تسلمت فرنسا أمس الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي للستة اشهر القادمة وسط أزمة سياسية اوروبية حادة مازالت تداعياتها قائمة بعد رفض الناخبين الايرلنديين معاهدة الدستور الاوروبي. وتلقى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي منذ اليوم الأول لاستلام مهامه على رأس الاتحاد الأوروبي أولى الضربات الموجعة جاءته من العاصمة البولونية فارسوفيا عندما أعلن الرئيس البولوني ليش كاسيزانسكي عدم الانضمام إلى معاهدة لشبونة بعد رفض ايرلندا لمضمون هذه المعاهدة. بينما جاءته الضربة الثانية من العاصمة البلجيكية بروكسل بعد ان اعتبر المحافظ الأوروبي للتجارة بيتر ماندلسون في بيان له أمس الانتقادات التي وجهها إليه الرئيس الفرنسي بالخاطئة وغير المبررة، وقال أنها تؤثر سلبا على الموقف الأوروبي الموحد في إطار المفاوضات مع المنظمة العالمية للتجارة. وكان الرئيس الفرنسي انتقد مساء الاثنين عبر شاشات التلفزيون موقف المفوض الأوروبي للتجارة الذي دافع عن المنظمة العالمية في المجال الزراعي باسم الاتحاد الأوروبي. واعترف الرئيس الفرنسي بأن رفض الايرلنديين لمعاهدة لشبونة يعقد مهمته على رأس الاتحاد الأوروبي، وقال أن "احدى اولوياته خلال مهمته تبقى تجنيب الايرلنديين المشكلة" والعمل على ضمان مصادقة الدول الاوروبية الاخرى على المعاهدة. ولكن الرئيس الفرنسي استبعد ممارسة أي ضغط على الايرلنديين في نفس الوقت الذي اعترف فيه بضيق هامش المناورة امامه وخاصة مع قرب موعد الانتخابات الأوروبية التي يفترض أن تجرى في جوان 2009 . وبالرغم من تسلم فرنسا لرئاسة الاتحاد الأوروبي وسط جو متوتر فإن الرئيس ساركوزي عبر عن إرادته لتغيير أوروبا حيث أكد على وضع تصور جديد لبناء اوروبا جديدة قادرة على مواجهة تحديات المستقبل" . واعتبر أن الطريقة المتبعة حاليا "تثير قلق" الأوروبيين وقال ساركوزي أن "الأمور ليست على ما يرام وأوروبا قلقة والأسوأ من ذلك أنني أجد مواطنينا يتساءلون تدريجيا ما إذا كان المجال الوطني أكثر قدرة على حمايتهم من المجال الأوروبي" . وأضاف ساركوزي "نتوقع من أوروبا أن تحمى الأوروبيين من المخاطر التي تطرحها العولمة وهنا الأمور ليست على ما يرام" . ودعا الى تفكير اكثر عمقا في كيفية جعل أوروبا وسيلة لحماية الأوروبيين في حياتهم اليومية. وحددت فرنسا أربع أولويات لرئاستها للاتحاد يأتي في مقدمتها تبني سلسلة من الإجراءات في مجال المناخ والطاقة والتوصل إلى ميثاق أوروبي للهجرة التي تأمل فرنسا في أن يعزز التقدم في هذه الملفات ثقة المواطنين في أوروبا. واستلمت فرنسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي من سلوفينيا وستسلمها بعد ستة أشهر إلى الجمهورية التشيكية.