كما كان منتظَرا، قررت مجموعة الدول السبع الأكثر تصنيعا في العالم أمس، فرض عقوبات إضافية على روسيا بمبرر مخاوف متزايدة من احتمال إقدام موسكو على اجتياح شرق أوكرانيا. وجاء موقف الدول الكبار في سياق اتهامات كالها الوزير الأول الأوكراني أرسيني أياتسنيوك بقيام طائرات حربية روسية بخرق المجال الجوي لبلاده سبع مرات متلاحقة ليلة الجمعة إلى السبت؛ بهدف دفع سلطات كييف إلى إشعال فتيل حرب مفتوحة. واضطر المسؤول الأوكراني بسبب هذه التطورات لإنهاء زيارته إلى العاصمة الإيطالية؛ حيث استُقبل من طرف البابا بنيديكس السادس عشر في مقر الفاتيكان. وجاءت تأكيدات الوزير الأول الأوكراني يوما بعد أن اتهم روسيا بالعمل على إشعال فتيل حرب عالمية ثالثة؛ في اتهامات سارعت السلطات الروسية إلى نفيها عبر وزارة دفاعها، التي أكدت أن طائراتها لم تقم بأي عملية تحليق في المجال الجوي الأوكراني. وزادت درجة التوتر في أوكرانيا بعد اختطاف 13 ملاحظا لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا من طرف عناصر انفصالية في مدينة سلافيانسك، عندما كانوا في مهمة استطلاعية للوقوف على حقيقة الأوضاع في مناطق شرق أوكرانيا، التي تطالب بالانفصال عن الدولة المركزية في كييف. وتحركت الدول الغربية مجتمعة من أجل المطالبة بإطلاق سراحهم فورا، وطالبت روسيا بالعمل على تحريرهم بقناعة أنهم اختُطفوا من طرف متمردين من أنصارها. وقال فياتشسلاف بونوماروف أحد الوجوه الأوكرانية المؤيدة للانفصال في المدينة، إنهم "اعتُقلوا لأنهم ضباط جواسيس لصالح الحلف الأطلسي. وقد دخلوا أرضنا دون أي ترخيص، وهم الآن رهن الاعتقال.. ولن يتم إطلاق سراحهم إلا بعد الإفراج عن عدد من أنصار فكرة الانفصال". وطالب وزير الخارجية الألماني فرانك والتر ستانماير أمس نظيره الروسي سيرغي لافروف، بالتدخل لدى الخاطفين من أجل إطلاق سراح الملاحظين الذين يحمل أغلبهم الجنسية الألمانية. وأمام هذا التصعيد المتواصل للوضع الأمني، قررت الدول الصناعية الكبرى فرض عقوباتها على روسيا بعد اتهامها بتأجيج الوضع من خلال خطاب سياسي يدفع إلى القلق، وزاده توترا المناورات العسكرية الروسية على الحدود الشرقية لأوكرانيا. ولكن هذه الدول ورغم اتفاقها على فرض هذه العقوبات، إلا أنها تركت المجال مفتوحا لكل دولة لفرض العقوبات التي تراها مناسبة، وهو ما يؤكد على وجود خلافات بين الدول الكبرى في كيفية التعاطي مع روسيا في هذه الأزمة المأزق. وهي الصعوبة التي أكدها وزير الخزينة الأمريكي جاكوب لاو، الذي أكد أن الهدف يبقى التأثير على الاقتصاد الروسي ولكن بكيفية لا تضر بالاقتصاد الأمريكي والعالمي. ويكون مثل هذا التردد هو الذي اعتبرته موسكو نقطة ضعف في الموقف الغربي تجاهها؛ مما جعلها تصر على موقفها الداعم للانفصاليين إلى حد التهديد بالتدخل من أجل حمايتهم؛ من منطلق حماية الرعايا الروس في كل مكان. وهو العجز الذي ربما سيتكرس غدا في اجتماع ممثلي دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين، الذي سيلتقون بالعاصمة الأوروبية بروكسل لبحث الموقف وطبيعة العقوبات التي يتعين فرضها على روسيا؛ لإرغامها على وقف دعمها للانفصاليين الأوكرانيين الناطقين بالروسية. وبعيدا عن لغة التوازنات بين الدول الغربية وروسيا، فإن الانفصاليين في منطقة دونتسك في شرق البلاد، تمسكوا بتنظيم استفتاء في الحادي عشر من الشهر القادم، لتخيير السكان حول فكرة إقامة الجمهورية الشعبية لودنتسك ذات الحكم الذاتي، وهو ما أعاد إلى أذهان الدول الغربية، تجربة ما حدث في شبه جزيرة القرم، التي انتهت بانضمامها إلى روسيا.