تعتبر المؤسسة المصغرة المختصة في الحباكة ومخبر لإجراء التحاليل الطبية من بين النماذج الناجحة لمشاريع مصغرة على مستوى ولاية غرداية و التي تقدم مثالا للروح المقاولاتية و للشجاعة التي يتمتع بها مسيرهما من الشباب. ويتمثل المشروع الأول لصاحبه جابر زيطاني في ورشة للحباكة التي تمكن من إنشائها بمسقط رأسه مدينة بريان الواقعة على بعد 45 كلم شمال غرداية في إطار صيغة التمويل الثلاثي ( الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب - القرض البنكي- مساهمة شخصية) بتكلفة مالية تجاوزت 5.5 مليون دج وتحصلت على الاعتماد في ديسمبر 2006. وقد استطاع هذا الشاب الجامعي أن يحول مؤسسته المصغرة المختصة في صناعة لواحق الحباكة كالفتائل المذهبة والظفائر المصنوعة من الخيط وماسكات الستائر من تحويل ورشته إلى مصنع " حقيقي" يوفر فرص العمل ل 16 عاملا من بينهم أربع نساء. وقال جابر أنه " منذ إنشاء هذه المؤسسة المصغرة وأنا أسوق بضاعتي إلى العديد من الصناعيين بالجهة ما مكنني من تسديد 50 بالمائة من قيمة القرض البنكي الذي استفدت منه مع ضمان الدفع وبصفة منتظمة لرواتب العمال" مضيفا بأن الهدف الذي يصبو إلى تحقيقه يتمثل في تسديد كافة ديونه وتوسيع ورشته و" تصدير منتوجاته التي تستجيب للمعايير الدولية المعمول بها في الخارج" على حد قوله. ولم يخف صاحب هذه الورشة الذي تحدوه إرادة قوية لتطوير منتوجاته ما واجهه من صعوبات في بدايات هذا المشروع لكن - و كما يقول- فان "نجاح هذه المبادرة الجميلة بدأ يعطي ثماره ". ولم يكن بعيدا عن مثل هذه المبادرات الشبانية الناجحة أيضا الشاب موسى عدون المتخصص في البيولوجيا والطب العيادي و الذي تمكن بدوره من فتح مخبر لإجراء التحاليل الطبية بأحد أحياء مدينة غرداية في إطار نفس الجهاز لتشغيل الشباب. ويوظف هذا المخبر الذي أنشئ في إطار تمويل مختلط (الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب و القرض البنكي) بمبلغ مالي فاق خمسة ملايين دج ستة أخصائيين وهو يضمن خدمات طبية في مجال التشخيص الطبي بمنطقة جنوب البلاد. و يقصد هذا المرفق الطبي -حسب مسيره- العديد من المرضى الذين يتوافدون من مختلف الولايات و المناطق المجاورة بغرض إجراء التحاليل الطبية المطلوبة منهم وذلك قبل عرض نتائجها على الأطباء المشرفين على متابعة علاجهم الصحي . وأبرز بالمناسبة أحد الأخصائيين العاملين بهذا المخبر حاجة المنطقة إلى مثل هذه المرافق الطبية قائلا بأن "هناك حاجة ملحة لهذا النوع من الخدمات الطبية بمناطق الجنوب ". و سجل في نفس السياق أن "صاحب المخبر يفكر في توسيعه ليشمل اختصاصات تسمح بتلبية الطلب المتزايد للمرضى بخصوص إجراء التشخيص و التحاليل الطبية بصورة أعمق." و أكد أحد المشرفين على هذا الهيكل الصحي أن "التكوين الطبي الذي تخصص فيه عدون كان الدافع الأساسي لفتح المخبر " قبل أن يضيف بأن المحيط الاجتماعي أيضا شجع على فتح هذا المرفق سيما منهم الأقرباء فضلا عن الغاية السامية التي كان يطمح في تحقيقها والتي تتمثل في تخفيف المعاناة عن المرضى". ومن جهته أوضح مدير الفرع المحلي للوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب ناصر سماش أن ولاية غرداية تعد نموذجا "حيا" في مجال التمويل المصغر للمؤسسة وهو ما يؤكده النجاح الذي حققته الكثير من المؤسسات المصغرة التي يسيرها شباب. ومع ذلك -كما أضاف ذات المسئول- فإن "هناك الكثير من الأمور ينبغي القيام بها بهذا الخصوص سيما ما تعلق منه بمسألة الالتفات إلى شباب عالم الريف " مؤكدا بأن الطموح اليوم هو "الذهاب بعيدا في هذه الصيغة من التشغيل بما يسمح من التكفل بشكل أفضل وأوسع بالشباب من حاملي المشاريع المصغرة خصوصا منهم فئة الفتيات بالمناطق المعزولة ". للإشارة فقد تم بولاية غرداية و في إطار جهاز الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب -وفق ذات المصدر- تمويل نحو 1914 مؤسسة مصغرة 10 في المائة منها خاصة بالفتيات علما أن هذه المؤسسات المصغرة مجتمعة تشغل نحو 4.217 عامل. وأكد نفس المسؤول بأن هذا العدد من المؤسسات المصغرة مرشح للارتفاع بشكل محسوس هذه السنة حيث يرتقب فتح تسعة فروع جديدة للوكالة عبر مختلف دوائر الولاية وذلك بغرض تسهيل وتقريب الجهاز من الشباب من حاملي المشاريع سيما القاطنين بالمناطق المحرومة". وأوضح ذات المصدر أن العدد الأكبر من المؤسسات المصغرة التي أنشئت بولاية غرداية تنشط في مجالات الخدمات يليها قطاع الصناعة في الدرجة الثانية من حيث عدد المؤسسات العاملة في هذا المجال ثم قطاع البناء و قطاع الفلاحة. وكشف مدير الفرع المحلي للوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب بغرداية بأن أكثر من 25 بالمائة من المؤسسات المصغرة الناجحة تمكنت من تسديد ديونها تجاه البنوك.