رفض المجلس العام لمحكمة باريس الاستجابة طلب محامي الدبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني الاستئناف في الحكم القضائي الذي أدانه بتهمة المشاركة في قتل المعارض علي مسلي، فضلا عن رفض رفع الرقابة القضائية عن المتهم، مما يثير شكوكا حول رغبة باريس في تسييس القضية وتحويلها إلى ورقة ضغط ضد الجزائر في بعض الملفات السياسية والاقتصادية والثقافية. وحسبما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية أمس فإن غرفة التحقيق لمحكمة الاستئناف بباريس لم تلغ اختبار المتهم ولا رفع الرقابة القضائية، وهو التصريح الذي أدلى به للصحافة المحامي "أنتوان كونت" دفاع السيدة "أني مسلي" أرملة الضحية، في حين انتقد المحامي "بيتلي" دفاع المتهم قرار المجلس العام برفض الاستئناف ورفع الرقابة القضائية، حيث سبق أن رفع محامي الدبلوماسي الجزائري عريضة الى القضاء الفرنسي تؤكد ان اعتقال الدبلوماسي الجزائري كان خطأ حيث هناك تشابها في اسم المتهم في اعطاء اوامر لاغتيال علي مسلي ونفى وجود أي علاقة للدبلوماسي محمد زيان حسني بقضية اغتيال المحامي علي مسلي سنة 1987 بباريس وأكد انه بريء من التهمة الموجهة اليه. ويؤكد المسار الذي أخذته القضية ان القضاء الفرنسي تعرض الى ضغوط سياسية ليس فقط من اليسار الفرنسي الراعي لقضية مسلي بل من جهات قد يتم كشفها في القريب العاجل قد تكون لها علاقة بالسياسة وليس بالقضاء، خاصة وان الحكم الصادر جاء عشية رسالة بعثت بها ارملة المحامي مسلي الى الرئيس الفرنسي نيكولا سراكوزي تطالبه المساعدة من اجل كشف الحقيقة. ويبدو أن الحكومة الفرنسية من خلال المسار الذي اتخذته "عدالة باريس" تكون قد اتخذت رواقا آخر غير رواق العدالة، خاصة وان الادلة المقدمة من طرف محامي الدبلوماسي الجزائري لا تشبوها اية شائبة بخصوص براءته. والاكثر من ذلك فإن العدالة الفرنسية اكدت مرة اخرى انها منساقة وراء طروحات تريد النيل من سمعة الجزائر، حيث ارتكزت في رفض الاستئناف المقدم من طرف محامي الدبلوماسي على شهادات الضابط الفار محمد سمراوي المتابع قضائيا في الجزائر. يذكر أن اسم زيان ورد في كتاب نشر عام 1993 بعنوان "جريمة دولة.. قضية مسلي" للصحفي ميشال نودي، كشف وجود شاهدين جديدين في القضية التي أغلق تحقيق أولي فيها في عام نشر المؤلف قبل أن يستأنف المدعون المدنيون القرار ليُعاد فتح الملف في توقيت يشتم منه رائحة "طبخة سياسية" معدة مسبقا تتجاوز أروقة محكمة الاستئناف بباريس حسب رأي بعض المراقبين السياسيين، خاصة إذا عدنا إلى ظروف الاعتقال حيث صدر أمر قضائي في ديسمبر 2007 بتوقيف محمد زيان حسني، والذي اعتقل في 14 أوت 2008 بمطار مرسيليا رغم أنه كان يحمل جواز سفر دبلوماسي ويفترض أنه يتمتع بالحصانة الدبلوماسية التي تمنع السلطات الفرنسية من اعتقاله ولكنه يحق لها طرده في أسوأ الأحوال، غير أن الشرطة الفرنسية قامت بإهانة الدبلوماسي الجزائري خارقة بذلك الأعراف الدولية والإنسانية. وكانت الحكومة الجزائرية حينئذ قد وصفت اعتقال محمد زيان حسني الذي كان يشتغل كمدير بروتوكول بوزارة الخارجية بالأمر المؤسف وقال وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة عبد الرشيد بوكرزازة في مؤتمر صحفي عقد نهاية شهر أوت إن الدبلوماسي الجزائري "تعرض للإهانة على يد شرطة فرنسا وستثبت الجزائر ذلك بالأدلة"، وأبدى الأمل في أن تعيد العدالةُ الفرنسية له الاعتبار التي فضلت السلطات الجزائرية ترك الأمر لها "لتفادي المهاترات". وأشار بوكرزازة حينها إلى خلية أزمة نصبت في الخارجية لمتابعة الموضوع وتعبئة سفارة البلاد في فرنسا لتقديم الأدلة على "الإهانة التي لحقت الدبلوماسي"، كما تم تشكيل فريق من المحامين للدفاع عن حسني. إلا أن قرار المحكمة الاخير يكشف عن أوراق سياسية، الأيام القليلة القادمة كفيلة بإظهار النوايا الحقيقية لماسكيها. تجدر الإشارة إلى أن المحامي علي مسلي هو أحد قادة جبهة القوى الاشتراكية الذي لجأ إلى فرنسا عام 1965، وقتل مسلي بالرصاص يوم 7 أفريل 1987 عند مدخل البناية التي يقيم فيها، أسس في لندن عام 1985 الجبهة الموحدة للقوى المعارضة للرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد.