يعمد المنظمون للمهرجان الدولي للمسرح المحترف الذي تحتضنه بلادنا ابتداءا من يوم الخميس القادم إلى التحضير الجدي و الاحترافي الذي تتطلبه مثل هاته التظاهرات الكبرى ، و لجنود بشطارزي كل الخبرة و الإمكانيات و الدعم لتشريف المشهد الثقافي الجزائري و الترويج الجيد لصورة البلاد ، فرقة أو خلية معظمهم شباب يعملون نهارا و يسهرون ليلا من أجل إكمال الروتوشات الأخير قبل موعد الخميس ، كل هذا تحت إشراف أساتذة و مختصين فنيين بقيادة شيخ المسرحيين الأستاذ محمد بن قطاف و المايسترو محافظ المهرجان الأستاذ ابراهيم نوال ، هذا الأخير كان قد أدلى لموقع المهرجان بعدة توضيحات خاصة بالتظاهرة أين ذكّر أن المهرجان تأسس بقرار من وزارة الثقافة وبإشراف السيدة الوزيرة خليدة تومي، من أجل فتح فضاءات للتعاون والشراكة والحوار مع كل مسارح العالم، لتصبح الجزائر قطبا هاما لتبادل المعارف والتجارب المسرحية بغية الوصول إلى المستوى العالمي وحتى يكون المسرح أيضا جسرا من جسور وزارة الثقافة الساعية إلى تأسيس علاقة بين المهرجانات والمؤسسات الأخرى للربط بين الجانب الاحتفالي والعملي بالنسبة للمحافل الوطنية والمحلية وأيضا الدولية. و أشار الأستاذ نوال إلى أن الطبعة التي ستكون مهداة للشعب الفلسطيني تأتي مثلها مثل تظاهرة القدس عاصمة الثقافة العربية ومثلما قالت معالي وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية وهي عاصمة كل الفلسطينيين، تأتي من أجل أن نعيد و نكرر أننا ننتمي لشعب أبهر العالم بثورته وقدم بفرقة فنية مسرحية استقبلتها بعض الدول نماذج المقاومة للعالم بالنص المسرحي والفنانين والديكور ولهذا نمنح لفلسطين الفضاءات والمهرجانات وكل ما يتعلق بالمهرجان للتعبير عن عدالة القضية الفلسطينية والحديث عن معاناتهم وعن أرضهم ومقاومتهم ولن نتوانى في هذا حتى تكون القدس محررة مفتوحة لكل العرب والمسلمين وكل من يحب الحرية والسلم في العالم وباختصار نحن مع فلسطين والفلسطينيين حتى الاستقلال . و في إجابته على صحفي الموقع حول مقاييس اختيار الأسماء و الفرق المدعوة قال محافظ المهرجان إن الاختيار تم من خلال لجنة من الشباب الصاعد في الجزائر، وهي خلاصة السياسة المتبعة في المسرح من أكثر من سبعة سنوات والشيء الجميل أن تركيبة اللجنة متفتحة أكثر على التجارب الأخرى سواء العربية أو الأوروبية، وحتى أمريكا اللاتينية وغيرها، كما أن الشباب الذي يشتغل معي محب للمسرح الجميل والهادف، وهذا ما بحثت عنه شخصيا يقول السيد نوال، و يضيف في نفس السياق " فتحت أبواب الحوار مع هؤلاء وتم اختيار الأسماء والفرق ليس فقط بحثا عن مشاركتهم في العملية المهرجانية، وإنما حتى نتابع تجاربهم ونستفيد من أعمالهم وخبراتهم في المهرجان، من هذا المنطلق اخترنا في المحافظة الاستثمار في الأسماء من أمثال فرناندو أربال وأريان منوشكين وغسان مسعود وكامل الباشا وعبد الرحمن بن زيدان، ومن الجزائر كل من عبد الكريم حبيب والمسرحي القدير حاج اسماعيل وأيضا تكريم خاص لروح الفنان حاج عمر، ناهيك عن الفرق التي نسعى للإستفادة من تجاربها من خلال التوأمة الثقافية الفنية، كما أننا اخترنا أن يكون الفنان الكبير ومحافظ المهرجان الوطني للمسرح المحترف و" شيخنا " رئيسا شرفيا رفقة الفنانة المسرحية صونيا مديرة مسرح سكيكدة الجهوي من أجل إثراء المهرجان بتجربتهما واقتراحاتهما، وهي مبادرة تخص المحافظة على أن تجدد كل سنتين " . و أكد الأستاذ المحافظ أن المهرجان سيضيف لصورة الجزائر الثقافية التي لابد أن تكون في تطور وازدهار مستمر، على كل المستويات سواء فنون الأداء أو الفنون التعبيرية أو الثقافات الشعبية والفلكلورية أو حتى الأداب وغيرهما من الفنون التي تفتحت على العالم في الألفية الجديدة هذه، والهدف هو أن تكون الجزائر قبلة للمثقفين الجادين والفنانين الواعين بقيمة الحوار الثقافي، و لفت إلى أنهم يسعون في اللجنة المنظمة لأن يكون المسرح فضاء للحوار الثقافي العالمي " هذا كله بانتاجاتنا وتجاربنا وبقدراتنا على التعاون الحضاري، بما نملك من قاعدة ثقافية صلبة وإرث حضاري يمكّننا من الوصول إلى تحقيق غاياتنا " و ربط ابراهيم نوال هذا المهرجان بسلسلة الفعاليات الثقافية التي شهدتها و ستشهدها الساحة الثقافية و بيّن أن المهرجان هو حلقة من الحلقات التي تأسست في ظل الديناميكية التي يعرفها المسرح الجزائري ضمن سياسة وزارة الثقافة و قال " نحن نثمن الاجتهادات والجهود التي بذلت في كل المهرجانات من مهرجان المسرح الفكاهي بالمدية إلى مسرح الهواة بمستغانم إلى مسرح الطفل بخنشلة والمسرح الأمازيغي بباتنة وحتى مهرجان سيدي بلعباس وعنابة والمهرجان الوطني للمسرح المحترف، لابد أن نوضح ان هذه الديناميكية بدأت منذ سنوات وخاصة في 2007 أين فتحنا المجال أكثر للتكوين، فظهرت فضاءات جديدة وأيضا برز اهتمام الشباب بالتكوين فكان له ما أراد والحمد لله أكثر من سبعين في المائة من الفنانين والتقنين والسينوغرافيين وغيرهم شباب، فالأستاذ وحده لا يصنع جيلا أكاديميا إذا لم تتوفر في الشباب الإرادة ونحن نعمل في هذا السياق حتى نكون ونتكون مع هذا الشباب والأخر " . و في الأخير ختم المايسترو ابراهيم نوال حديثه بالتأكيد على أن محافظة المهرجان الدولي للمسرح المحترف و المسرح الوطني بصفة عامة يسير وفقا لاستراتيجة وبرنامج مستقبلي متكامل يصل إلى سنوات 2011 و 2012 و أشار إلى أن المسؤوليين هناك يعرفون ماذا يريدون في الخماسي القادم، حيث أضاف " بداية من العام المقبل والجزائر تستعد لتظاهرة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية بما تمثله من ثقل ثقافي وحضاري حيث سنكون هناك من خلال المهرجان الدولي وبرامجه أيضا، ثم في 2012 سنكون على موعد مع خمسين سنة بعد الاستقلال وسنحاول أن نكون في مستوى الوقفة التاريخية من خلال تكريم كل من ساعد الجزائر في ثورتها وكفاحها الثقافي عبر الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، من روسيا إلى الصين إلى بعض البلدان العربية التي ساندت الثورة سيما من الناحية الثقافية بتسخير وسائلها خدمة للفرقة الجزائرية ولرسالة القضية أيضا، هذا من جهة ومن أخرى سنواصل العمل وفقا لبرامج التكوين والتأهيل لأننا لا نملك عقدة من أن نتعلم من الأخر، أكرر لا نحمل أي عقدة في مجال طلب المعرفة، بل بالعكس نهدف دوما لنطور أنفسنا أمام الأخر نتعلم منه من دون أن تهمنا جنسيته، أوروبيا أو أمريكيا أوعربيا، ولهذا نسعى كما تعرفون لتوسيع دائرة التوأمة بين المسارح الجزائرية والأجنبية، كما نشتغل على توسيع دائرة البحث العلمي مع الجامعات الجزائرية والمعاهد الغربية حتى نجد مكانتنا في عالم المعرفة الذي أصبح قرية ووجب علينا أن نفهم هذه القرية الثقافية وكيف نحيا فيها في سياق العولمة. لأننا نشعر بحاجة الأخر إلينا مثل حاجتنا إليه ". هكذا هي إذن التحضيرات الأخيرة لمنظمي المهرجان الدولي للمسرح المحترف و هكذا ستكون التوجهات المستقبلية للمسرح الوطني و هي الحالة التي إن تمسكت بها و انتهجتها جميع المؤسسات الثقافية أكيد سيتحقق النهوض بالفعل الثقافي في ظل القناعة و الدعم الذي تؤمنه الدولة و الذي تسهر عليه الوزارة الوصية.