلان ترشحه لانتخابات أفريل عبر شعار "من أجل استعادة كرامة الجزائريين"، آملا أن لا يكون مصيره مثل سائر الانتخابات الماضية التي حصل فيها على نتائج تهز "كرامته" كمترشح، وإن اتهم السلطات ب "ممارسة التزوير" الذي جعله لا "يحصل على "النتائج الحقيقية التي يستحقها". و"للفايسبوكيين" شعاراتهم... وبخلاف الشعارات التي تعد الجزائريين ب "السمن والعسل"، حفلت صفحات الساخرين على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" بحملات انتخابية موازية ساخرة، تعبر عن المزاج العام الذي لم يعد يثق بالوعود التي يطلقها المترشحون للرئاسة، عبر السخرية من البرامج المقترحة والوجوه التي تطمح للرئاسة. وعلى هذا الأساس ظهرت العديد من الصفحات التي وضعها "المترشحون الساخرون" ل "الرئاسيات الفايسبوكية"، بشعارات تحمل في طياتها تهكما على بعض الوعود الانتخابية الصادرة من الشخصيات مثل "مع عمار الزيڤومار.. زيڤومارة لكل مواطن". المحلل السياسي محند أرزقي فراد :"المنافسة السياسية في الجزائر لا تفتح المجال لإبداع الشعارات" أبدى المحلل السياسي الدكتور محند ارزقي فراد عدم رضاه على السير العام لأوضاع الساحة السياسية بالجزائر، بما فيها الحملات الانتخابية والشعارات التي يسوّق بها كل مترشح برنامجه، التي تبقى موضوعا قليل الأهمية أمام هذه "الرداءة"، فقد قال فراد إن الحياة السياسية راكدة، ولا تظهر على الواجهة وخاصة في المواعيد الانتخابية، إلا شخصيات لا تعبر عن ما وصفها بالتطلعات الحقيقية للشعب الجزائري، وهو ما انعكس على مستوى الشعارات التي يرفعها كل شخصية أو حزب "لأنهم في الأصل بعيدون عن تطلعات الشعب وأوضاعه"، وكل ما يلجأون إليه هو "المراوغة" و«المخادعة" في إطار "مسرحية تم الإعداد لها". وأضاف فراد أن التجربة السياسية والانتخابية في الجزائر بعيدة كل البعد عن ما يحصل في الدول المتقدمة ديمقراطيا التي يتم اختيار شعارات المترشحين فيها وفقا لدراسات تعدها مخابر ومراكز بحث متخصصة، التي تخرج بشعار يعبر بصدق عن التطلعات الشعبية، لكن المتحدث لم ينف وجود بعض الشعارات التي تم إعدادها في أوقات سابقة كانت موفقة، لكنها تبقى محاولات معزولة وليست حالة عامة في مجمل الشعارات المعدة للمواعيد الانتخابية.