دخل الاتحاد الأوروبي على خط الأزمة التي تشهدها تونس حاليا حيث دعت وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين أشتون السلطات التونسية إلى الإفراج فورا عن المتظاهرين الذين اعتقلوا بسبب الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي تشهدها البلاد منذ نحو أربعة أسابيع. الهام/س-وكالات كما دعت المفوضية الأوروبية على لسان المتحدثة مايا كوسيانسيتش إلى "ضبط النفس في استخدام القوة واحترام الحريات الأساسية". وفي السياق نفسه عبر بيان صادر عن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة عن الشعور بالقلق إزاء "تصاعد العنف" في تونس، ودعا إلى ضبط النفس وحث جميع الأطراف على حل الخلافات عبر الحوار مع التأكيد على الالتزام الكامل بحرية التعبير. في غضون ذلك أفاد مصدر رسمي تونسي أن وزارة الخارجية استدعت سفير الولاياتالمتحدة لدى تونس غوردن غراي وأبلغته استغرابها من الموقف الذي عبّر عنه الناطق باسم الخارجية الأميركية على خلفية الاحتجاجات الشعبية في تونس. وكانت وزارة الخارجية الأميركية استدعت يومَ الجمعة الماضي السفير التونسي في واشنطن محمد صلاح تقية وسلمته رسالة تعبر عن القلق الأميركي من الطريقة التي تم التعامل بها مع الاحتجاجات في تونس. وعلى صعيد التطورات الميدانية أفادت مصادر أن ثمانية أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب عدد آخر خلال الساعات الماضية برصاص قوات الأمن في عدد من أحياء مدينة القصرين التي شهدت انتشارا لقوات من الجيش، في حين تجددت المظاهرات في كل من سوسةوبنزرت. ونقلت وكالة رويترز عن شهود عيان وقوع أعمال شغب في منتجع بنزرت الواقع على البحر المتوسط حيث قام مئات من الشبان الغاضبين بإتلاف بورصة العمل وأشعلوا النار في بنك وفي عدة مركبات منها سيارة للشرطة، مشيرة إلى أن هذه هي أول مرة تصل فيها الاضطرابات إلى المنطقة الساحلية الأكثر رخاء. وكانت تونس أعلنت عن إغلاق المدارس والجامعات ابتداء من أمس وحتى إشعار آخر في سبيل السيطرة على الاحتجاجات. من جانبه انتقد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الاحتجاجات التي تفجرت أساسا بسبب البطالة وغلاء الأسعار حيث وصفها بأنها "عمل إرهابي" تقف وراءه "أطراف خارجية وعصابات ملثمة"، كما وصفها بأنها أعمال صادرة عن "قلّة مأجورة وإرهابية تسيرها من الخارج أطراف يغيظها نجاح تونس الذي تشهد به مؤسسات دولية نزيهة". وفي ثاني خطاب له منذ اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية في ال18 من الشهر الماضي، قال بن علي -الذي يشغل منصبه منذ 1987- إن الحكومة ستتخذ إجراءات عاجلة لخلق مزيد من الوظائف، وهو الأمر الذي كان من الأسباب الرئيسية للاحتجاجات، لكنه قال إنه لن يتسامح مع العنف. كما قرر بن علي عقد ندوة وطنية الشهر المقبل تشارك فيها مؤسسات رسمية وأهلية لطرح تصوراتها بشأن تشجيع التشغيل، إضافة إلى "إعطاء دفع جديد لوسائل التلفزة والصحافة المكتوبة لتعزيز هذه النقلة وتعزيز حرية التعبير عن مشاغل الوطن". وفي تصريحات له رأى وزير التعليم والبحث العلمي التونسي البشير التكاري أن خطاب الرئيس بن علي تضمّن حلولا اجتماعية واقتصادية، كما أكد أن النظام الحاكم في البلاد هو "نظام قوي وليس في آخر أيامه". كما وصف التكاري قرار السلطات إغلاق جميع المدارس والجامعات ابتداء من أمس ولأجل غير مسمى بأنه إجراء وقائي. وكان بيان رسمي أرجع هذا القرار إلى ما سماها "أعمال الشغب التي شهدتها عدد من المؤسسات التربوية والجامعية، وفي انتظار نتائج التحقيق لتحديد مسؤوليات المتسببين فيها، ومن قام بدفع التلاميذ الأبرياء والطلبة إلى أعمال التشويش والعنف وبث الفوضى بالشارع في بعض المناطق". وفي تطور لافت دعا الحزب الديمقراطي التقدمي في بيان حمل توقيع أمينته العامة مية الجريبي إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، تأخذ على عاتقها إعداد تونس للانتقال إلى الديمقراطية في أفق 2014. يذكر أن شرارة الاحتجاجات اندلعت يوم 18 ديسمبر الماضي من ولاية سيدي بوزيد بعد إقدام بائع متجول على الانتحار بإحراق نفسه احتجاجا على تعرضه للصفع والبصق على الوجه من قبل شرطية تشاجر معها بعدما منعته من بيع الخضر والفواكه دون ترخيص من البلدية، ولرفض سلطات الولاية قبول تقديمه شكوى ضد هذه الشرطية. ووفقا لرويترز تقول الحكومة إن نسبة البطالة في تونس التي يقطنها أكثر من عشرة ملايين نسمة بلغت 13%، حيث يوجد نصف مليون عاطل عن العمل بينهم مائة ألف من خريجي الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، في حين يعتقد معارضون أن الأعداد الحقيقية للعاطلين أعلى بكثير مما هو معلن.