هللي يا جزيرة، ارقص يا أمير قطر، كبر يا شيخ وارقصوا يا إخوان، وافرح يا موسى، وتبادلوا التبريكات يا ثوار شباب الفيسبوك، فسوف يحسب لكم التاريخ أنكم حققتم للأمة العربية تحريك ثالث عدوان صليبي على الأمة، دشنته فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا ليلة أمس الأول بعشرات الصواريخ تحصد أنفس الأشقاء في ليبيا، وسط صمت عربي رسمي وشعبي يسجل كوصمة عار في صحيفة هذا الجيل من العرب. العدوان الصليبي الغربي على ليبيا بدا، ولن يتوقف حتى يهيئ الأرض الليبية للتقسيم، ويحول ما بقي من العمران إلى خراب. هكذا أرادت دول الخليج التي تلطخت أيادي حكامها من قبل بدماء مليون ونصف مليون عراقي. وهكذا أراد حاكم قطر، والردئ من خلفة الشيخ زايد رحمه الله، وكثير من الأنظمة العربية الساقطة هي وجمهور واسع من النخب العربية العلمانية والإسلامية على السواء، حصيلة الضربة الأولى التي اشتركت فيها مائة طائرة فرنسية ومائة وعشر صاروخ طوماهوك أمريكية، وأسراب من الطائرات البريطانية كانت مقتل خمسين من نساء وأطفال وشيوخ الشعب الليبي الشقيق. القلب الأسود في البيت الأبيض الذي ضحك على العرب والمسلمين حينما خاطبهم بلغة السلام من القاهرة انكشف على حقيقته كقائد لإمبراطورية الشر التي أسست على جماجم الهنود الحمر، وأضاف إلى سلفه ريغن وكلينتون وجورج بوش الأب والابن أضاف لهم عدوان آخر على العرب والمسلمين وسوف يخسر كسلفه معركة كسب قلوب العرب والمسلمين التي وعد بها الشعب الأمريكي حتى وان كان هذا الإعلام العربي الخائن يقاول اليوم بكفاءة لتخدير الرأي العام العربي وتضليله فقد تنقلت قبل كتابة هذه السطور بين 160 قناة عربية، فوجدتها غارقة إما في اللهو والمجون أو في الدجل والشعوذة والمتاجرة بكتاب الله أو القصف الإعلامي المركز على الشعب الليبي لقتل ما لا تصله صواريخ باراك أوباما وقنابل اليهودي ساركوزي السفاح البريطاني كامرون. قبل بداية العدوان كان ساركوزي قد دعا إلى قمة أوروبية عربية افريقية فهرول له عمرو موسى الخائن يقود حكام عكة من قطر والإمارات والمغرب والأردن فيما اختار الشرفاء من القارة السمراء مقاطعة قمة العدوان الصليبي. ردة الفعل الأول الرافضة للعدوان، جاءت من الشريك الفنزويلي تشافاز، بينما ابتلع بقية زعماء العالم العربي ألسنتهم، وصمت "الثوار" من ميادين التحرير في مصر وتونس ولاذ الشيخ القرضاوي إلى فراشه، بعد أن اطمأن على صدق تحرك القوى الصليبية لتنفيذ فتواه بقتل الزعيم الليبي، وتوسيعها لتشمل عموم المسلمين في بلدة عمر المختار. الشعب الليبي المجاهد، سليل شيخ المجاهدين عمر المختار لم يجبن ولم تخفه قوى الشر التي جمعت اساطيلها، بل خرج بالآلاف ليحمي مطاراته ومنشاته الحيوية، ويشكل دروعا بشرية ليعلم الغرب الصليبي انه لن يمرر مشروع الاحتلال والتقسيم إلا على جثث الآلاف من الليبيين ومرة أخرى يخطئ الصليبيون في الحساب ويعيدون فتح الجرح الذي لا يلتئم، ويذكون جمرة الكراهية التي لا يمكن للغرب المسيحي الصهيوني إطفاءها في صدور الشرفاء من العرب والمسلمين، ميدانيا، قد يتمكن هذا الحلف الصليبي الجديد المدعوم بالخيانة العربية من تدمير جزء من القدرات الدفاعية للجيش الليبي، لكنه سيبقى عاجزا عن التمكين لقوى التمرد التي استنسخت في الشرق الليبي النموذج العراقي والأفغاني بنسخ قبيحة للحلبي والجعفري والعلاوي وكرازاي الذين نصبوا حكاما على شعوبهم على جثث وجماجم شعبهم. قرار القيادة الليبية بتسليح الشعب الذي بدا ليلة أمس، سوف يحبط المؤامرة ويستأصل الخيانة ويفكك بؤرها في مصراتة وبنغازي ودرنة والبيضاء، ولن يتمكن لا أوباما ولا ساركوزي ولا كامرون من إنقاذ هذه العصبة الخائنة من انتقام الشعب الليبي، لان الصليبية المهزومة في العراق وأفغانستان ليس لها أي استعداد لإرسال عساكر إلى الأرض الليبية، ليس لأنها لا تريد ولكن لأنها تعلم أن رمال وسبخات الصحراء الليبية سوف تبتلع جثثهم النتنة وسوف ينتصر الشعب الليبي حتى وان خذلته الأنظمة العربية المتآمرة، والشعوب الواقعة تحت تضليل الفضائيات الساقطة، ودجل الشيوخ المعممين. بلغة التحليل، قد تبدو المعركة غير متكافئة بين جيش ليبي صغير كان يقال عنه انه سيسقط في بحر ساعات وأيام أمام قوى التمرد التي توحدت فيها فلول القاعدة بشيوخ الإخوان، وشراذم من المنافقين والوصوليين من طلبة الإمارة ولو على الحجارة، لكن الواقع الليبي قد دخل منذ ليلة أول أمس في معادلة جديدة سوف تغير من موازين القوة لان الشعب الليبي المجاهد، لن يقبل أبدا أن يترك هذه القوى الصليبية تملي عليه إرادتها وتغيير حاكمه حتى لو كان بعضهم غاضبا عنه. ما رأيناه من مسيرات في معظم المدن الليبية وخروج النساء والأطفال لتشكيل دروع بشرية هو بداية لالتفاف أوسع للشعب الليبي حول قيادته في مواجهة العدوان الصليبي. العدوان الصليبي يكون بهذا الهجوم الغادر الذي تجاوز منذ البداية نص القرار الأممي، يكون قد فوت على المتمردين الفرصة التي منحت لهم لتسوية سلمية، ولن يشفع لهم شافع من نقمة الشعب الليبي، وسوف يتركهم الصليبيون لمصيرهم لان ترسانة العالم من الطائرات والصواريخ لن تتمكن من إيقاف الزحف الشعبي المتوقع على أوكار المتمردين. مرة أخرى تتعرى هذه الشرعية الدولية التي صاغت القرار الأممي رقم 1370 على تقارير صحفية ملفقة من شهادات وصور كيدية، ورفضت العروض الليبية المتكررة لإرسال فرق تقصي الحقائق حول المزاعم بوقوع المجازر ومثلما فعلت الجامعة العربية التي أسست قرارها ودعوتها المجموعة الدولية للعدوان على الشعب الليبي، أسست قراراتها على جملة من الأحقاد والثارات وضغائن أمراء الخليج وشيعة لبنان ضد القيادة الليبية، وخرج علينا مجلس الأمن بقرار العدوان الذي صاغه الفرنسيون ومندوبي لبنان في سابقة خطيرة ليس لها نظير في تاريخ هذا المجلس الإجرامي، ورأينا مرة أخرى كيف انه وحتى الدول العظمى التي تدعي صداقتها للشعوب العربية مثل الصين وروسيا المنتفعتين من عقود بمليارات الدولارات من خيرات الشعب الليبي قد امتنعتا عن استعمال حق الفيتو، ورأيناهما تكتفيان بإصدار بيانات الأسف بعد بداية العدوان. ردة الفعل الليبية على هذا العدوان سوف تكون كارثية، ليس فقط على امن الملاحة البحرية والجوية على البحر الأبيض المتوسط، لكن بنتائج غير مقدرة على التعاون الأمني الذي كان بين ليبيا وأوروبا في مجال مكافحة الهجرة السرية وما يسمي بالإرهاب وسوف تكون أوروبا هي الخاسر الأكبر بعد أن ورطها الأحمق ساركوزي في هذا العدوان ولن يغفر لهم الشعب الليبي سواء بقي الزعيم معمر القذافي أو رحل كما أن الجامعة العربية التي سقطت في الخيانة والتأمر قد انتهت على الأقل في هذه الصيغة التي ركبها ويركبها المتآمرون العرب. ومن جهتها سوف تدفع اماراتا قطر والإمارات العربية المتحدة الثمن غاليا. فقد افتضحت قطر على أنها قاعدة أمريكية صهيونية صرفة ينبغي للشعوب العربية أن تتعامل معها كما تتعامل مع الكيان الصهيوني. وسوف تجد الإمارات العربية نفسها فاقدة للشعب الليبي العربي عندما تطالها أطماع الجارة الشيعية إيران. أما حزب الله الذي سقط قناعه وتحول من فصيل المقاوم كانت تهتف له الشعوب العربية إلى فصيل مذهبي حاقد يكيل بمكيالين، فسوف يفقد على الأقل تعاطف شعوب المغرب العربي. هذه التداعيات وحدها كافية لتوضيح أبعاد وحجم المؤامرة التي عصفت بالعالم العربي مع هذه الثورات البرتقالية والدامية التي نراها تفكك قبائل متناحرة متآمرة.