أقام نادي القصة في اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات نهاية الاسبوع الماضي في مقر الاتحاد على قناة القصباء بالشارقة، أمسية نقدية عن الروائي الجزائري الراحل الطاهر وطّار في الذكرى الاربعين لرحيله، شارك فيها كل من الدكتور صالح هويدي من العراق، والإعلامي والباحث خالد عمر بن ققة من الجزائر، وأدارها الكاتب الصحفي حسين طلبي من الجزائر. في سياق تقديمه للكاتب قال حسين طلبي إن الطاهر وطّار قد حاز العام الماضي على جائزة العويس الثقافية في الرواية من بين جوائز عديدة حازها الراحل، لكن لم يتسن له أن يتسلمها بسبب مرضه، حتى عندما قررت إدارة الجائزة أن تزوره في الجزائر لتسليمه إياها كان قد رحل. وأشار طلبي إلى أن أمرين قد شغلا الطاهر وطّار في أواخر حياته: الأول هو إكمال روايته ''قصيدة في التذلل'' التي صدرت بعد رحيله، والأخير هو مستقبل جمعية الجاحظية التي كانت قلعة ثقافية فاعلة في مواجهة كل التخطيطات ضد الثقافة العربية والإسلامية في الجزائر. وانتقد خالد عمر بن ققة ما بدأ يشيع مؤخراً في بعض البلاد العربية عن الطاهر وطّار من أنه كاتب أمازيغي كتب بالعربية، مؤكداً أن اختياره العربية كان خياراً ثقافياً ومعرفياً، من دون أن يعني ذلك الانتقاص من أمازيغيته، مدللاً على ذلك بأنه عندما كان مديراً للإذاعة الجزائرية لم يتحول إلى مثقف براغماتي أو انتهازي على الرغم من أنه ظلّ مرتبطاً بالكيان الجزائري دولة ومجتمعاً ومعارضاً للسلطة، من دون أن ينخرط في حزب معارض. واعتبر بن ققة أن الطاهر وطّار يشكل نوعاً من المثقفين الذين حافظوا على مستوى متقدم من العلاقة بينهم وبين الدولة والمجتمع، لينجز ما أنجز إبداعياً في إطار الهوية والثقافة العربية والإسلامية. واشار بن ققة إلى أن أبناء جيله كانوا يُنصحون من أساتذتهم في الجامعة بألا يقرؤوا للطاهر وطار لانه كان كاتبا معارضا، مؤكداً أن العودة إلى وطّار الآن هي تعبير عن الحاجة إليه. ولفت الدكتور صالح هويدي في مستهل ورقته إلى أنه يتحدث عن وطّار بوصفه قارئاً لأعماله وقال ''أعمال الطاهر وطار التي قرأت أغلبها مثل أبناء جيلي في العراق عندما كنا نتخاطف ما يصدر هنا وهناك، من دون اعترافٍ بفصلٍ بين عربي ومغربي، فكان من بين أعماله :اللاز والزلزال وعرس بغل''. واضاف قائلا : ''كان وطّار روائياً ومثقفاً مثيراً للجدل، على مستوى الفاعلية الثقافية والانخراط الايديولوجي ثم الإبداعي، لكنه يبقى واحداً من أكبر الأصوات العربية التي أوصلت الرواية للقارئ العربي بمعناها الخارج عن النمط التقليدي على الرغم من أنه لم يكن موغلاً في الحداثة والتجريب، لكنه مال في ''عرس بغل'' إلى ترميز وتجريد، قلما يتوفران لدى كاتب ذي نزعة يسارية.'' وأضاف هويدي: ''دخل وطّار بروايته إلى مناطق غير مألوفة ما حرّك ضده بعض التابوات، الأمر الذي أثار اهتمام جيلنا به، غير أنه في روايته ''تجربة في العشق'' وسواها من أعماله المتأخرة قد اقترب من التراث، ومن توظيف الأسطورة، لينتقل بعد ذلك إلى إدخال إبداعه الروائي إلى المنطقة الصوفية لجهة التوظيف الدلالي لهذه الصوفية. ليختم بالقول: ''وهذا أمر يوجب علينا إثارة الأسئلة التي تتعلق بما تركه من إبداع بالمعنى الذي يبقي على استمرارية هذا الأدب حية، وكذلك الاستفادة من الدروس التي قدّمها مبدعاً ومثقفاً''.