كشف البروفيسور مصطفى يعقوبي، رئيس مصلحة جراحة العظام بالمركز الاستشفائي لمين دباغين ”باب الوادي”، عن أن الجزائر تسجل سنويا مليون شخص يتعرضون لمختلف الحوادث المنزلية التي يذهب ضحيتها أطفال بالدرجة الأولى وكهول، ودعا بالمناسبة إلى ضرورة التحلي بأقصى درجات الوعي والأخذ بتدابير الوقاية لتفادي الحوادث المنزلية التي تؤدي في الكثير من الأحيان إلى الوفاة. وأرجع البروفيسور في بداية مداخلته التي نشطها مؤخرا بمقر جريدة ”ديكا نيوز” تصاعد وتيرة الحوادث المنزلية إلى قلة وعي الأولياء وتطور الحياة الاجتماعية، الأمر الذي جعل الحوادث المنزلية تفوق من حيث خطورتها حوادث الطرق التي تولى باهتمام كبير من حيث التحسيس والتوعية، في حين لا يعطى أي اهتمام لما هو أخطر منها، وهي الحوادث المنزلية، مما دفع بالمجتمعات الغربية إلى القول بأن ما تخلفه الحوادث المنزلية من ضحايا، سواء كانوا معاقين أو أمواتا أشبه بتلك التي تخلفها الحروب. وبالرجوع يقول إلى إحصائيات مختلف الحوادث على مستوى مصالح الحماية المدنية لسنة 2013، نسجل ب37000 حادث وإن كان هذا الرقم لا يعكس الواقع. وعرفت الجزائر، يقول البروفيسور يعقوبي، تصاعدا في وتيرة الحوادث المنزلية ابتداء من سنة 2008، والمؤسف في الأمر أنها تصيب الأطفال، إذ تبين أن 70 بالمائة من الحوادث المنزلية تمس الأطفال من صفر إلى غاية 15 سنة، بينما 30 بالمائة تشمل البالغين. صعوبة التحكم في تصرفات الأطفال أو مراقبتهم طيلة اليوم، حسب المتحدث، تعد واحدة من أهم الأسباب التي جعلت الأطفال أكثر عرضة لمختلف الحوادث المنزلية وتحديدا تلك المرتبطة بالمطبخ الذي شكل أكبر خطر على الأطفال، وتحديدا في شهر رمضان المبارك، إذ تستقبل مختلف مراكز الحروق ومصالح الاستعجالات عددا كبيرا من الأطفال في وضعيات متفاوتة الخطورة. الحد من مختلف الحوادث التي يتعرض لها الأطفال نتيجة لفضولهم أو تلك التي تصيب الكهول نتيجة السقوط أو التعثر بسبب عدم تهيئة المنازل، حالت دون رسم إستراتيجية توعوية واضحة، وبالرجوع إلى بعض الأرقام التي تم الخروج بها من البحوث التي يجري تحريرها على مستوى المستشفيات، تكشف عن أن 44.9 من الحوادث تتطلب التدخل العاجل، بينما 18.4 بالمائة من الضحايا يتابعون العلاج نتيجة التعرض للحروق الناجمة عن مواد ساخنة. واستعرض المحاضر جملة من الأرقام التي كشف من خلالها عن العوامل التي تؤدي إلى حوادث منزلية، حيث قال بأن الحوادث الناجمة عن ”الطابونة” تقدر ب60 بالمائة، بينما تتسبب المدفأة في 1 بالمائة من الحوادث، أما الغاز فيتسبب في 3 بالمائة من معدل الحوادث التي تصيب مختلف أفراد العائلة نتيجة الأجهزة المغشوشة، في حين تسجل الحوادث الناجمة عن المواد الكيميائية، كشرب ماء الجافيل نسبة 3 بالمائة. وعلى العموم، تتباين خطورة هذه الحوادث، غير أن الأكيد، حسب المتحدث، هو أن معدل 1.7 بالمائة من الضحايا يوجه إلى الجراحة ويتعلق الأمر أساسا بالحوادث الناجمة عن الحروق، حيث يضطر المريض إلى البقاء في المصلحة الاستشفائية لمدة تزيد عن 3 أشهر لتلقي العلاج. واعتبر البروفيسور يعقوبي ألعاب الأطفال هي الأخرى واحدة من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الحوادث المنزلية نظرا لافتقارها إلى أدنى قواعد السلامة، إذ تم تسجيل العديد من حالات بلع بعض الألعاب الصغيرة التي أدت مباشرة إلى الوفاة، إلى جانب إقدام بعض المواطنين على الإقامة في منازل غير مكتملة، الأمر الذي يعرض الأطفال لحوادث السقوط ومنه الإعاقة أو الوفاة بالنسبة للأطفال. أما بالنسبة للكهول، فتأسف المتحدث عن توجه العقلية الجزائرية مؤخرا إلى استعمال البلاط الزلج ”دال دو صول” في الحمامات والمراحيض، الأمر الذي تسبب في وقوع عدد كبير من الكهول الذين يفوق سنهم 65 سنة، ونتج عن ذلك إصابتهم بكسور يصعب الشفاء منها بالنظر إلى تقدمهم في السن بالنسبة للرجال وإصابة النسوة بهشاشة العظام. واستعرض البروفيسور يعقوبي العديد من الحلول الوقائية، حيث قال بأنه يتطلع من ورائها إلى الحد من عدد الحوادث، أو التخفيف من حدتها، وأضاف: ”ينبغي أولا على الأولياء أن يتحلوا بقواعد الوقاية قدر الإمكان لتجنب تسجيل الحوادث، مؤكدا على ”الطابونة” التي قال بشأنها أنه لو كان الأمر ممكنا لجعلها من الأدوات الممنوعة في المنازل بالنظر إلى خطورة الحوادث التي تتسبب فيها، إلى جانب تشجيع الحملات التحسيسية ضد مختلف الحوادث المنزلية على مختلف القنوات لما لها من أهمية في لفت انتباه المواطنين، ناهيك عن تكوين الأساتذة والمربين ليتمكنوا من تسليح الأطفال بجملة من القواعد التي تجنبهم من الوقوع في مختلف الحوادث”.