إعداد: بلقاسمي ف/الزهراء تتخذ العيوب التي تشوه صورة الإنسان صورة الخصال السيئة أو الأفكار الخاطئة أو نقاط الضعف. والعيوب قسمان هما: العيوب الظاهرة وتتضح في سلوك الإنسان وتنتج عن أفكار شاذة يعتنقها ويؤمن بصحتها ويكون مدركاً لما يفعله. والنفاق من أبرز الأمثلة على العيوب الظاهرة في شخصية الإنسان حيث يعتقد الكثير انه مجرد صورة المجاملات الاجتماعية اللازمة لنجاح الإنسان. أما النوع الثاني فهو العيوب اللاشعورية التي تتحكم في تصرفات الإنسان دون أن يعي أنها تسيطر عليه.. وهذه العيوب غالبا ما تتمثل في صورة نقاط الضعف.. كعجز الإنسان عن مقاومة إغراء ما، أو التأقلم مع موقف ما. اكتساب العيوب قد يرجع إلى طريقة التنشئة الخاطئة أو إلى البيئة التي ينشأ فيها الإنسان والتي تتعامل مع بعض العيوب على أنها مجرد عادات اجتماعية.. كما قد يرجع اكتساب العيوب إلى تأثر الفرد بشخصية ما وتقمصه لهذه الشخصية ومحاكاته لها بكل ما فيها من عيوب. ويمكن للمرء أن يواجه نفسه بهذه العيوب إذا كان يتمتع بدرجة عالية من النضج النفسي الذي يساعده على تحمل المصاعب التي تواجهه والآلام التي تنتابه عند رفع القناع عن هذه العيوب من خلال مكاشفته لنزاعاته الداخلية ومحاسبته لنفسه ومحاولة تحليله لكل أعماله بصورة أقرب ما تكون إلى الموضوعية. ومن أبرز العيوب التي تشوه شخصية الشباب الأنانية وحب الذات لدرجة عدم القدرة على العطاء والاكتفاء بتحقيق المكاسب الذاتية حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين. وترجع الأنانية إلى أفراد الأسرة في تلبية طلبات أحد الأبناء عن بقية إخوته وتدليله. والأنانية تتطور لتتخذ صورة الحقد الذي لا يعرف معه الإنسان أي نوع من الرضاء. والطريقة الوحيدة للتخفيف من حدة هذه الأنانية هي أن يقتنع المرء أن الفائدة لا يمكن أن تتحقق له وحده دون الآخرين وأن عليه أن يسعى إلى الانتماء إلى الآخرين والتوحد معهم. ويأتي بعد ذلك القلق الزائد.. وهو القلق الذي يعوق الإنسان عن تأدية ما يرغب في القيام به من واجبات مختلفة ويتسبب في ظهور بعض الأعراض المرضية مثل العرق والإسهال والقيء وزيادة ضربات القلب. كما يظهر القلق الزائد في المواقف التي يعتبرها المرء مواقف صعبة كالامتحانات أو المقابلات المهمة الخ.. والطريقة المُثلى للتخلص من القلق الزائد هي أن يُعود الإنسان نفسه على الاسترخاء بأن يجلس على مقعد مريح ويتنفس بصورة منتظمة ويستمع إلى بعض الموسيقى الهادئة أو يطالع مجلة فيها عدد كبير من الصور المبهجة أو يسترجع بعض الذكريات السعيدة التي تجلب إلى نفسه البهجة.. على أن يكرر هذه العملية عدة مرات كل يوم. والعيب الثالث هو الغيرة وسببها هو شعور المرء بالدونية. فالشاب على سبيل المثال يغار من زميله لاعتقاده بأنه أقل منه وسامة أو ثراء أو ما إلى ذلك. ويتولد عن الغيرة كراهية الإنسان للآخرين ورفضه لهم ورغبته في الانطواء بعيداً عن المجتمع. كما أنها تؤدي إلى التوتر والخوف بل وإلى الاكتئاب. والثقة بالنفس هي الوسيلة الأكيدة لمجابهة الغيرة. ويمكن أن تتحقق الثقة بتوسيع المرء لدائرة معلوماته العامة أو من خلال تفوقه في مجال العمل والدراسة. كما يحتاج إلى جرعات حب زائدة من أهله وأصدقائه. وعن الحساسية المفرطة هي سرعة التأثر والانفعال لمواقف لا تستحق الانفعال.. والحساسية المفرطة تترجم في صورة الخجل الزائد والفهم الخاطئ لتعليقات المحيطين. والطريقة المثالية للتخلص من هذا العيب، هي الاحتكاك الدائم والمستمر مع الآخرين وتبادل الحديث معهم في مختلف الأمور. وهناك مجموعة أخرى من العيوب التي تشوه شخصية الشباب ومنها التردد والذي يتمثل في عدم القدرة على الاختيار بين عدة أشياء أو اتخاذ القرار. ويرجع ذلك إلى الطمع.. فالإنسان يريد أن يستحوذ على كل شيء.. فمثلاً الفتاة التي تتردد في الموافقة على الزواج من شاب يحمل كل الصفات التي تتمناها لاعتقادها أنها إذا تمهلت قليلاً قد تتاح لها فرصة الزواج بشاب أفضل منه.. هذه الفتاة مخطئة وليس لديها أي قناعة! فالقناعة هي الوسيلة الوحيدة للتخلص من التردد ويمكن للإنسان أن يكتسبها بالتأمل، الفرد الذي حرم من نعمة (التعليم.. البصر).. أو نعمة (العقل) علينا أن ننظر إليه ونقتنع بما وهبنا الله إياه. وهناك عيب آخر هو: السذاجة. والسذاجة والتي نعرفها بأنها النظر إلى الأمور بطريقة سطحية والميل إلى تصديق كل ما يقال، أو يحدث على أنه حقيقة ثابتة وأكيدة. ولمواجهة السذاجة يجب أن يركن الإنسان إلى التروي والتفكير مرتين قبل الإقدام على الاقتناع بأي فكره أو القيام بأي عمل.. وأن يترجم كل ما يجري حوله إلى مسائل حسابية تقوم على أسس عقلانية وألا يترك لعاطفته مهمة تسيير مجرى حياته. وهناك أيضاً الرومانسية الزائدة وهي نوع من الهروب من مواجهة الواقع.. ومثال ذلك حب الفتاة لشخص لا يمكن لها أن تتزوج منه كأن يكون معتنقاً لدين غير دينها أو متزوجاً.. إلى غير ذلك من المعوقات التي تحول دون تطور العلاقة بصورة طبيعية ولا يمكن التخلص من هذه الرومانسية الزائدة إلا بمواجهة الواقع والاستفادة بقراءة السير الذاتية للشخصيات التي أثرت في حياة البشرية كالأنبياء والعلماء والفنانين.