مما يؤكد عليه ديننا هو اعتبار المناسبات الدينية والعامة، ومن المناسبات التي ينبغي الاهتمام بها والتهيؤ لها مناسبة الجمعة، فهي مناسبة يحضرها عامة الناس، وفيها توجيه وإرشاد لما يصلح شؤون المجتمع والأمة، ولو أهملها المسلمون لفسد الكثير من مصالح المجتمع المسلم، ولذلك حض الإسلام على التهيؤ والاهتمام بهذه المناسبة، وهذا الحض ليس على الوجوب ولكنه على وجه يُبرز أنه ينبغي إعطاء هذه المناسبة نوعا من الأهمية، ولذلك أبرزنا مظاهر الاهتمام لهذه المناسبة في النقاط التالية:الاشتغال عن القيلولة والغداء بالتهيؤ والاستعداد للجمعة؛ والقيلولة: الاستراحة وسط النهار، وإن لم يكن معها نوم؛ وذلك بأن يؤخر المسلم قيلولته وغذاءه إلى ما بعد الاستماع للخطبة وأداء صلاة الجمعة، فربما ذهب الواحد ليستريح قبل الجمعة فيغلبه النوم فتفوته الموعظة، وربما تغذى قبل الصلاة فيؤثر طعامه على ذهنه فلا يستفيد شيئا، وقد كان الصحابة على عهد النبي يتغدون ويستريحون قبل الزوال كل يوم إلا يوم الجمعة، فكانوا ينشغلون بالاستعداد للجمعة والتبكير إليها، فلا يبقى لهم وقت يسع للقيلولة قبل صلاة الجمعة. قال سهل رضي الله عنه رضي الله عنه: ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة.الغسل والتنظف لصلاة الجمعة: وقد اختلف العلماء في حكمه بين الوجوب والاستحباب، فاستدل الموجبون: بقول النبي: (الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)، وقوله: (إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل). واستدل القائلون بالاستحباب بقوله: (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل) إلا أن الغسل يبين مدى اهتمام المسلم بهذه المناسبة، فكما يتنظف عند إرادة ملاقاة شخصية مهمة أو يكون على موعد هام كذلك يفعل وهو يريد هذه المناسبة الجليلة خاصة مع حضور عامة المسلمين إليها وقيام الملائكة على أبواب المساجد، فينبغي الاغتسال إدراكاً للفضل.ثم إن باستعمال السواك والطيب يعطي تنبيها للعقل ونشاطا للجسم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستنّ، وأن يمس طيباً إن وجد). وقوله: (أن يستن): أي يدلك أسنانه بالسواك. كذلك أن يخصص لباسا للجمعة، فكما يختار لسائر المناسبات عن عبد الله بن سلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر في يوم الجمعة: (ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة، سوى ثوب مهنته).