توقع الدكتور بن عزوز محمد، أستاذ المحاسبة في المدرسة الوطنية للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، أن توفر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 1.7 مليون منصب شغل بحلول 2014، ويبني الدكتور توقعاته بمراهنة المخطط التنموي (2010 – 2014) على خلق مائتي ألف مؤسسة في غضون الخمس سنوات القادمة، ما يرفع إجمالي المؤسسات الناشطة إلى 655 ألف مؤسسة. الهام/س و أضاف بن عزوز الذي حل ضيفا على الإذاعة الوطنية أن قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قطاع حساس جدا ويدخل في إطار الموجة الجديدة التي بدأت منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي، ودفعت بالكثير من البلدان بتغير نشاطها الاقتصادي، وأصبح الاهتمام بالمؤسسة شغلها الشاغل، لأنه في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم الذي عاشته الكثير من البلدان في التسعينيات، ومنها الجزائر بحثا عن حل مشكلات الاقتصاد بالبلاد، أو ما يمكن أن نسميه بالاقتصاد الكلي، بمعنى آخر البحث في كيفيات تحقق النمو، استقرار في سعر الصرف، التقليل من التضخم، الرفع من مستوى التشغيل، التقليص من البطالة، وإلى آخر ذلك من المؤشرات التي كان لها تأثير وأصبحت الآن من الأدبيات الاقتصادية التي تحيل إلى دور المؤسسة في معادلة النمو والمساهمة في حركيته ودفعه على المستوى الكلي. من هذا المنطلق وفي سياق ان العولمة، أصبحت المؤسسة الاقتصادية في البلدان النامية ذات الدور الفاعل في هذا الشأن خصوصا في ما يتعلق بدور المؤسسة التحريكي في معادلة النمو، وأيضا بالجانب الاجتماعي المتضمن وظيفتها في محاربة الفقر من خلال دفع تنمية سوق الشغل والاستثمار. و أشار المتحدث ذاته أن الجزائر انطلاقا من سنة 2000، شرعت في عملية بناء اقتصادية، شملت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها مخرجا من مخارج تحقيق الرفاهية الاقتصادية، وهنا بدأت الانطلاقة وإن كانت محتشمة، فإن لها إستراتجية هادفة للوصول إلى كم من المؤسسات الاقتصادية، أو بصورة أخرى يمكن القول بأن هذه الإستراتيجية كانت تهدف إلى نشر ما يمكن أن نسميه بثقافة المؤسسة الاقتصادية، ويمكن لمسها على أرض الواقع تحت ما يمكن أن نسميه بالثقافة المقاولاتية أو الفكر المقاولاتي . والفكر المقاولاتي ليس سهلا فهو يتطلب جهدا أكبر، و منذ 2000 إلى غاية 2009 تم تأسيس حوالي 455 ألف مؤسسة حسب تصريح سابقة لوزير الصناعات الصغيرة والمتوسطة، حيث لاحظ ارتفاعا معتبرا للرقم بعدما كان لا يتجاوز 180 ألف مؤسسة. وعلى خلفية هذا الرقم، يمكن القول أن الفرصة أعطيت للكل، إضافة إلى الاستثمار الأجنبي الذي جندت له الجزائر الكثير من المواقع من أجل استقطاب أكبر للاستثمارات في هذا الشكل، سواء كان عن طريق مشروع مندمج لمؤسسة محلية مع أجنبية، أو إقامة مشاريع ذات طابع خدماتي، أو تجاري، وبالتالي في إطار المخططين (2000 – 2004) و(2005 – 2009) قامت إستراتيجية الجزائر الاقتصادية على مبدأين أساسين، هما دعم النمو والسير نحو الاستقرار الاقتصادي، وتمّ تخصيص مبلغ 300 مليار دولار بقي منه 136 مليار دولار لم يستغل خلال المخططين الخماسيين، لتضاف إلى المخطط الخماسي 2009 / 2014 الذي استفاد من مبلغ 150 مليار دولار من أجل الدفع بمشروع دعم الاقتصاد بكامل ألوانه وأطيافه بما فيه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة و البنى التحتية في كل القطاعات، ليس لدعم النمو فقط، وإنما من أجل استمراريته، ولهذا يوسم هذا البرنامج بكونه برنامج الحفاظ على النمو و استمراريته. و حول الرهانات التي وضعتها الدولة لتطوير هذا القطاع، قال الدكتور بن عزوز، " أن الرهان هنا مرتبط أساسا بكيفية تفعيل الكفاءات الاقتصادية في هذا الشأن، بمعنى مراعاة مستوى الأداء الاقتصادي، وتهيئة مناخ الأعمال، حتى تكون على معرفة أكبر بالسوق من خلال إدراك كيفية تسويق منتوجها، أيضا هناك رهانات أخرى بنت عليها الجزائر إستراتيجيتها الاقتصادية، فحسب تصريحات سابقة كذلك لوزير المالية، وبعد الحصيلة الماضية، سارعت الجزائر إلى تدارك نقائص من خلال إعادة النظر في موضوع التمويل، وتسوية العقار". كما يبقي الجانب التمويلي يطرح اسئلة عديدة البرنامج الاقتصادي الجديد مجموعة الإجراءات، منها فتح مكاتب وفروع تابعة للبنوك العمومية بضمان الدولة حيث ستدعم بمال عام عمومي، ويصبح بإمكان المعنيين من أصحاب المؤسسات الحصول على قرض من أي فرع بنكي بقرض لا يزيد مهما كان على 3 بالمائة، أيضا الرفع من قيمة القروض المالية من 50 مليون إلى 250 مليون، وهذه كلها تدخل في إطار الحوافز المشجعة على إنجاح المشروع، وهنا شدد الدكتور على أنه إذا استثمرنا هذا الكم من البيانات وهذا الكم من الإجراءات، ووصلنا إلى ما نتوقعه، فيمكن القول أننا حققا نموا اقتصاديا جيدا في البلاد . و حول قضية تأهيل المؤسسات، يضيف أستاذ المحاسبة أن "التأهيل لا يعني فقط التغير الكمي، يجب هنا أن نبحث التغير النوعي، والفكرة يجب أن تنطلق من أن كل مستثمر في مؤسسة صغيرة أو متوسطة يجب أن يحافظ على مجموعة من المتغيرات التي تعد مرجعية بالنسبة للمؤسسة وتسهم بقوة في بقاء المؤسسة والحفاظ عليها، كما تحافظ على استمراريتها، وديمومتها، وهذه العناصر هي التي تؤصل لما يمكن أن نسميه بعناصر بقاء المؤسسة، والتي تتطلب من المستثمر أن يبحث في العناصر الاقتصادية التي تمد المؤسسة بالبقاء وتقودها نحو التنافسية والنجاح، وهنا تجب الإشارة إلى أن التنافسية هي ليست عملية كمية بقدر ما هي عملية نوعية، تشمل إمكانيات التعرف على المنتوج والزبون والسوق والتسويق بقدر أقوم".