مبهج ومثمر لمجتمعاتنا ظهور شباب يساهمون بالحركة الأدبية والثقافية ، ويضعون بصمتهم الإنسانية إعمالاً للتفكير والتعقل ، صاحبة الرواية الصادرة عن دار المثقف للنشر والتوزيع " نصفي مدفون " ، تحاكي وتعكس الواقع المعاش يوميّا بكلماتها الموزونة التي تلامس أحاسيس بشريّة حقيقيّة ، تعدّدت مشاربها وانتماءاتها ما بين الواقعية والاجتماعية والنفسية ... لديها القدرة على تحريك البنائي الفني والجمالي الروائي بحرفية ؛ حتى لا يخرج القارئ من قلب الحدث . كاتبة شابة مبدعة لها من الإمكانيات و الموهبة ما مكنها من التميز و خوض تجربة في مجال الحرف والكلمة ، قلم شبابي ناهض بما يصوغه من لغة انسيابية سلسلة تحاكي الواقع مرّات وأحياناً تبتعد عنه لتغدو الكاتبة منى مرهون إحدى الأسماء الروائية المهمة ، تنحت وتعبّر عن مكنونات ومشاعر وأحاسيس وإشكالات إنسانية بصياغة فكرية تحمل صوراً ودلالات فنية ، ما جعل روايتها تتسم بجمالية الوصف ورشاقة الكلمة بلغة مبسطة ، وجدت في الرواية برمزيتها ودلالاتها المتعددة فرصة لمحاكاة الواقع الحالي عبر بنية سردية تحتوي على فكرة وتعتمد التكثيف ، كل ما حولها يستثير رغبتها ويوجهها بتلقائية للكتابة ، فتجد نفسها مدفوعة إلى المساحات البيضاء تنثر آلامها وأحزانها لتخليد لحظات مرّت في حياتها ، أو في خيالاتها بأسلوب يحمل بصمتها. بين الشابة والطفلة.. تقف الكاتبة الواعدة " منى مرهون " على باب العمر والأحلام... في جعبتها الكثير.. جمعته على مدى سنوات من القراءة والاهتمام ، أورثت حب الفن والأدب والثقافة بالجينات ، قبل أن ينقل إليها الثقافة كممارسة وأسلوب حياة.. " ، صاحبة 21 ربيعا ، ابنة مدينة أولاد عدي لقبالة ولاية المسيلة ، تخطو أولى خطواتها في مجال الكتابة و التأليف و لتخّط بأحرف من ذهب مسيرتها نحو التأليف و المجد لتلج عالم الشهرة من أوسع أبوابه ، كيف لا وهي طالبة حرّة للبكالوريا شعبة آداب وفلسفة ، تدرس محاسبة وتسيير تقني سامي ، تعكف على حفظ كتاب الله في مسجد عمر بن عبد العزيز عند الأستاذة المحترمة وصاحبة العفوية والتواضع الأستاذة " ث.س" ، شاركت في كتابين جامعين تحت عنوان " سواسية بالقلم" و"ألوان الحياة" ، تتمنّى أن تكون خير خلف "للأديب موسى الأحمدي نويوات ، تميزت بأسلوبها وعملها المتقن ، وهي تتدرّج في سماء الأدب والكلمة ، لها من الإرادة ما جعلها تخط طريقها الى عالم الكتابة ، عشقت المطالعة منذ صغرها ، ما مكنها من الثراء اللغوي ، ومنه تهيأت لخوض غمار الكتابة ، لا شك سيكون لها مستقبل زاهر و مشرق كيف لا و هي ابنة وسط عائلي مثقف ، في هذا الحوار نتعرف عليها أكثر كيف خطرت لكِ فكرة الكتابة أو من الذي اكتشف فيك الموهبة ؟ عادة ما أكتب عن أحاسيسي وأوجاعي ، ولكن بعد الحجر الصحي وفي وقت فراغي أقوم بقراءة عدّة روايات ، فأنا أحب المطالعة ، كانت أول رواية قرأتها هي رواية " اوليفر تويست " في عام 2015 من تأليف تشارلز ديكنز ، رواية ماتعة لحد الآن لازلت أقرِأها مرارا وتكرارا ، كما أنني استمع لخواطر والقاء المتمرّد كثيرا لهذا العام ، كانت هناك صفحة لأبناء بلديتي عنوانها "فكرة وكتاب" عبر مواقع التواصل الاجتماعي أيّ شخص يستطيع نشر خواطره ، قمت بنشر خواطري واكتشفت موهبتي الكاتبة عطوي مروة ابنة خالي ، هي من طرحت علي فكرة تأليف كتاب فأخبرتها أن أول عمل أدبي لي سيكون عن أخي المرحوم في أثناء اصدارك الأول كيف شعرت لأول مرة وأنت تخوضين معركة الابداع لأول مرة وكيف كان احساسك وانت ترين اشراقة أول عمل لك ؟ كان احساسي لا يوصف ، فقد أصبح حلمي وكتابي شيئا ملموسا ، وتحولت كل أوجاعي وآلامي إلى فرح ، تركت أثرا على أخي حتى ولو كان بالنسبة لهم مجرد كتاب عادي ، فالنسبة لي هو جلّ سعادتي وحياتي نصفي مدفون ، كيف جاءتك الفكرة لاختيار هكذا عنوان ، وما هو المفهوم الدلالي الذي تحاولين أو تقصدين به ؟ جاءتني عدة أفكار ، فقد تشتت أفكاري في اختيار العنوان ، ولكن "نصفي مدفون " كان العنوان المناسب والمشوق لقراءته ، وصلتني الكثير من الطلبات ، الكل يلحّ على استلام نسخة منه ، فالمفهوم الدلالي الذي كنت اقصده من سيميائية العنوان ودلالته هو عند فقداني لأخي بلال رحمه الله ، صحيح أنه ليس معي ولكن اسمه وذكرياتي معه ستبقى خالدة معه ، فأنا حاولت أن تصل فكرتي ونصيحتي إلى كل أخت يقسو عليها أخاها في بداية المشوار ومع أول خطواتك المتعثرة في مخاض الكتابة كتبت الرواية ، من أين استمديت كل تلك الشجاعة لتخطي أول اصدار لك ؟ بعزيمتي واصراري وبفضل والداي حين أخبرتهم بأنني على وشك انهاء أوّل كتاب لي عن أخي المرحوم انهمرا بالبكاء ، مع الأول شعرت أنني قد فتحت لهم جرحا لن يندم من جديد ، ولكن شجعاني كثيرا ، وكلّ الشكر لابنة الخال "مروة عطوي" ، وكذا صديقتي الغالية "زهرة لبيدي" تأملت في كتابك "نصفي مدفون " وشدني العنوان وهو ينم عن قصة مثيرة جديرة بالقراءة تطرق القلب والعواطف وتحاكي العقل والمنطق ، حدثينا عن هذا العمل والنص ، ومن أين استلهمت أحداث هذا العمل ؟ كتابي المتواضع والبسيط كتبته وفي قلبي ألف والفين شهقة على روح أخي الطّاهرة ، كتبته وقد فقدت حقا نصفي قسما .. فأنا آمنت بفكرة وكتبتها ، كل كلمة وكل ذكرياتنا معه كتبتها إلاّ وقد سبقتني دموعي ، فكل هذه الأحداث قد استلهمتها من واقعي ومعاناتي التي واجهتها بعد رحيله ، فهو الأخ الأكبر الذي كانت تأكل الغيرة مناخره نخرا على عائلته ما الهدف أو السيرة التي تريدين تجسيدها من خلال روايتك ؟ الفكرة أو الهدف الذي أردت تجسيده لكل أخت تظن أن الأخ قسوة ومزاج سيء ، الأخ نعمة ، غيرة ، حب وخوف، حنان وعطف ، فتأكدي أن وراء قسوته هذه حب مدفون ، فالأخ نعمة لا تضاهى بثمن ، فهو قطعة من القلب والرّوح ماذا عن المعيقات والصعوبات التي واجهتك أثناء عملية النشر ؟ لم أواجه صعوبات أثناء عملية النشر ، كان تعاملي مع دار المثقف للنشر والتوزيع جيدا جدا ، سررت بالعمل معهم وبتواضعهم خاصة المديرة "سميرة منصوري " ، ومصمم الغلاف المبدع "عبد النور شلالو " راقني جدّا التعامل معهم بالنسبة للصعوبات التي واجهتها ، تعرّضت للكثير من الانتقادات ههه قبل أن تقرأ كلماتي وأحرفي ، هناك من ادّعى أن كتابي ليس في المستوى ، وهناك من انتقد شخصيّتي ، هذا الشيء زاد من عزيمتي وقوّى إرادتي وشحن إصراري ، بطبيعة الحال هذا أمر طبيعي و ايجابي أكثر من أن يكون سلبيا ، فوجود مثل هؤلاء في حياتي يجعلني اتقدّم أكثر في مشواري ، ولكنّني اشكر كلّ من راهن على سقوطي وجعلني امضي نحو سلّم النجاح ، سأكون فخر بلديتي أولاد عدي لقبالة ، وأتمنّى أن أكون خير خلف للأديب "موسى الأحمدي نويوات " بدأت تجربتك بالرواية ، هل ستواصلين في جنس أدبي آخر ، أم الاستمرار في هذا الجنس الجدير بالمتابعة ويلقى رواجا كبيرا ؟ أكيد سأواصل في جنس أدبي آخر ، وستكون بداية سفر ممتعة بإذن الله ، ومستمرة في طريق الكتابة بالإصرار وبالعزيمة ، وبفضل كلّ من امتلك بقلوبهم ذرّة حب وخير ولكن بعد يلقى كتابي هذا رواجا كبيرا إلى ما تطمح منى سواء على صعيد الكتابة ، أو على المستوى الشخصي ؟ لديّ عدّة طموحات وأحلام ، كما أنّي أحضّر لأعمال أدبية مستقبلية أخرى سأفصح عنها لاحقا ، ولن أتراجع عن طموحاتي وأحلامي ، فالأحلام خلقت كي تتحقّق وليست أن تبقى مجرّد أحلام كلمة أخيرة للقراء وللجريدة إلى كلّ من يقرأ أحرفي ، يا ليت رحمة منكم تصل لأخي المرحوم ، دعواتكم لي بالتوفيق ، محبتّي الخالصة لكم ، أتشرّف بقراءتكم أحرفي ، فرصيدي لايزال معبئا ، أرجو دعمكم لي فبإمكاني المواصلة . كما أشكر الجريدة على هذا الحوار الرّائع والثري ، شكرا لكم لأنكم اتحتم لي فرصة التحدّث عن عملي البسيط هذا ، دام نبض قلمكم ودامت متابعتكم العطرة ، وألف شكر للأخ بن يوسف.