ينبئ ترحيل سوق الجملة للخضر والفواكه من موقعها الحالي إلى بلدية الكرمة المرتقب بداية شهر جوان القادم بإثارة الكثير من المشاكل التي قد تخلط اوراق السلطات المحلية والوزارة التي ترى أنها وجدت الحلول لكل المشاكل التي يمكن أن تعرقل ترحيل السوق مركزة على تهديم الموقع القديم، إلا أنها تجاهلت قضية دراسة الأمر بموضوعية من حيث تركيبة التجار الممارسيين، خاصة وان التجار الرسميين اقدموا منذ سنوات طويلة على كراء المربعات لتجار لا يملكون سجلات تجارية والذين بفضل نشاطهم تمكنت الخضر والفواكه من الوصول إلى الوهرانيين، وكذا تنصل التجار من مسؤولياتهم بما فيها الإيجار والتخلي على المهنة و عدم دفع مستحقات الضرائب وسعي الكثير منهم إلى الحصول على امتيازات مما سيؤدي إلى وراثة السوق الجديد لنفس مشاكل السوق القديم رغم تغيير طاقم الإدارة. الإدارة مطالبة باتباع استراتيجية لمسح "عقلية" الفوضى من أذهان التجار. الإدارة الجديدة وأمام هذا الوضع مطالبة بتحضير استراتيجية فعالة من اجل تفادي الرجوع إلى مشاكل الماضي،تفرض من خلالها احترام القوانين والنظام الداخلي للسوق وكذا النصوص القانونية المنظمة لقطاع التجارة على هؤلاء التجار الذين تعودوا على الفوضى منذ سنين طويلة، وذلك من اجل التأقلم مع المعطيات الحالية والتي في ظلها سيرحل التجار المحددين من طرف الجمعيتين المهنيتين المتواجدان بسوق الجملة الحالي ب 197 تاجرا. هذه المعطيات التي لا تتناسب حسب بعض المتتبعين للوضع و طموحات الوزارة والإدارة عموما لخلق فضاء تجاري نموذجي ومتميز بولاية وهران، لان المسؤولين انفسهم لم يكونوا جديين في معالجة كل المشاكل قبل الترحيل، والتي خلفتها الفوضى في اوساط التجار وكذا سوء التسيير من طرف الإدارة السابقة للسوق وتعنت التجار مما ادى إلى خسائر بالملايير تتمثل في تراكم ديون التجار لصالح إدارة السوق،وبهذا اختار المسؤولون الطريق الاسهل وهو ترحيل من يملك السجل التجاري سواء مارس المهنة أو لم يمارسها في السنوات الماضية، في حين أن الرجوع إلى قرار الوالي الصادر في سنة 2005 والذي ينص على غلق السوق، دون رفع اليد عنها يجعل الكل فوضوي ويساوي الحظوظ بين صاحب السجل وغيره من التجار الممارسين للمهنة، خاصة وان التجار الذين يملكون السجلات امتنعوا عن دفع الايجار لإدارة السوق وكذا مستحقات الضرائب على اساس أن السوق فوضوية.
التجار يستعملون برهانا واحدا لإثبات شرعيتهم وعدم شرعية السوق التي ينتمون إليها. ولان التجار الذين يملكون السجلات التجارية تجاوزت ديون اكثرهم مبلغ الضمان المودع لدى إدارة السوق والمقدر ب10 ملايين سنتيم، حيث أن منهم من زادت ديونه عن 30 مليون سنتيم، يقولون أنهم شرعيون بحكم امتلاكهم السجلات هذا من اجل استفادتهم من الترحيل، لكنهم يعكسون الامور عند ما يتعلق الأمر بالديون والضرائب المتراكمة عليهم ويذكرون قرار الوالي الذي بموجبه أصبح العمل بسوق الجملة بشوبو غير شرعي منذ 2005، ويطالبون في نفس الوقت بترحيلهم دون غيرهم من التجار الذين هم انفسهم فتحوا لهم الأبواب من اجل ممارسة المهنة لسنوات عن طريق تأجير مربعاتهم الخاصة لهم، مما يعني انقطاع المؤجرين عن المهنة وانقطاع العلاقات بينهم وبين الفلاحين والممولين، هذا ما سيطرح مشكل اعادة كراء المربعات بالسوق الجديدة لأنه من الصعب عودة هؤلاء إلى ممارسة المهنة بعد انقطاع دام سنوات عديدة "فهل ستقدر الإدارة الجديدة على اجبارهم على العمل ومنعهم من كراء مربعاتهم؟".
تجار مارسوا المهنة لمدة أكثر من عقد ستقطع ارزاقهم بالترحيل. غياب دراسة موضوعية واعتماد العشوائية في الترحيل دون تعيين لجنة متابعة ومراقبة للوضع بالسوق القديمة ومحاولة معالجة المشاكل بأسهل الطرق، عن طريق اتخاذ قرار بهدم السوق القديم وترحيل اصحاب السجلات التجارية فقط إلى الموقع الجديد سيكون غير منصف بالنسبة للتجار الذين ملاؤوا الفراغ في الوقت الذي تخلى فيه التجار الرسميون عن لعب دورهم في توفير حاجيات المستهلك الوهراني خاصة وان هناك من تجاوز ممارسته للمهنة عشرات السنين، إلا أن الفوضى التي كانت تعيشها السوق منعتهم من الحصول على سجلات تجارية وممارسة المهنة بصفة قانونية وخاصة وان المساحة في السوق كانت رسميا مشغولة من طرف التجار حاملين للسجلات وبهذا فان الكثير من العائلات ستقطع ارزاقها بمجرد ترحيل السوق إلى الكرمة بالعدد المحدد من طرف الوزارة وهو عدد قليل جدا مقارنة بمتطلبات الولاية.
الإدارة تكافؤ تجارا لم يلتزموا لتنظيماتها بمسح ديونهم وتحمل الدولة الخسائر. أيضا تمسك التجار وجمعياتهم بعدم دفع مبلغ ضمان أخر وعدم تصفية الديون المتراكمة عليهم اثناء عملهم بالسوق الحالية خاصة وان مبالغ الضمان الأولى لا تكف الكثيرين منهم لسد الديون المتراكمة عليهم إذ أن اكثرهم مدين بأضعاف مبلغ الضمان الذي تسلمته الإدارة اثناء تسلم التجار السجلات التجارية، وهذه الطريقة في الترحيل دون الزام قانوني بتسديد الديون المتراكمة على التجار يعني تكبد الدولة لخسائر مقدرة بالملايير، وبهذا فان السلطات المحلية والوزارة وكل الاطراف المعنية بهذا الترحيل تكافؤ التجار غير الملتزمين بمسح ديونهم كلية، وإعطائهم الأولوية والأسبقية في الحصول على مربعات أوسع أو احسن بالسوق الجديدة رغم أن صفة عدم الشرعية تجوز عليهم كما تجوز على الممارسين غير الشرعيين حسب المبررات التي يسوقونها في اغلب الاحيان ومنها قرار الوالي الاسبق حيث ان وفي هذا الشان يقول احد التجار غير الحاصل على سجل تجاري "على الاقل نحن غير ملزمين بحكم القانون بالقيام بواجباتهم تجاه مديريات الضرائب والسوق وغيرها لأننا لم نتمكن من امتلاك الرابط القانوني حيث اننا دخلنا السوق وهي حالة الفوضى التي وجدنا عليها سابقينا". ومن جهة أخرى حاول التجار المدينين لمصالح الضرائب التفريق بين قضية الضرائب والتحويل، وسعوا جاهدين لاستصدار قرار من مديرية التجارة على لسان احد موظفيها يفرق بين القضيتين، رغم أن الضرائب ملحقة بالعمل التجاري، وكانت الجمعية الممثلة للتجار اكدت أنه تم فتح ملف الضرائب وبجدية من طرف مديرية الضرائب وممثلي التجار من اجل إيجاد الحلول المرضية للطرفين حسب حالة التجار، إلا أن الترحيل مرتقب بعد ايام دون أن تسوى قضية الضرائب وبذلك حصل ما كانوا يفضلونه ويطالبون به وهو مسح الديون.
تجار يصفون اعضاء الجمعية بالبزناسة في حضرة الوزير، وهي تصفهم بغير المتحضرين. ويذكر انه بسبب التحويل حدثت الكثير من المشادات بين التجار وذلك حتى في حضرة الوزير نفسه، حيث عمد بعض التجار الذين شعروا أن مصالحهم ستمس إلى سب وشتم اعضاء الجمعية السالفة الذكر ووصفهم بالمافيا والبزناسة، وحاول البعض اقناع الوزير بضرورة اعادة النظر في وضعية وشروط الوكلاء الذين سينتقلون إلى سوق الكرمة واقتراح مبلغ 50 مليون سنتيم كضمان، وهو الأمر الذي رفضه التجار المالكون لسجلات تجارية، على اساس أنهم تجار شرعيون دفعوا الضمان المقدر ب10 مليون سنتيم في بداية نشاطهم محاولين الفصل بين قضية الديون المترتبة عليهم لدى مصالح الضرائب و كذا الايجار لدى مؤسسة السوق، واعتبروا أن مثل هذه التصرفات لمن اسموهم بغير المتحضرين وغير الشرعيين ضد رفقائهم تشوه صورة تاجر الجملة في نظر السلطات، متناسين أنهم هم من تركوا المجال أمام ما يصفونه بغير الشرعيين لممارسة المهنة داخل السوق، حيث يؤكد هؤلاء أن الشرعية استمدوها من المدة التي قضوها داخل هذه السوق يمونون فيها المستهلك الوهراني بالخضر والفواكه في الوقت الذي تخلى فيه عن المهنة اصحابها. وأضاف التجار "أن اعضاء الجمعية لا يسعون لمصلحة التجار وإنما لامتيازات لهم بالسوق تفوق الاستفادة من مربع واحد"، مشيرين إلى مطالبة البعض بحق الاستفادة من مساحات من اجل تحويلها إلى غرف تبريد، وكذا الاستفادة من حق تسيير المرافق المتواجدة في محيط السوق مثل محطة البنزين والمقهى، و مطالبتهم بخلق شركة نقل خاصة تمنح كامتياز لبعض أعضائها.
نقابات تتناحر من اجل الفوز بدعم السلطات في تقرير مصير التجار. هذا وعاش التجار بسوق الجملة ومعهم السلطات المحلية ومديرية التجارة على وقع النزاع الذي استمر مطولا بين كل من الاتحاد الولائي للتجار والحرفيين ممثلا في فيدرالية وكلاء الجملة للخضر والفواكه وبين جمعية وكلاء سوق الجملة للخضر والفواكه وجمعية تجار الجملة للخضر والفواكه حيث أن كلا منهم يدعي انه يمثل الشطر الأكبر من ألتجار على اساس محاضر قضائية يحاول كل منهم اثبات شرعيته فيما يتخبط التجار بين هذا وذاك يبحثون عن من يمكنهم من حقوق، ففي الوقت الذي يتهم فيه وكلاء سوق الجملة الاتحاد بضرب مصالح التجار من خلال تصريحات رئيس مكتبه الولائي التي تفيد ان التجار مدينين ب45 مليار سنتيم، مضيفين ان الاتحاد العام للتجار والحرفيين لا يمثل إلا 10 تجار للجملة بسوق الخضر والفواكه من اصل 197 تاجرا مالكا للسجل التجاري، والبقية كلها تنتمي إلى جمعية وكلاء سوق الجملة للخضر والفواكه وجمعية تجار الجملة للخضر والفواكه، فان رئيس المكتب الولائي لاتحاد التجار والحرفيين يفيد أن عدد المنخرطين بالاتحاد من تجار الجملة هو 130 تاجرا من اصل 197 تاجرا، مؤكدا أن البقية والبالغ عددهم حوالي 70 تاجرا يتهربون من دفع مستحقات الدولة التي يفرضها القانون، مضيفا أن الاتحاد قام بتسوية وضعية 43 تاجرا عن طريق دفع نسبة من الضرائب، وجدولة البقية ضمن رزنامة يضيف نفس المصدر. في وقت ترفض جمعية وكلاء الجملة ونظيرتها قضية ربط الديون بالنسبة للضرائب أو ديون الكراء بالترحيل مؤكدة أن هناك لجنة مختصة وحيدة متكونة من ممثل عن الولاية و عن مديرية التجارة، ورئيس البلدية، وممثل عن الضرائب،وكذا عن الأمن ،و ممثل المنتجين، ممثل عن تجار الجملة للخضر والفواكه، ومسير سوق الجملة هي التي لها سلطة القرار من اجل توزيع اعتماد المربعات على وكلاء الخضر والفواكه بالسوق الجديدة، بعد دراسة الملفات، إلا أن الدراسة كانت غائبة كليا واختارت السلطات الطريق الاسهل بترحيلها ل 197 تاجرا، حسب ما اعلنت عليه عبر كامل وسائل الإعلام دون أن تأبه بحقوق عائلات المتوفين المقدر عددهم ب 15 تاجرا، ولا بمن مارس المهنة لمدة عقود من الزمن ،و بهذا فتوسيع السوق لن يأتي بجديد لان عدد التجار بقي محدودا بل انه نقص مقارنة بما كانت عليه فعليا بالسوق القديمة، كما أن كل المشاكل التي كانت تعاني من السوق القديمة سترثها السوق الجديدة لا محالة.