قال الفريق سعد الدين الشاذلي بطل العبور أطال الله في عمره "بينما كنت أتصارع مع الصهيونية وأحاول أن أكسب أصدقاء جدد للقضية العربية، كنت أشعر أن حكومة بلادي تسير بالقضية العربية في الاتجاه الخاطئ". حتما سمعتم مثلي عن الصراع القائم بين دولة مصر الشقيقة ورمز الشعوب العربية حزب الله، بعد هذا الخبر فقط أحسست بعظمة سعد الدين الشاذلي، الآن فقط أرى الكابوس وقد أزيح عن صدورنا دون أن نحس فعلا بذهابه. تطورات الوضع السياسي في الساحة العربية بعد الغيوم الذي سادت العلاقات المصرية - اللبنانية (حزب الله)، ورغم انسجام الموقفين الجزائري والمصري تجاه عملية السلام ومواقف الشعب الجزائري تجاه الشعب المصري معروفة، يحفظها كل مصري وهي تصب في خانة واحدة، كيف نعيد لمصر دورها الرائد في تحرير الأمة العربية من الجهل والعبودية واسترجاع كرامة هذه الأمة.. كيف نساعد مصر لتصبح دولة قوية تشرّف العرب. ورغم صداقتنا مع سوريا إلا أن صداقة القاهرة لها طعم آخر ونكهة مختلفة، وكنا معها في كثير من الأمور حتى لو اعترض عليها الكثيرون، ولكن ما تعرض له الشعب الفلسطيني في غزة وصمت الدولة المصرية عن ذلك يعتبر بمثابة تبرير لتغيير موقفنا من هذه الحكومة، ولا أعتقد أن الرسميين العرب لايزالون يثقون في إخلاص مصر للشعوب العربية. فهناك أمور كثيرة تغيرت بعد أحداث غزة الأليمة، ونحن غير مطمئنين على قدرة مصر على تجاوز مصاعب صمتها على ما كان جرى في حدودها ومعبر رفح بالذات، وها هي القاهرة تفاجئ الجميع وتعلن الحرب على حزب الله رغم مخاطر ذلك على جميع الأصعدة. لقد استطاع حزب الله أن يجعل من المقاومة نقطة جذب للعالم ويغير كل شيء عن مفهوم المقاومة، حيث تغير مفهوم القوة في العالم وبفضله تدهورت الكفاءة القتالية للقوات الإسرائيلية وتعاظمت القدرات القتالية للمقاومة، وأصبحت هي البديل بعد أن اهتز التضامن العربي وبدأ يتفكك، والانقسام الذي يسود العالم العربي الآن يفوق في أبعاده كل ما حدث خلال الأربعين سنة الماضية. لقد تراجعت مصر عالميا بعد أن فقدت مركزها القيادي في العالم العربي وبين الدول الإفريقية ودول العالم الثالث وحتى مع شعبها البطل. وأنا متيقن بأن مصر ستخسر أكثر إذا لم تسارع في حل مشاكلها مع حزب الله، وهي لا تحب الخسائر كثيرا. إن التجربة القتالية لحزب الله مليئة بالدروس التي يمكن أن تتعلم منها الشعوب العربية ويرجع الفضل في ذلك إلى قادتها، وإلى إيمانهم الخالص لشعوبهم، فلولا هذا الإيمان، لما تحقق أي شيء. وأقول في هذا الصدد إلى السلطة المصرية "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم". وأعتقد أن بطلا مثل حسن نصر الله لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يوجه المقاومة إلى شعب عربي، فهذا لم يحدث أبدا ولا يمكنه أن يخسر الإنجازات العظيمة والضخمة التي حققها في حرب 2006 في لحظة غضب مع الإخوة في مصر. لقد نجح حزب الله في تشخيص الأسباب التي أدت بالجيوش العربية إلى السقوط، لذا يجب علينا أن نحترم بطل العرب ولا نسيء إليه بشيء، لأننا نعلم أن هدف الحزب هو تحرير الأرض والإنسان العربي. إن مسؤوليات ومهام كبيرة ملقاة على عاتق الإخوة في مصر لتجاوز هذه الأحداث بحكمة وليس بإرضاء بعض الأطراف وخاصة الولاياتالمتحدة والإتحاد الأوروبي وبعض العرب. صحيح أن هناك فعلا إرهابيين وهم قلة ولكنهم سببوا لنا مشكلات مع الغرب وعلينا مواجهتهم بكل الوسائل، ومن حق الدولة المصرية اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على الأمن والإستقرار في كافة ترابها، ومن حقها كذلك أن يكون لها تنسيق أمني بين أجهزة الأمن في العالم، ولكن أن يكون لها تنسيق أمني مع الموساد لمحاربة حزب الله فهذا لا يتقبله العقل السليم ولا يخدم الدور المصري الذي أخذ على عاتقه تطوير العمل العربي المشترك وتعزيز التعاضد بين أعضاء الجامعة العربية، هذه الأخيرة التي من المفروض أن تسرع في طي صفحة هذه الأحداث، ومن المؤمل أن تتم خطوة إيجابية كبيرة معالجة هذا الملف، لذلك وجب على الحكومة المصرية أن تستخدم العقل الذي مجده الإسلام، وحث على احترامه، تستخدمه كي نصل إلى حل يرضي كل الأطراف العربية. فالنزاعات العربية -مهما كانت أسبابها- هي نزاعات تضعف الأمة وتقوي أعداءها. إن أنظار الشعوب العربية كلها معلقة بما سيحصل في هذه الأحداث المؤلمة، والطموح الكبير في أن تقدم الحكومة المصرية مبادئ شريفة لحل مشاكلها مع حزب الله وإيران في إطار من الروح الإسلامية السمحة. أعتقد أن البذرة موجودة، والأمال كبيرة، والآن فلننتظر سويا لنرى كيف سيتصرف حكام مصر مع ملف حزب الله الحساس جدا في الوطن العربي، وأتمنى من كل قلبي أن لا يتصرف هؤلاء كما تصرفوامع الثورة الإيرانية كما جاء على لسان هيكل بقوله "لقد احتضنت مصر الثورة الإيرانية لكن عندما نجحت قلبت عليها ظهرها واتجهت نحو إسرائيل إنها مفارقة مصرية". في الأخير أقول بأن "أم دنيا" غير قادرة على تحمل مشكلات أخرى على ما يبدو لهذا يجب طي هذه الصفحة في أقرب وقت ممكن سلميا وبطريقة مشرفة للشعب المصري البطل وبحفظ كرامة وعزة وقوة حزب الله. فلا غالب ولا مغلوب بين الإخوة يا عرب..