بعد نهاية كل سنة دراسية وجامعية تبدأ مرحلة الاستعداد للعطلة الصيفية، رغم أن الأمور لا زالت لم تحسم بعد بالنسبة لتلاميذ المستوى النهائي بسبب عدم الإعلان عن النتائج النهائية لشهادة البكالوريا، فضلا عن أن الأمور لم تحسم بعد على مستوى الجامعات بسبب الامتحانات الشاملة والاستعدادات لمناقشة مذكرات نهاية التخرج لبعض التخصصات التي تعتمد نظام المذكرات، وعلى الرغم من ذلك بدأت العديد من الأسر تفكر في كيفية قضاء عطلة مريحة بعيدة عن متاعب سنة شاقة، إلا أن هذا الأمر بات يقلق الكثير من الأولياء لأنها تتعارض وإمكانياتهم المادية. تتزامن العطلة الصيفية لهذه السنة مع استعداد العائلات الجزائرية الفقيرة والمتوسطة الدخل والغنية مع شهر رمضان في فترة لا تتعدى 11 أوت وأغلب العائلات لا زالت مرتبطة الى غاية 15 جويلية بمواعيد النتائج النهائية وموعد عالمي لكرة القدم في جنوب إفريقيا ينتهي يوم 11 جويلية، بمعنى أن الأغلبية ستخطط للعطلة في الفترة من 16 جويلية الى 8 أوت وهي فترة قصيرة جدا وستتقلص هذه الفترة السنة القادمة وربما لست سنوات أخرى، مما يعني أن موسم الاصطياف سيتقلص الى أدنى حد له وهو ما سيؤثر لا محالة على السياحة الداخلية التي تعتمد عليها الأسر الجزائرية للترويح عن النفس بعد سنة من الجد والمثابرة، خصوصا وأن الدخول الاجتماعي المقبل سيكون في حدود 15 سبتمبر أي بعد عيد الفطر مع ما يعني ذلك من إرهاق ميزانية الأسرة الجزائرية بين غلاء فاحش في شهر رمضان ومستلزمات عيد الفطر والدخول المدرسي . يعتقد الكثير من المتتبعين للشأن الاجتماعي الداخلي الجزائري أن هذه المتغيرات ستساهم لا محالة في اختصار طريقة استثمار العطلة الصيفية بما يتناسب والاستعداد لضخ مصاريف ضخمة في رمضان وعيد الفطر والدخول المدرسي، خصوصا وأن القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة باتت ضعيفة رغم الزيادات الأخيرة في قطاع الوظيف العمومي التي استهلكتها الزيادات الرهيبة في الأسعار كما يشهد بذلك الديوان الوطني للإحصائيات، وأمام هذا الإشكال يمكن طرح السؤال التالي: كيف يمكن للأسرة الجزائرية أن تتكيف مع المتغيرات الجديدة من تأخر في الخروج الى ولوج شهر رمضان وبعده عيد الفطر ومباشرة السنة الدراسية والجامعية وبالتالي الدخول الاجتماعي وما يتطلبه من استعدادات كبيرة تستهلك ميزانية تقدر بنسبة 100 بالمائة بالنسبة لنحو 80 بالمائة من الفئات الاجتماعية العادية والمتوسطة خصوصا تلك التي تضم الأب والأم وأربعة أبناء . بين هذا وذاك تتباين الفروقات بين الأسر الجزائرية وتشترك الهموم في كيفية الترويح عن النفس خصوصا وأن ثقافة الجزائريين في تغير مستمر بسبب طبيعة الأسرة الجزائرية الحديثة التي لا تتجاوز في غالب الأحيان خمسة أفراد معظمهم من الأسر متوسطة الدخل وثقافتها جيدة كما أن أغلب الأسر الحالية هي أسر نووية صغيرة الحجم والعدد ومتطلباتها في ارتفاع ، أي أن رب الأسرة يفكر في غالب الأحيان في كيفية مكافأة الأبناء عن مجهود سنة بأكملها بالذهاب الى مكان معين بعيدا عن جو الأسرة العادي والدائم حيث يقوم بعملية الاسترجاع استعدادا للسنة المقبلة لمواجهة تحدياتها، ورغم أن الحق في الترفيه حق طبيعي لجميع البشر الا أن الظروف الاجتماعية لنسبة كبيرة من الأسرة الجزائرية أصبحت في الحضيض رغم الزيادات الأخيرة التي لم تعد تتماشى والتطورات الحاصلة في بنية العقلية الاجتماعية للأسر الجزائرية ورغبات الجيل الجديد من الشباب، حتى أن هذا الجيل رغم تراجع المستوى الدراسي من الناحية النوعية إلا أنه بات يسجل نتائج باهرة من الناحية الكمية نتائج رغم ما قيل عنها أنها نتاج للإصلاحات إلا أن الواقع المعاش يؤكد أن المتمدرسين أصبحوا أكثر وعيا بسبب متطلبات الحياة الاجتماعية الصعبة، وعليه ورغم كل المتغيرات الجديدة تبقى مسألة العطلة الصيفية واستثمارها في إطار الاسترجاع قضية مبدأ للعديد من الأسر الجزائرية .