كلما نظر صاحب المصيبة إلى حال غيره من المصابين هان عليه ما هو فيه، ورأى لطف الله تعالى به. والمؤمن أولى الناس بذلك، فإنه مهما كان المصاب فهو على غنم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن. المؤمن الحقيقي تراه يحمد الله أن جعل مصيبته في دنياه لا في دينه، بل ترى بعضهم يشهد في ذلك المقام، فيعلم أنه وإن أعسر شهراً فقد أيسر دهراً، وإن مارس الشدة أياماً، فقد لابس النعمة أعواماً، على ثقة من أن ساعة الضراء تزول، كما أن مدة السراء قد تحول، وكما لم تثبت نوبة المنحة، فلن تلبث نوبة المحنة، فما أعظم طمأنينة قلب من كان هذه حاله، وهنيئاً له الفوز بالدرجات العلى يوم القيامة. فالفزع إلى الله جل وعلا عند نزول المصائب يربط على القلب، ويقرب من الرب، ويخفف من وطأة المصيبة على النفس، وهو دأب الصالحين. إننا بحاجة في واقعنا المعاصر إلى أهل علم راسخين ينظرون بنور الله في الأمور، ثم يبصرون بنور الله أهل العمى، ويثبتون فلا تصرفهم عن ذلك شناعة شنعت، عندها يجعل الله منهم أئمة وقادة لسفينة الحياة، وعندها يرسى الناس عند شاطئ السلامة وبر النجاة. بفضل إتباعهم الذين يعلمون من الله ما لا يعلمون.