منذ بداية أزمة مرض رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، تصاعدت حدة النقاش والتراشق السياسي بين حزبي السلطة "التجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة التحرير الوطني"، اللذين يدافعان عن منجزات الرئيس، وبين الأحزاب المحسوبة على المعارضة خاصة من ذوي التيار الإسلامي التي تتهم السلطة بتعمد "الغموض" في إدارة ملف صحة الرئيس، وتطالب بتفعيل المادة 88 من الدستور. وعلى الرغم من ظهور الرئيس "بوتفليقة" بعد أكثر من شهر ونصف من الغياب في رحلة علاج بباريس، لا تزال كواليس السياسيين تعج بأحاديث الخلافة المقررة ربيع 2014، وبينما قلّص مرض "بوتفليقة" حظوظ العهدة الرابعة، فإنه في المقابل غذّى طموح الخلافة لدى تكتلات إسلامية، خصوصاً أن السلطة لم تكشف بعد إن كانت ستقدم مرشحاً تدعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي هذه الأجواء، قررت حركة مجتمع السلم بدء مشاورات سياسية غير مسبوقة في شأن ملف الرئاسة، كأولى التداعيات لاحتمال عدم ترشح "بوتفليقة" لولاية رابعة، وقاد هذه المشاورات عبد الرزاق مقري، رئيس حمس، كون الحركة تعتزم المشاركة في هذا الاستحقاق لأنها تعتبره آخر فرصة للتغيير السلمي في الجزائر وتجنيب البلاد مزالق الفوضى والاضطرابات، مما يستوجب توفير كافة الشروط والضمانات لتكون شفافة ونزيهة وذات مصداقية، تؤهل الجزائر لخطوة مهمة نحو الازدهار والاستقرار وبناء دولة الحق والقانون، ولم يكتف "مقري" بحزبي "النهضة والإصلاح" اللذين يشاركان "مجتمع السلم" في تحالف "تكتل الجزائر الخضراء"، بل وسّع من مشاوراته مع عبد الله جاب الله بعد قطيعة سنوات طويلة بين حركة مجتمع السلم وحزبي النهضة والإصلاح، اللذين قادهما جاب الله، قبل أن يؤسس حزب "التنمية والعدالة" الذي يرأسه حالياً. مقري: "التغيير في الجزائر صعب والاصلاح عملية شاقة" واعتبر، عبد الرزاق مقري، زعيم حمس الجديد، أن التغيير في الجزائر "صعب" والإصلاح عملية "شاقة"، آملا أن يعجّل زمن "انكسار الإثم والعدوان"، في اشارة واضحة منه إلى الاستحقاقات الرئاسية المقرر عقدها ربيع 2014، كون الحركة تعتزم المشاركة في هذا الاستحقاق لأنها تعتبره آخر فرصة ل"التغيير السلمي" في الجزائر، حيث قام مقري بمحاولة لتوحيد صفوف حركة مجتمع السلم ذات الخلفية الإسلامية مع أحزاب كانت قد أعلنت القطيعة مع حمس في وقت سابق وعلى رأسها "جبهة التغيير" التي يقودها عبد المجيد مناصرة، هذا إلى جانب حزب "التنمية والعدالة" الذي يرأسه حالياً عبد الله جاب الله بهدف تحقيق "مكاسب آنية" و"شخصية". وكان مقري، قد نقل أمس عبر موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"، إن "الوضع الراهن الذي تعيشه البلاد يصعب عملية التغيير والاصلاح"، مضيفا أنه بالجهد المشترك والتظافر سيأتي أوان "البر والتقوى" و"انكسار الإثم والعدوان" على حد تعبيره، كما يأمل مقري أن يكون هذا الأوان قد حل أجله بتوحد التيار الاسلامي، قائلا "يكفي أن ينهض له الصالحون والصالحات، وقد نهضوا...". تحالف ديمقراطي لمواجهة تحركات مقري ولمواجهة تحالف الاسلامين في ظل توسع رقعة المعارضة الإسلامية بعد تولي مقري سدة رئاسة حمس، أعلن الموالون للسلطة عن مشاورات مع أحزاب الديمقراطية والتقدمية منها حزب التجمع الوطني الديمقراطي "الأرندي" وحزب تجمع أمل الجزائر "تاج" الذي يرأسه الوزير عمار غول، من أجل صناعة تحالف ديمقراطي والتوافق حول مرشح للرئاسيات المقبلة بشرط أن يخرج من دائرة السلطة ليحمل الرسالة المشتركة. وجاءت هذه المشاورات حسب تصريحات سابقة لعضو المكتب السياسي لحزب الأفلان، سي عفيف، حول مرشح إجماع في رئاسيات 2014، بعد أن صارت حمس تعمل حاليا على توسيع قطب المعارضة على حساب أحزاب السلطة. جرافة وحد الحمسوين و طعن في "حكم" الإسلاميين من جهته، يحضر البرلماني عن حركة النهضة، وصاحب فكرة انشاء تكتل "الجزائر الخضراء"، عز الدين جرافة، لمبادرة سياسية يجري التحضير لها مع مختلف التيارات الوطنية والاسلامية وفعاليات المجتمع المدني من أجل الوصول إلى مرشح توافقي لدخول رئاسيات 2014، حيث يطمح جرافة الذي لاقى صدى ايجابيا في حراكه الجديد بعدما انهى مسلسل الوحدة بين الاسلاميين، إلى أن يكون المرشح للاستحقاقات المقبلة من غير التيار الاسلامي، حيث أكد مصادر نقلا عن جرافة أن "الرئاسيات أكبر بكثير من الاسلاميين وهم مجتمعون فما بالكم وهم مشتتون". وللإشارة كان قد أبدى زعماء الأحزاب الإسلامية الفاعلة في الساحة الوطنية تخوفات بشأن عدم إمكانية تحقيق تكتل إسلامي تحسبا للانتخابات الرئاسية، بسبب العقبات التي قد تواجه تجسيد هذا المشروع، وتحاشوا الخوض في المسألة، لأنها ماتزال "مجرد فكرة".