عادت التخوفات لدى المواطن الجزائري، مع اقتراب شهر رمضان، من هاجس الارتفاع المفاجئ والجنوني للأسعار مع حلول هذا الموعد من كل عام، وسط تقاذف للمسؤولية بين الحكومة، والتجار، وجمعيات حماية المستهلك. في الوقت الذي يتكرر فيها سيناريو ارتفاع الاسعار مع كل رمضان، يأتي وزرائنا بتطمينات تفيد أنه لا نقص في المنتوج سواء الفلاحي أو من حيث التمويل بالمواد الغذائية، بين هذا وذاك يبقى المواطن في خط الوسط متسائلا عن سبب الغلاء، ليجد الجواب عند المسؤولين بتأكيدهم أنه "هو وحده سبب ارتفاع الاسعار"، و أرجعوا ذلك لثقافته الاستهلاكية، فهل هذا التفسير مقنع له ؟ وما هو الحل؟ وبين هذا و ذاك وجد المواطن نفسه مضطرا لحمل شعار "نريد حلولا عمليو لا شعارات". بن بادة: لن يكون أي مشكل تموين مرتبط بشهر رمضان أكد من المدية وزير التجارة مصطفى بن بادة بالمدية أنه لا وجود لأي مشكل تموين بالمواد الغذائية خلال شهر رمضان وأن السوق الوطنية تعرف حاليا فائضا من حيث العرض. و صرح الوزير أثناء تفقده لورشات إنجاز أسواق جوارية بمنطقتي المدية و البرواقية أنه تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تموين الأسواق بالمواد الغذائية خلال الشهر الكريم ومواجهة الطلبات المعبر عنها بهذه المناسبة. و قال بن بادة في هذا السياق " إننا سجلنا فائضا في العرض يتراوح بين 10 و15 بالمائة و هو ما يسمح باستقبال شهر الصيام في ظروف حسنة" لافتا الى أنه يبقى" ربح معركة الأسعار" داعيا العائلات إلى الاستهلاك " العقلاني" خلال هذه الفترة التي يرتفع فيها الطلب بشكل واسع و"تجنب التبذير". و أعلن من جهة أخرى أن برنامج القضاء على التجارة غير الشرعية الذي سطرته الحكومة من شأنه أن يكلل بعد أشهر بامتصاص نسبة 80 بالمائة من هذه الممارسة التجارية التي تلحق الضرر باقتصاد البلاد. بن عيسى: وفرة المنتوجات الفلاحية في السوق ستكون مضمونة خلال رمضان أكد أمس الأول وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى بتيارت، أن وفرة المنتوجات الفلاحية في السوق المحلية ستكون مضمونة خلال شهر رمضان وذلك "بفضل عمل ومجهودات الفلاحين في مجال تحسين مردود الخضر والفواكه". وصرح بن عيسى خلال لقاء صحفي على هامش زيارته التفقدية للولاية، "تم تسجيل وفرة كبيرة للمواد الفلاحية في مختلف أسواق الوطن طيلة السنة ، وهذا يعكس مجهودات القطاع فيما يتعلق بضمان مرافقة دائمة للفلاحين وكذا الإجراءات المتخذة التي تخص التخزين لاسيما بالنسبة للمنتوجات الإستراتيجية ذات الاستهلاك الواسع". مشيرا إلى أن "السقي الفلاحي سيشهد تطورا كبيرا خلال المواسم المقبلة وذلك بفضل تسخير كل مصادر المياه من سدود وحواجز مائية، لفائدة القطاع" لافتا الى أنه "بعد الانتهاء من تجسيد برامج تزويد العديد من الولايات بمياه محطات تحلية مياه البحر سيكون في متناول القطاع مصادر مياه إضافية". من جهة أخرى ولدى عقده للقاء مع فلاحين وإطارات القطاع بالولاية كشف السيد بن عيسى عن برنامج جديد ستشرع دائرته الوزارية في تجسيده خلال الموسم الفلاحي المقبل والمتضمن مكافحة الأعشاب الضارة ومختلف الأمراض التي تصيب المحاصيل الزراعية عن طريق استخدام الطيران. كما سيشرع في تجسيد خلال السنة الجارية "برنامجا خاصا يرمي إلى تثمين فضاءات الرعي بمختلف مناطق الوطن والذي يشمل ضمان تسيير جيد لهذه المساحات وكذا مرافقة المربين من حيث توفير الأعلاف والأدوية لرؤوس الأغنام والماعز". جمعية حماية المستهلك: المواطن أصبح لا يثق في تطمينات المسؤولين وردًا على تطمينات المسؤولين بشأن "استقرار الأسعار ووفرة الإنتاج " خلال رمضان، قال مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك فرع العاصمة إن المواطن أصبح لا يثق في هذه التطمينات التي تتكرر كل سنة، لكن لما يحل شهر رمضان يكتوي بمشكلة الارتفاع الجنوني للأسعار. وبحسب رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي، فإن هناك مشكلة ثقة بين المواطن والسلطات، وإذا كانت الحكومة اتخذت فعلاً تدابير لضبط السوق سننتظر شهر رمضان لمعرفة نتائج هذه الإجراءات وانعكاسها على الواقع، لأن نفس الكلام يقال كل سنة والواقع شيء آخر وقانون السوق في الجزائر لا يسير بحيثيات العرض و الطلب. وأضاف: "الوزير أكد أن المستهلك له دور في ارتفاع الأسعار بسبب وجود إقبال غير مبرر على السلع عشية رمضان، لكن للأمر ما يبرره لأن المواطن فقد الثقة في السوق وبالتالي يبقى دائمًا هاجس الندرة يؤرقه بشكل يجعله يحتاط للأمر". واعتبر زبدي أن "الأمر واضح فهناك جشع من التجار في شهر رمضان يقابله غياب للرقابة من السلطات بشكل يفقد السوق توازنه، ويخلق مشاكل الندرة، ومعها بشكل آلي ارتفاع جنوني للأسعار". وأشار، إلى أن السوق عندنا يحكمه قانون الغاب، فسعر السلعة يتضاعف بشكل كبير بين المنتج والمستهلك، حيث يمر بسلسلة طويلة من الوسطاء قبل وصوله للمواطن في ظل غياب الرقابة.